نواكشوط – أعلنت الحكومة الموريتانية عزمها بناء “حزام أمني إلكتروني” حول نواكشوط لضبط الدخول المنظم لها والتصدي للمهاجرين، في ظل تسجيل أرقام غير مسبوقة للهجرة غير النظامية والتي انعكست سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

وأكد رئيس الوزراء الموريتاني المختار ولد أجاي أن بلاده ستجهز جميع المعابر الحدودية بالآليات الفنية الضرورية، موضحا أن هذه الآليات ستوفر جميع الظروف والوسائل للجهات المعنية بترحيل المهاجرين المخالفين للنظم والقوانين الوطنية إلى بلادهم في ظروف لائقة، وفق موقع صحراء ميديا المحلي.

واعتبر ولد أجاي أن موضوع الهجرة غير النظامية يشكل أحد أولويات حكومته لعام 2025، عبر تنفيذ “خطة متكاملة تجمع بين الإطار القانوني الملائم والآليات الفنية الفعالة والموارد البشرية واللوجستية الضرورية”، وفق المصدر ذاته.

ولم تعد موريتانيا مجرد بلد عبور للمهاجرين نحو وجهات أخرى بل أصبحت وجهة نهائية لهم، حيث تستضيف نواكشوط ما يزيد عن 150 ألف من النازحين الماليين في مخيم “امبرة” شرقي البلاد.

وليس هذا الإجراء الوحيد الذي أعلنت عنه السلطات الموريتانية، حيث صوت البرلمان منذ أشهر على قانون جديد لتحديث الأحكام الجنائية المتعلقة بنظام الهجرة، وينص على فرض غرامات مالية تتراوح بين 50 ألفا (1252دولار) و500 ألف أوقية (12526دولار) على الأفراد الذين يدخلون البلاد بطرق غير قانونية أو يساعدون على ذلك. كما ينص على عقوبات بالسجن تصل إلى سنتين لمن يثبت تورطهم في تزوير وثائق الهجرة، بالإضافة إلى إبعاد المخالفين وحظر دخولهم لمدة تصل إلى عشر سنوات.

وكثفت الوحدات الأمنية على السواحل الموريتانية خلال الأشهر الأخيرة دورياتها في المياه الإقليمية للبلاد ما أسفر عن توقيف عشرات القوارب المحملة بالمهاجرين غير النظاميين أثناء عبورهم نحو أوروبا.

وكان وزير الداخلية والتنمية المحلية الموريتاني محمد أحمد ولد محمد الأمين، قد أوضح خلال جلسة نقاش لهذا القانون أمام البرلمان، أنه يأتي في إطار مكافحة الهجرة غير القانونية والحد من تداعياتها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية ومن ضغطها على الموارد المحلية.

ووفق بيانات رسمية، أبعدت السلطات أكثر من 10 آلاف مهاجر في العام الماضي، فيما أظهر إحصاء نظمته وزارة الداخلية لتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين المستقرين في البلاد وإعفائهم من دفع الرسوم، أن أكثر من 130 ألف مهاجر يقيمون في العاصمة نواكشوط وحدها، ما يعكس التوسع المخيف لهذه الظاهرة.

وتواجه موريتانيا تحديات عديدة لإحباط الكثير من محاولات الإبحار غير النظامي نحو أوروبا وتفكيك شبكات تهريب البشر، فيما يثير بناء الحزام الإلكتروني الجديد تساؤلات حول كيفية تنفيذه ومدى فعاليته في الحد من هذه الظاهرة التي باتت تؤرق السلطات في نواكشوط.

ونقل موقع صحراء ميديا المحلي، عن الخبير الأمني أحمد طالب أعل طالب قوله أن إنشاء حزام أمني إلكتروني لحماية الحدود الموريتانية يمثل تحديا كبيرا لا يمكن إنجازه في غضون أشهر، مشيرا إلى أن الحفاظ على أمن الحدود الطويلة مع السنغال ومالي يتطلب موارد ضخمة وآليات فعالة لضمان التنفيذ.

وأوضح أعل طالب أن البنية التحتية الحالية للمعابر الحدودية قادرة على استيعاب التقنيات الجديدة، لكنها لا تغطي جميع النقاط الحدودية، مما يشكل فرصة لتسلل المهاجرين غير النظاميين.

وشهدت البلاد خلال الأشهر الأخيرة موجة غير مسبوقة من المهاجرين غير النظاميين واللاجئين الأفارقة نحو الأراضي الموريتانية الى جزر الكناري الاسبانية، حيث تشير بيانات وزارة الداخلية الإسبانية إلى أن أكثر من 41 ألف مهاجر وصلوا بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وتعمل السلطات الموريتانية مع نظيرتها الاسبانية على تسريع وتيرة تنفيذ بنود اتفاق التعاون الإستراتيجي في مجال محاربة الهجرة غير النظامية الموقع بينهما في أغسطس/آب الماضي وتقدم تنفيذ أهدافه المتمثلة في الفرص الاجتماعية والاقتصادية للشباب لتعزيز اللحمة الاجتماعية، والحماية واللجوء والهجرة القانونية والتنقل والهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، الى جانب العودة وإعادة الإدماج وتسيير ومراقبة وضبط الحدود.