لندن – كشف علماء بريطانيون عن علاج جديد قد يُحدث تحولًا جذريًا في علاج مرضى الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وتوصل فريق من كينغز كوليدج لندن إلى تطوير علاج يعتمد على حقن الأجسام المضادة بعقار “بنراليزوماب”، الذي أظهر نتائج واعدة في علاج مرضى الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، مع إمكانية تقليل الحاجة إلى العلاجات الإضافية بنسبة تصل إلى 30 بالمئة.

يُتوقع أن يصبح هذا العلاج متاحًا على نطاق واسع خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يمثل نقطة تحول في مجال علاج هذه الأمراض التنفسية المزمنة.

العلاج الجديد يتميز بقدرته على تحسين الأعراض مثل السعال وضيق التنفس بشكل ملحوظ مقارنة بالعلاجات التقليدية بالستيرويدات، التي رغم فعاليتها في تقليل الالتهابات، إلا أنها قد تتسبب في آثار جانبية خطيرة مثل مرض السكري وهشاشة العظام.

الدراسة، التي قادها باحثون من كينغز كوليدج لندن بمشاركة 158 مريضًا، أظهرت أن استخدام “بنراليزوماب” بجرعات أكبر خلال نوبات الربو كان أكثر فعالية في منع فشل العلاج وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفى أو العلاج الإضافي. كما أن الحقن يمكن تقديمها في المنزل أو في عيادات الأطباء، مما يسهم في تحسين جودة حياة المرضى وتقليل معدلات الوفاة المرتبطة بهذه الأمراض.

وصفت البروفيسورة منى بافضل، الباحثة الرئيسية في الدراسة، هذا العلاج بأنه تحول كبير في علاج أمراض الربو والانسداد الرئوي المزمن، مشيرة إلى أنه يُستخدم حاليًا لعلاج الربو الشديد، ولكن الجرعات الأكبر أثبتت فعاليتها خلال النوبات الحادة.

رغم أن الدراسة نالت ترحيبًا كبيرًا من المؤسسات الصحية، مثل مؤسسة الربو والرئة في المملكة المتحدة، إلا أنها سلطت الضوء على نقص التمويل المخصص لأبحاث صحة الرئة، إذ لم يشهد هذا المجال علاجات جديدة منذ أكثر من نصف قرن.

تجدر الإشارة إلى أن الدراسة تم تمويلها من قبل شركة أسترازينيكا، التي طورت العقار، لكنها لم تشارك في تصميم التجربة أو تحليل نتائجها، مما يضمن مصداقية النتائج ويعزز الآمال في توفير العلاج للملايين خلال المستقبل القريب.

والربو هو مرض تنفسي مزمن يصيب الشعب الهوائية في الرئتين، مما يؤدي إلى التهابها وتضييقها بشكل يجعل التنفس صعبًا. يتميز هذا المرض بنوبات متكررة من السعال، وضيق التنفس، والصفير، والشعور بالثقل في الصدر.

يمكن أن تتفاوت شدة الأعراض بين شخص وآخر، حيث تكون بعض الحالات خفيفة ومؤقتة، بينما يعاني آخرون من نوبات شديدة قد تهدد الحياة.

وغالبًا ما ترتبط نوبات الربو بالتعرض لمهيجات مثل الغبار، وحبوب اللقاح، ودخان السجائر، أو نتيجة للعدوى الفيروسية والإجهاد البدني.

يعتمد العلاج على التحكم في الأعراض وتقليل الالتهاب باستخدام الأدوية مثل الستيرويدات المستنشقة وأدوية التوسيع السريع للشعب الهوائية، مع التركيز على تجنب المحفزات.

وإدارة الربو بشكل صحيح تمكن المرضى من العيش حياة طبيعية ونشطة، لكن الأبحاث مستمرة لتحسين العلاجات وتقليل الأعراض على المدى الطويل.

يعد الربو من أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا، حيث يعاني منه أكثر من 262 مليون شخص حول العالم، ويسبب حوالي 455,000 حالة وفاة سنويًا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

تشير التقديرات إلى أن 80 بالمئة من الوفيات المرتبطة بالربو يمكن الوقاية منها إذا تم تحسين التشخيص والعلاج. إضافة إلى ذلك، يشكل المرض عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على أنظمة الرعاية الصحية حول العالم، ما يبرز أهمية الأبحاث لتطوير علاجات أكثر فعالية وتحسين سبل الوقاية والإدارة.