الصالح نيوز :
أردوغان يختار طريق استبداد أشد خوفا من خسارة السلطة
أردوغان يختار طريق استبداد أشد خوفا من خسارة السلطة
الصالح نيوز :
أردوغان يختار طريق استبداد أشد خوفا من خسارة السلطة
أردوغان يختار طريق استبداد أشد خوفا من خسارة السلطة
باريس/أنقرة – تُجمع عدد من القراءات على أن الاحتجاجات في تركيا التي من المرجح أن تتسع أكثر وتذهب أكثر من كونها تنديدا باعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم امام أوغلو، أظهرت رغبة كبيرة في التغيير من جهة وكشفت في الوقت ذاته أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتجه لاستبداد أشد حفاظا على سلطته وأنه كلما ضاق عليه الخناق، زاد من وتيرة القمع تحت غطاء القانون الذي أعد على المقاس لجعل معارضيه في مرمى الاستهداف والتخوين وتحت سياط تهم الإرهاب والفساد، وهي تهم تؤكد المعارضة أنها سياسية وكيدية.
وسلطت تقارير إعلامية غربية وتركية الضوء على الخطر الذي بات يهدد سلطة أردوغان ونظامه وكيف أنه غير مستعد على الاطلاق للتجاوب مع دعوات التغيير بدليل تصعيد حملة القمع واعتباره أن المعارضة غير أهل لتحمل مسؤولية إدارة البلاد، في أحدث خطاب اتسم بالتشدد.
صحيفة لاكروا الفرنسية اختارت لافتتاحيتها عنوانا مثيرا في نفس سياق بعض القراءات الأخرى. وكتبت “في تركيا، الرئيس أردوغان يختار طريق الاستبداد”.
وقال كاتب الافتتاحية إن الرئيس التركي “يتصرف بهذا الشكل لأنه يرفض مغادرة السلطة. وبالنسبة للدول الأوروبية، يزداد المأزق التركي تعقيدا. هذا الجار القوي لا يكف عن الابتعاد سياسيا، بينما يظل عضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشريكا تجاريا مهما ويعتمد على جالية منفتحة ومنظمة للغاية. لذلك، إحدى الأولويات هي دعم المعارضين القريبين من المبادئ والقيم الأوروبية”.
وخلص إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان “سياسي خطير، لكنه ليس أبديا”، في إشارة إلى أنه لا يمكنه الاستمرار في الحكم إلى ما لا نهاية وهو تقدير من الكاتب لتطورات الوضع في تركيا ومآلاته.
ونقلت صحيفة ‘لوبينيون’ الفرنسية من جهتها عن ديدييه بيليون المدير المساعد لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) قوله إن “الاتهامات الموجهة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم امام أوغلو اتهامات سخيفة”.
واعتبرت الصحيفة أن الرئيس التركي حول النظام البرلماني إلى نظام رئاسي قوي وتحرر من الحريات المدنية المرتبطة بالديمقراطية.
وتحت عنوان “اعتقال إمام أوغلو يُشير إلى تحول تركيا إلى نظام استبدادي على الطراز الروسي” نشر موقع ‘الدقيقة التركية’ مقالا لعمر مراد المحلل السياسي والدبلوماسي التركي السابق الذي يقيم حاليا في ألمانيا، قدم فيه قراءة لأسباب اعتقال امام أوغلو وتداعيات استهداف أردوغان لأحد أكبر منافسيه السياسيين.
وقال “إن أسباب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، كما ذكر العديد من الخبراء المحليين والدوليين، لا علاقة لها بالتهم التي وجهها المدعي العام. وكما أشارت منظمة العفو الدولية، فإن اعتقال إمام أوغلو يمثل تصعيدا هائلا في حملة القمع المستمرة التي تشنها السلطات التركية على المعارضة السلمية واستهداف حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي وذلك قبل أيام قليلة من اختياره مرشحا رئاسيا.
وتابع أن السبب الأساسي للاعتقال هو أن شعبية إمام أوغلو قد نمت بشكل كبير، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للرئيس رجب طيب أردوغان. وقد خرج إمام أوغلو منتصرا في الانتخابات البلدية في ثلاث مناسبات، حيث يمثل كل انتصار انتكاسة كبيرة لأردوغان.
