الرياض – تشهد المسلسلات السعودية خلال الموسم الرمضاني الحالي تنوعا على مستوى الطرح حيث تحاول المراوحة بين الدراما والكوميديا، وتركز في بعض من هذه الأعمال على التراث والقضايا الاجتماعية المعاصرة، وفي بعضها الآخر تستند إلى أعمال روائية وكتب شهيرة أو أحداث وقصص واقعية.

ومن بين هذه الأعمال المسلسل الكوميدي “يوميات رجل عانس” الذي يتطرّق إلى تأخّر سنّ الزواج لدى الرجال، وهو عمل مأخوذ عن رواية “مذكرات رجل سعودي عانس” للكاتب وليد خليل.

ويضم المسلسل وهو من كتابة مشتركة لورشة كتاب تحت إدارة المؤلف نواف المهنا وإخراج عبدالرحمن السلمان وإنتاج “إم بي سي ستوديوز”، نخبة من النجوم بينهم إبراهيم الحجاج، سعيد صالح (حمد)، محمد القحطاني، فاطمة الشريف، فتون الجارالله، نجلاء العبدالله، ريم صفية، آيدا القصي (أروى)، حكيم جمعة (عصام)، نواف الشبيلي (ماجد)، فيصل الزهراني، وفيصل الدوخي.

وتدور أحداث المسلسل حول قصة الشاب “عبدالله” (يجسده النجم السعودي إبراهيم الحجاج) الذي يتجاوز سن الزواج المعتاد، مما يجعله عرضة للعديد من الضغوط العائلية والمجتمعية التي تحثه على الزواج، وتحاول والدته “لطيفة” (تؤدي دورها الفنانة فاطمة الشريف) والمقربون منه مساعدته للعثور على زوجة مناسبة، لكنه يحاول التهرب بطرق مختلفة.

وأعرب المخرج الكويتي عبدالرحمن السلمان عن سعادته بمشاركة متابعيه أول عمل يخرجه في المملكة العربية السعودية، قائلا عبر حسابه على إنستغرام “فخور جداً وممتن لكل من كان جزءاً من هذه الرحلة. أتمنى أن ينال العمل إعجابكم”.

وتمكن العمل الذي يعرض على قناة “إم بي سي” ومنصة شاهد من لافت الأنظار إليه، حيث أثار تفاعلا كبيرا على المنصات الاجتماعية بين المشاهدين وكذلك بين بعض الوجوه الفنية على غرار بطلة المسلسل السعودي “شارع الأعشى” إلهام علي التي قالت في تغريدة نشرتها على حسابها بموقع إكس “بالعادة اتفاعل معكم على عملي بس هالمره خلوني اقولكم عن عمل زملائي اللي جالسه أتابعه وحق علي اقولهم جميعا ما أجملكم.. أبدعتم”.

وتشير فاطمة الشريف التي تطل في شخصية أم عبدالله في المسلسل إلى أن الهدف الأول والأهم في العمل هو تزويج ابنها مهما كان الثمن، وتعيش في هذه الرحلة مواقف طريفة على امتداد الحلقات.

وجذب الثنائي فاطمة الشريف وإبراهيم الحجاج اللذين قدما علاقة الأم والابن بطريقة طبيعية وعفوية، انتباه متابعي “يوميات رجل عانس”، وحول ذلك تؤكد الشريف أن الكيمياء القوية بينهما جعلت المشاهد أكثر واقعية، حيث كان التفاهم بينهما تلقائيًا، حتى في المشاهد غير المكتوبة، مما جعلها تشعر فعلًا بأنه ابنها، كما أن قصة البحث عن عروس للابن التي تتكرر في كل بيت عربي، ساهمت في جعل المسلسل قريبًا من الجمهور.

وشددت فاطمة في تصريح لموقع “إي تي بالعربي” على أن نجاح العمل لم يكن مجرد صدفة، بل نتيجة لاختيار دقيق للأبطال والتناغم بينهم، مما جعل المسلسل من أكثر الأعمال الرمضانية تفاعلًا هذا العام، مشيدة بفريق العمل المتكامل والمخرج عبدالرحمن علي السلمان الذي أضفى لمسة إخراجية مميزة في أول تجربة له في الدراما السعودية.

وترى مغردة على إكس أن المسلسل يشكل “نقلة نوعية في الكوميديا السعودية الراقية”، قائلة “عمل ممتع.. الأحداث في كل حلقة مكثفة ومقنعة .. والشخصيات طبيعية وقريبة وتشبه معظم الأسر السعودية وأداء رائع للجميع وبالأخص عبدالله وأمه وأبوه”.

