واشنطن – تمكن فريق من الباحثين من تحقيق إنجاز علمي جديد قد يساهم في إبطاء ظهور علامات الشيخوخة على البشر.

ونجح فريق علمي في كشف آلية تكوين الجلد من الخلايا الجذعية داخل الجسم، وتمكنوا من إنتاج كميات صغيرة من الجلد البشري داخل المختبر. يُعد هذا البحث جزءًا من مشروع عالمي يهدف إلى فهم تكوين أعضاء جسم الإنسان على مستوى الخلية الواحدة.

إلى جانب إمكانية مكافحة الشيخوخة، تفتح هذه النتائج آفاقًا لتطوير جلد صناعي يمكن زرعه لتجنب تكوّن الندوب. المشروع، المعروف بـ”أطلس الخلايا البشرية”، يتم تنفيذه تحت إشراف معهد ويلكوم سانجر في كامبريدج، ويُعتبر أحد أبرز الجهود العلمية في هذا المجال.

وصرّحت البروفيسورة مزليفة حنيفة، إحدى المشرفات على المشروع، بأن هذه الأبحاث قد تؤدي إلى تحسين علاجات الأمراض، وتوفير طرق جديدة للحفاظ على صحة الإنسان ومظهره الشاب.

وأوضحت أن فهم تطور الخلايا الجلدية من مراحلها الجنينية الأولى إلى مراحلها المتقدمة يمكن أن يُستخدم لإيجاد حلول لتجديد الأنسجة البشرية، مثل جعل الجلد والقلب أصغر عمرًا.

وأضافت، “إذا تمكنا من التلاعب بالجلد ومنع الشيخوخة، فسوف يكون لدينا عدد أقل من التجاعيد”.

وأوضحت مزليفة أنه إذا تمكنا من فهم كيفية “تغير الخلايا” من تطورها الأولي إلى الشيخوخة في مرحلة البلوغ، سيكون بالإمكان وقتها المحاولة والتساؤل، “كيف يمكنني تجديد الأعضاء، وجعل القلب أصغر في العمر، وكيف يمكنني جعل الجلد أصغر أيضاً؟”

ورغم ان هذه الرؤية بعيدة بعض الشيء فان الباحثين يحرزون تقدماً، وأحدث ما توصلوا إليه هو فهمهم لكيفية تطور خلايا الجلد في الجنين خلال المرحلة المبكرة من نمو حياة الإنسان.

عندما يتم تخصيب البويضة لأول مرة تكون الخلايا البشرية كلها متشابهة. ولكن بعد ثلاثة أسابيع، تنشط جينات معينة داخل ما يسمى “الخلايا الجذعية”، وتنقل التعليمات حول كيفية التخصص والتكتل معاً لتشكيل أجزاء مختلفة من الجسم.

حدد الباحثون الجينات التي يتم تنشيطها ومتى يحدث هذا والمكان الذي يحدث فيه، لتشكيل أكبر عضو في الجسم، وهو الجلد.

تبدو هذه الجينات تحت المجهر وبعد معالجتها بالمواد الكيميائية وكأنها أضواء براقة صغيرة.

الجينات التي تتحول إلى اللون البرتقالي تشكل سطح الجلد. والبعض الآخر باللون الأصفر يحدد لونه وهناك العديد من الجينات الأخرى التي تشكل الهياكل الجلدية الأخرى التي ينمو عليها الشعر، وتمكننا من التعرق وحمايتنا من العالم الخارجي.

لقد حصل الباحثون على مجموعة التعليمات اللازمة لإنشاء جلد بشري، ونشروها في مجلة نتشر.

أظهر البحث أن الجلد الجنين يلتئم دون ندوب، وهو اكتشاف يمكن أن يُستخدم لتطوير طرق علاجية للبالغين تجعل أنسجتهم تُشفى بنفس الطريقة.

 كما كشف العلماء أن الخلايا المناعية تلعب دورًا رئيسيًا في تكوين الأوعية الدموية بالجلد، وتمكنوا من محاكاة هذه العملية مخبريًا لإنتاج جلد صناعي يحتوي على شعيرات صغيرة.

استخدم العلماء المواد الكيميائية لتشغيل الجينات وإيقافها في الوقت المناسب وفي الأماكن المناسبة لتطوير الجلد صناعياً من الخلايا الجذعية.

حتى الآن، قاموا بتطوير كتل صغيرة من الجلد، والتي نبتت منها شعيرات صغيرة.

تهدف هذه التقنية، وفقًا للبروفيسورة مزليفة، إلى استخدامها لعلاج الحروق وإعادة نمو الشعر لمن يعانون الصلع. كما يمكن الاستفادة منها في فهم تطور أمراض الجلد الوراثية واختبار علاجاتها. وقد تم نشر هذه الاكتشافات في مجلة Nature، ما يعكس أهمية النتائج وتطبيقاتها العملية.

يمثل مشروع أطلس الخلايا البشرية تطورًا مهمًا في علم الأحياء، حيث تمكن العلماء خلال ثماني سنوات من تحليل 100 مليون خلية من أجزاء مختلفة من الجسم، مع وضع أطالس فردية تشمل الدماغ والرئة، والعمل جارٍ على الكلى والكبد والقلب. الهدف التالي هو دمج هذه الأطالس لتقديم فهم شامل لتكوين الجسم البشري، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة صياغة العلوم التشريحية والوظيفية.