والجدير بالذكر أنه في الانتخابات البلدية لعام 2019، ألغى القضاء، تحت تأثير الحكومة، النتائج لأسباب مشكوك فيها ومع ذلك ساد إمام أوغلو في إعادة الانتخابات اللاحقة بهامش كبير.
وفي انتخابات عام 2024، كان فوز إمام أوغلو أكثر وضوحا، بهامش يزيد عن مليون صوت، على الرغم من استخدام أردوغان المكثف لآلته الدعائية لحشد الدعم لمرشح حزبه. وقد مثلت هذه النتائج الانتخابية أكبر هزائم أردوغان في حياته السياسية بأكملها. إسطنبول، المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في تركيا ومركزها المالي والثقافي، كانت تاريخيا بمثابة القاعدة السياسية لأردوغان. بدأ صعوده إلى السلطة بفوزه في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول عام 1994.
وقال عمر مراد، إن أسباب نجاح إمام أوغلو متعددة، فقد أثبت قدرته على استقطاب دعم يتجاوز حدود القاعدة الشعبية لحزب الشعب الجمهوري العلماني، الذي لا يشكل سوى أقل من 25 في المئة من الناخبين. يتمتع الرجل بالفطنة السياسية والكاريزما اللازمة للوصول إلى مختلف شرائح المجتمع، وهو إنجاز لم ينجح في تحقيقه أي زعيم تركي آخر في السنوات الأخيرة، باستثناء أردوغان.
وتمكن إمام أوغلو من استقطاب أصوات المحافظين والقوميين الأتراك والأكراد على حد سواء، مما يُظهر قدرته على تجاوز الانقسامات الحزبية.
ويُعدّ الاستقطاب المتزايد في المجتمع التركي عاملا رئيسيا في تحديد نتائج الانتخابات، لا سيما في ظلّ الانتصارات المدوية التي حققها أردوغان. تُشكّل مواجهة مرشح قويّ وذو شعبية واسعة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2028 تحديا كبيراً لزعيم حزب العدالة والتنمية. وقد أشارت العديد من استطلاعات الرأي إلى فوز إمام أوغلو على أردوغان في الانتخابات الرئاسية بفارق كبير. وقد بات من الواضح الآن أن أردوغان غير مستعدّ للسماح لمرشح ذي فرصة حقيقية لهزيمته بالترشح ضده.
ومع ذلك، من الضروري إدراك أن حزب الشعب الجمهوري يتحمل أيضًا مسؤولية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، الذي انتُخب بأغلبية 4.5 ملايين صوت، وعزله بسهولة من منصبه لأسباب واهية. منذ الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016، فصل نظام أردوغان عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية، بمن فيهم كبار الموظفين والقضاة والدبلوماسيين والأكاديميين والمعلمين والأطباء، بتهم إرهاب مماثلة من خلال سلسلة من المراسيم الحكومية وقد سُجن العديد من هؤلاء الأفراد لسنوات وللأسف، أبدى حزب الشعب الجمهوري باستمرار ميلا قويا للتغاضي عن هذه الإجراءات التي يتخذها نظام أردوغان.
تعرّض رد فعل حزب الشعب الجمهوري على استغلال النظام لقوانين مكافحة الإرهاب لانتقادات لانتقائيته الظاهرة، إذ لوحظ أنه لا يتفاعل بصرامة أكبر إلا عندما تُوجّه هذه القوانين ضد مؤيديه.
ومن الأمثلة البارزة على هذا النهج الانتقائي رد فعل حزب الشعب الجمهوري على ضحايا ذلك القانون الذين يرتبط العديد منهم بحركة غولن الدينية، ولكن بعضهم أيضًا ليبراليون وأكراد. وكان موقف الحزب هو إعادة من برّأتهم المحاكم إلى مناصبهم السابقة.
يقوم هذا الموقف على افتراض أن المحاكم، تحت تأثير أردوغان، ستكون قادرة على اتخاذ القرارات التي يقتضيها القانون. ومع ذلك، في كثير من الحالات، لا يُسمح لهذه المحاكم حتى بتنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهو مطلب دستوري عادةً.
