الرياض – تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق تحول اقتصادي جذري ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الإيرادات. يعد قطاع التعدين من أبرز المجالات التي تركز عليها المملكة لتحقيق هذا التحول، حيث يسهم بشكل كبير في جذب الاستثمارات وتنمية الاقتصاد المحلي. 
وفي خطوة جديدة نحو تحقيق هذه الأهداف، منحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، مؤخرًا، تراخيص للتنقيب عن المعادن لعدد من الشركات المحلية والدولية، وهو ما يعكس التزام المملكة بتطوير هذا القطاع الحيوي.
وأعلنت وكالة الأنباء السعودية أن الشركات التي حصلت على تراخيص التنقيب تشمل “فيدانتا” الهندية، وتحالف “عجلان وإخوانه” مع شركة “زيجين ماينينج” الصينية. تغطي التراخيص التي تم منحها أول حزمة تعدين في المملكة، بمساحة 4788 كيلومترًا مربعًا في منطقتين رئيسيتين: جبل صائد بالمدينة المنورة، ومنطقة الحجار في عسير. 
وتُعد هذه المواقع غنية بالمعادن الأساسية والثمينة مثل النحاس والزنك والذهب والفضة، مما يفتح الأفق لاستغلال موارد طبيعية ضخمة لم تُستغل من قبل بشكل كامل.
وتستهدف المملكة من خلال هذا القطاع جذب استثمارات ضخمة، حيث يقدر أن الشركات ستنفق حوالي 366 مليون ريال سعودي (حوالي 97.59 مليون دولار) على عمليات التنقيب خلال السنوات الثلاث المقبلة. يعكس هذا التوجه الحكومي اهتمام المملكة بتطوير هذه الصناعة وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني، إذ أن التعدين يعد من الصناعات التي لا تعتمد على النفط بشكل مباشر وتساهم في تقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار النفط.
ويعتبر قطاع التعدين ركيزة أساسية ضمن رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى جذب استثمارات أجنبية بقيمة 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن يسهم التعدين في تحقيق هذا الهدف من خلال توفير فرص عمل جديدة ودعم التنوع الاقتصادي. وقد بدأت المملكة في منح تراخيص لشركات التعدين العالمية منذ عام 2022، ما يعكس انفتاح المملكة على الشركات العالمية واستعدادها لتطوير البنية التحتية لقطاع التعدين بما يتماشى مع أحدث المعايير العالمية.
وفي إطار جهود المملكة لتطوير قطاع التعدين، رفعت السعودية تقديراتها لقيمة مواردها المعدنية غير المستغلة إلى 2.5 تريليون دولار، مقارنة بتوقعات سابقة في عام 2016 كانت تبلغ 1.3 تريليون دولار. هذه الزيادة تشير إلى الإمكانات الضخمة التي يمتلكها القطاع في تحفيز النمو الاقتصادي بعيدًا عن النفط. 
ومن المعروف أن المملكة تمتلك موارد معدنية ضخمة، مثل الفوسفات، الذي يُعتبر من أبرز معادنها الاستراتيجية، بالإضافة إلى الذهب والمعادن النادرة التي تزداد الحاجة إليها في الصناعات الحديثة.
وتسعى المملكة من خلال قطاع التعدين إلى تحسين التنوع الاقتصادي، حيث يتوقع أن يسهم القطاع في خلق فرص عمل جديدة، خاصة في المناطق التي تقع فيها مواقع التعدين. كما أن تطوير هذا القطاع يعزز من جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية في ظل النمو العالمي المستمر في الطلب على المعادن الأساسية.