وقالت مغردة أخرى “الكوميديا حين تعكس قلق المجتمع.. يأتي مسلسل ‘يوميات رجل عانس’ ليُعيد صياغة هذا القلق في إطار كوميدي ناعم، بعيدًا عن الابتذال والمبالغة. العمل المستند إلى رواية اجتماعية، لا يقدم مجرد حكاية عن ‘عازب متأخر’، بل يفتح نافذة على تساؤلات وجودية حول مفهوم الزواج، والعائلة، والمكانة الاجتماعية، دون أن يفقد خفته وروحه الساخرة”.

وأوضحت أن “أعمال إبراهيم الحجاج السابقة كـ’سطار’ و’منهو ولدنا’ و’الخطة ب’ شهدت تكرارًا واضحًا في الأداء، حيث اعتمد على الإفيهات السريعة والطاقة الكوميدية الصاخبة. إلا أن ‘يوميات رجل عانس’ جاء ليكشف عن جانب أكثر نضجًا في أدائه هنا، نجد شخصية عبدالله محكومة بتوتر داخلي أكثر من كونها مجرد أداة للضحك. لم يعد الضحك يُنتَزع بالقوة، بل ينبع من الموقف نفسه، وهذا ما منح الحجاج مساحة جديدة لاستعراض طاقته التمثيلية الحقيقية”.

وكتب مغرد آخر تحت عنوان انطباعات “يوميات رجل عانس كوميديا ممتعة رغم التكرار”، مضيفا “يأتي المسلسل كأحد الأعمال القليلة التي تحمل راية الكوميديا هذا الموسم… في وقت باتت فيه هذه النوعية من الإنتاجات أقل حضورًا مقارنة بالسنوات الماضية. قد يعود هذا التراجع إلى ابتعاد المنتجين عن القوالب التقليدية التي ترسخت في الذاكرة الشعبية، خاصةً تأثير طاش ما طاش، الذي ظل لفترة طويلة النموذج شبه الإلزامي لأي مسلسل كوميدي سعودي. ومع هذا التحول، بات واضحًا أن الكوميديا لم تعد تحظى بنفس الأولوية عند صناع الدراما كما كان الحال في السابق”.

وأكد أنه “رغم قلة الخيارات، إلا أن يوميات رجل عانس كان الأفضل بين ما قُدِّم هذا الموسم”، مشيرا إلى أن “أحد أبرز نقاط قوته كان الأداء التمثيلي، خاصة من إبراهيم الحجاج وفاطمة الشريف، اللذين شكّلا ثنائية مميزة عززت جاذبية العمل”.

واعتبر أنه “إلى جانب التمثيل، برزت لمسات المخرج عبدالرحمن السلمان الذي نجح في خلق طابع كوميدي متوازن يجمع بين العفوية والسلاسة، مما منح المسلسل طابعًا أكثر انسجامًا وحيوية. استطاع توظيف التفاعلات بين الشخصيات لخدمة الكوميديا، مقدمًا المواقف بطريقة طبيعية خالية من التكلف. كما انعكس أسلوبه في توجيه الممثلين على الأداء العام، حيث أخرج منهم كوميديا مرنة ومتزنة عززت جاذبية المشاهد، وجعلت التجربة أكثر متعة وتأثيرًا على المشاهدين”.

إلا أنه يرى أن أسلوب السرد كان من أبرز نقاط ضعف العمل، حيث لم يحرص صناع العمل عند اختيارهم تقديم حلقات منفصلة على تنويعها بالشكل الكافي لجعل كل حلقة تجربة مستقلة تمامًا، فمع تقدم الحلقات، بدا أن بعضها يعيد صياغة نفس الأفكار بشكل متكرر، مما جعل المسلسل يفقد شيئًا من بريقه، خاصةً مع غياب التطور في الشخصيات أو الحبكة العامة.

وباتت المسلسلات السعودية خلال السنوات القليلة الماضية تفرض نفسها بقوة على المشهد الدرامي وسوق الإنتاج، وهذا العام دخلت شركات إنتاج كبيرة السوق السعودي ومن بينها شركة “إيغل فيلمز” اللبنانية التي صورت في الرياض “يوميات رجل عانس”، وهو ما قد يفتح وفق ما يتوقعه نقاد شهية شركات إنتاج عربية أخرى للعمل في السعودية خاصة وأن المملكة تمنح تسهيلات مالية كبيرة لصناع الدراما والسينما الراغبين في تصوير أعمال سعودية أو تصوير أعمالهم على أرض المملكة.

ويعود الفضل في نجاح الأعمال السعودية في السنوات الأخيرة في تبوء مكانة على الشاشات المحلية والعالمية إلى الانفتاح الذي يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية “السعودية 2030” التي تعمل على إحداث مجموعة من التغييرات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.