وتشير التقديرات إلى أن أقل من واحد من كل 10 ضحايا قد برّأتهم المحاكم. إذا كان حزب الشعب الجمهوري سيتبنى نهجا مشابها الآن من أجل الحفاظ على الاتساق، فعليه توضيح ما يلي: إذا برأت المحاكم إمام أوغلو من التهم الموجهة إليه، فعليه العودة إلى منصبه ثم الترشح كمرشح رئاسي وبالتالي من الضروري مواجهة المستبدين الشعبويين مثل أردوغان، بنهج سياسي يتوافق مع مبادئ الفرد وقيمه. ومن الضروري الامتناع عن محاكاة تكتيكاتهم، حيث من المرجح أن تحظى هذه الاستراتيجية باحترام ودعم مجموعة متنوعة من الفئات المجتمعية.
وباعتقال إمام أوغلو، دخل النظام بلا شك مرحلة جديدة. بات واضحا أن النظام يقوده مستبد يتصرف كما لو كان مُنتخبا مدى الحياة. بتعامله مع “مشكلة إمام أوغلو” بهذه الطريقة، يعتقد أردوغان أنه يستطيع من الآن فصاعدا التلاعب بنخب المعارضة باستخدام الحوافز والإكراه، وبالتالي الحفاظ على الوضع الراهن. مع ذلك، برأيي، لن تنخدع القاعدة الأوسع للمعارضة بعد الآن بـ”مسرحية الديمقراطية”.
وتتضمن استراتيجية أردوغان الانتخابية بحسب الدبلوماسي التركي السابق والمحلل السياسي، ببث الخوف في قاعدته من خلال تصوير المعارضة على أنها تهديد لحكمه، وبالتالي ضمان دعمهم الانتخابي.
ومع إزالة إمام أوغلو، أصبح غياب معارضة سياسية هائلة قادرة على تحدي أردوغان في العملية الانتخابية واضحًا بشكل متزايد. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يفقد زعيم حزب العدالة والتنمية نفوذه الحاسم لاستقطاب المجتمع وتوطيد قاعدته القومية المحافظة من خلال الادعاء بأنه “إذا لم تصوتوا لي، فسيصل العلمانيون والأكراد إلى السلطة”.
من المرجح أن تتآكل مصداقية هذه الرواية بسرعة ومن المرجح أن يواجه النظام تحديات كبيرة في المستقبل القريب. من المرجح أن يؤدي قمع المعارضة الاجتماعية، إلى جانب غياب معارضة فعالة، إلى حدوث أزمات اقتصادية وسياسية غير متوقعة، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام بأكمله.
من الواضح أن طموح أردوغان في محاكاة نظام استبدادي على غرار بوتين قد تحقق تقريبا باعتقال إمام أوغلو. ومع ذلك، وعلى عكس روسيا، فإن تركيا ليست دولة غنية بالطاقة والموارد الطبيعية، مما يستلزم جذب الاستثمارات الأجنبية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
غالبًا ما تخفف المجتمعات من مطالبها الديمقراطية عند تلبية توقعاتها الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تآكل سيادة القانون والديمقراطية في ظل قيادة أردوغان أدى إلى تحديات كبيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا، مما فاقم المشاكل الاقتصادية المستمرة.
وقد ساهم هذا في تراجع شعبيته، ولا يمتلك زعيم حزب العدالة والتنمية الموارد المالية الكافية، مثل بوتين، لتهدئة السخط العام. وكان اضطراب السوق الأسبوع الماضي نذيرا لما هو آتٍ. واضطر البنك المركزي التركي إلى إنفاق 11.5 مليار دولار في يوم واحد لدعم الليرة المتدهورة بعد اعتقال إمام أوغلو.
إن قدرة الرجل القوي على تحييد خصومه السياسيين معروفة. ومع ذلك، يبدو أنه يفتقر إلى كفاءة مماثلة في إدارة الاقتصاد بفعالية، وهو عيب لم يغب عن أذهان الشعب الذي يُعاني من تداعيات أزمة اقتصادية خانقة.
الصالح نيوز :
أردوغان يختار طريق استبداد أشد خوفا من خسارة السلطة
الصالح نيوز :
أردوغان يختار طريق استبداد أشد خوفا من خسارة السلطة
#أردوغان #يختار #طريق #استبداد #أشد #خوفا #من #خسارة #السلطة
