سيول – اكتشف الباحثون أن كل ساعة يقضيها الشباب أمام الشاشات تزيد من احتمالية إصابتهم بقصر النظر، حيث يحذر الخبراء من ضرورة تقليل استخدام الأطفال الصغار للأجهزة الرقمية وقضاء وقت أطول في الهواء الطلق.

يحدث قصر النظر نتيجة استطالة مفرطة لمقلة العين، وهو مشكلة متزايدة، إذ تشير الأبحاث إلى أن حوالي 40 بالمئة من الأطفال والمراهقين في العالم قد يعانون من هذه الحالة بحلول عام 2050.

ورغم أن العوامل الوراثية تلعب دورًا في تحديد من سيصاب بقصر النظر، فإن هناك عوامل أخرى تزيد من المخاطر، مثل عدم قضاء وقت كافٍ في الخارج والتركيز على الأشياء القريبة لفترات طويلة، وهو ما قد يفسر العلاقة بين زيادة وقت الشاشة وارتفاع خطر الإصابة بقصر النظر وشدته.

الآن، يقول باحثون في كوريا إنهم سلطوا مزيدًا من الضوء على هذه العلاقة من خلال تحليل 45 دراسة شملت 335.524 مشاركًا، تناولت استخدام الأجهزة الرقمية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الألعاب والتلفزيون. وتُظهر النتائج، التي استندت في الغالب إلى بيانات من الأطفال والمراهقين والشباب، أن كل ساعة إضافية من وقت الشاشة يوميًا ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بقصر النظر بنسبة 21 بالمئة في المتوسط.

وقال البروفيسور كريس هاموند من كلية كينغز في لندن، وهو استشاري في طب العيون ولم يكن مشاركًا في الدراسة، إنه بناءً على انتشار قصر النظر بنسبة 15 بالمئة تقريبًا بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عامًا في المملكة المتحدة، فإن البحث يشير إلى أن خطر إصابة الطفل بقصر النظر يرتفع إلى 18 بالمئة إذا استخدم الشاشة لمدة ساعة يوميًا، وإلى 27 بالمئة بعد أربع ساعات.

وأضاف الفريق الكوري أنه بالنسبة لأولئك الذين يعانون بالفعل من الحالة، فإن ساعة إضافية من وقت الشاشة يوميًا تزيد من احتمالية تفاقم قصر النظر بنسبة 54%.

وعند التعمق أكثر، وجد الباحثون أن خطر قصر النظر يرتفع بشكل حاد مع زيادة وقت الشاشة اليومي، حيث تزيد الاحتمالية بنسبة 5 بالمئة لمن يتعرضون للشاشات لمدة ساعة واحدة يوميًا مقارنةً بعدم استخدامها إطلاقًا، وترتفع إلى 97 بالمئة لمن يستخدمونها لمدة أربع ساعات يوميًا.

لكن بعد هذه المدة، أضاف الباحثون أن ارتفاع المخاطر يصبح أبطأ، كما لم يكن هناك ارتباط واضح بين قصر النظر واستخدام الشاشات لأقل من ساعة يوميًا، مما يشير إلى احتمال وجود “حد أمان”. ومع ذلك، فإن البحث له بعض القيود، بما في ذلك اعتماد بعض الدراسات على التقارير الذاتية حول قصر النظر، وعدم فحص عدد المرات التي مارس فيها المشاركون أنشطة أخرى تتطلب تركيزًا قريبًا، وصعوبة قياس وقت الشاشة، والحاجة إلى مزيد من الأدلة لدعم فكرة وجود حد أمان.

بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن البحث من إثبات أن وقت الشاشة يسبب قصر النظر بشكل مباشر.

وأوضح الفريق البحثي قائلًا: “على سبيل المثال، نظرًا لأن استخدام الشاشات يحدث في الغالب داخل المنازل، فإن تقليل التعرض للفوائد الوقائية للبيئة الخارجية قد يساهم في زيادة خطر قصر النظر”.

واتفق هاموند مع هذا الرأي، مشيرًا إلى أن تفاعل عوامل الخطر في تطور قصر النظر معقد.

لكنه أضاف: “هذا التحليل التلوي، إلى جانب دراسات عن التأثير الطبيعي لإغلاقات كوفيد، يشير بقوة إلى أن إبقاء الأطفال الصغار داخل المنازل وقضاء وقت طويل أمام الشاشات ليس جيدًا لأعينهم، حيث يؤدي هذا الجمع إلى الإصابة بقصر النظر”.

ورحب البروفيسور روبرت بورن من جامعة أنجليا روسكين، وهو استشاري جراحة العيون، بالدراسة، مشيرًا إلى أن التدهور في قصر النظر يزيد من خطر الإصابة بحالات قد تهدد البصر. وقال: “يمكن لهذه النتائج أن تساهم في وضع استراتيجيات تعليمية وسياسات صحية عامة لمواجهة وباء قصر النظر”.