موقع الصالح : الذكاء الاصطناعى.. حلول جديدة لتسريع العمل الحكومى

تسعى الحكومات حول العالم إلى التخلص من التعقيدات البيروقراطية التي تعيق كفاءة الأداء الحكومي وتؤثر على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وفي هذا الإطار برز الذكاء الاصطناعي الوكيل Agentic AI كأداة فعالة لتحديث الإدارة العامة، عبر أتمتة المهام الروتينية وتحسين عملية صنع القرار، مما يتيح للمسؤولين التركيز على القضايا الاستراتيجية والتفاعل المباشر مع المواطنين.

ومع تزايد حجم المسؤوليات، أصبح من الضروري الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتخفيف الضغط على المسؤولين وتعزيز كفاءة العمل الحكومي.

وتبرز تجارب ناجحة في هذا السياق، حيث طور ضابط هندي أنشومان راج نظامًا ذكاءً اصطناعيًا لاكتشاف الآبار المفتوحة، ما ساهم في منع الحوادث التي تهدد حياة الأطفال، كما أشار ياشبال سينج تومار، مدير RailTel، إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في إدارة الوثائق والبيانات أدى إلى زيادة كبيرة في الإنتاجية.

على المستوى الدولي، حققت عدة دول نجاحات بارزة في توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي، ففي الولايات المتحدة، استخدمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الأتمتة الذكية لتقليص وقت معالجة الطلبات بنسبة 93%، مما وفر 5200 ساعة من العمل اليدوي.

أما في السويد، فقد أدى تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى تسريع الموافقات على المزايا الاجتماعية، بينما اعتمدت سنغافورة حلولًا رقمية لتبسيط إجراءات إصدار التصاريح الحكومية.
وفي جاكرتا، تم توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطقس ووسائل التواصل الاجتماعي، ما مكّن السلطات من توقع الفيضانات واتخاذ تدابير استباقية لحماية السكان، ويمكن تطبيق نهج مماثل في العديد من الدول لمواجهة تحديات مثل تفشي الأمراض، ونقص المياه، ومعدلات الجريمة، مما يحول دور القاضي الإداري من مستجيب للأزمات إلى مخطط استراتيجي.

رغم تعدد حلول الذكاء الاصطناعي المتاحة، إلا أن استخدامها بشكل منفصل يؤدي إلى تجزئة البيانات وازدواجية الجهود، ما يعوق تحقيق تحول رقمي متكامل، لذلك تتجه الحكومات نحو تطوير منصات ذكاء اصطناعي موحدة يمكنها تنفيذ المهام الإدارية بسلاسة، من خلال تبادل البيانات بين الأنظمة المختلفة وتعزيز الشفافية والكفاءة في العمل الحكومي.

وتشكل الأنظمة الحالية، مثل eOffice الذي طوره المركز الوطني للمعلوماتية NIC في الهند لإدارة الملفات إلكترونيًا، قاعدة يمكن البناء عليها لتطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي متقدمة تخدم المسؤولين الحكوميين وتساعدهم في أداء مهامهم بشكل أكثر كفاءة.

ورغم الفوائد الكبيرة لهذه التكنولوجيا، فإن استخدامها في الإدارة العامة يجب أن يتم بحذر، مع وضع ضوابط لضمان العدالة والشفافية، فمن الضروري أن يظل المسؤولون البشريون في دائرة صنع القرار، مع وجود آليات لمراجعة قرارات الذكاء الاصطناعي لضمان دقتها وعدم تحيزها.

يمثل دمج الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي خطوة ضرورية نحو تحسين كفاءة العمل الإداري وتقديم خدمات أفضل للمواطنين، وبينما تظهر التجارب الناجحة إمكانيات هائلة لهذه التكنولوجيا.