صنعاء – تفجرت مواجهات مسلحة بين القوات اليمنية التابعة للشرعية والمتمردين الحوثيين، ما ينذر بنسف جهود أممية لتحريك مفاوضات السلام في اليمن ونحو عامين من الهدوء.

وأعلن الجيش اليمني مساء السبت، أن قواته خاضت مواجهات ضد مسلحي جماعة الحوثي في 3 محافظات خلال الـ24 ساعة الماضية. في تطور يعيد شبح المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، ويهدد هدوء ميدانيا ساد البلاد منذ أكثر من عامين.

ونقل موقع “سبتمبر نت” الناطق باسم وزارة الدفاع اليمنية عن مصادر عسكرية  أن “المواجهات اندلعت خلال الـ24 ساعة الماضية بعد اعتداءات للحوثيين على مواقع الجيش في محافظات مأرب (وسط) والجوف (شمال) وتعز جنوب غرب”.

وأضافت المصادر أن “مليشيات الحوثي الإرهابية تكبدت خسائر بشرية ومادية كبيرة بعد محاولتها التقدم في جبهات هذه المحافظات”، دون ذكر تفاصيل بشأن كمية الخسائر.

ومنذ أبريل/نيسان 2022، يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت في 2014 بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات جماعة الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن بينها صنعاء.

والخميس، دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، إلى خفض التصعيد لتعزيز بيئة مواتية للحوار في البلاد.

ودعا غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة لهجماتها على السفن منذ نهاية 2023.

وجاءت تصريحات المبعوث غروندبرغ الخميس، عقب اختتام زيارة إلى صنعاء هي الأولى له منذ منتصف 2023، وسط آمال أممية بأن تقود مساعيه إلى التوصل إلى إحلال السلام وطي صفحة الصراع المستمر منذ انقلاب الجماعة الحوثية على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقال غروندبرغ في بيان إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانيات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

ويبدو أن المبعوث الأممي لا يثق كثيرا بوعود الحوثيين، إذ جاء حديثه بعد يوم واحد من إعلان جماعة الحوثي، “جاهزيتها” لعقد صفقة أسرى شاملة مع الحكومة اليمنية.

وقال رئيس لجنة الأسرى الحوثية عبدالقادر المرتضى، خلال لقائه بالعاصمة صنعاء، مع المبعوث الأممي، أن الجماعة “مستعدة للمشاركة في جولات جديدة من المفاوضات تفضي إلى صفقة تشمل جميع الأسرى، وفق قاعدة: الكل مقابل الكل”.

وناقش الجانبان “سبل التقدم في ملف الأسرى، لا سيما تنفيذ الصفقة التي تم الاتفاق عليها في سويسرا العام الماضي، والتي تتضمن إطلاق سراح 1400 أسير من كل جانب”.

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى تنفيذ عمليات إفراج جديدة عن الأسرى في اليمن.

واستكملت الحكومة اليمنية، مع جماعة الحوثي، في يوليو/ تموز الماضي، مشاورات في مسقط، بالاتفاق على تبادل قوائم الأسرى من الجانبين واستئناف المفاوضات بعد شهرين من ذلك التاريخ.

لكن لم يتم بعد استئناف مشاورات تبادل الأسرى، وسط اتهامات متبادلة بين طرفي النزاع بشأن عرقلة التقدم في هذا الملف الإنساني.

ولا يُعرف بدقة عدد الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين حاليا، لكن خلال مشاورات في ستوكهولم عام 2018، قدّم وفدا الحكومة وجماعة الحوثي قوائم بأكثر من 15 ألف أسير ومحتجز.

ومنذ مدة، تتكثّف مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء في أبريل/ نيسان الماضي، وجولات خليجية للمبعوثين إلى اليمن، الأميركي تيم ليندركينغ والأممي غروندبرغ.

وبينما تشهد محافظة البيضاء وسط اليمن اقتحامات عنيفة من قبل الحوثيين لاسيما في قرية “حنكة آل مسعود” بمنطقة الخشعة في قيفة رداع، دوت انفجارات قوية.

فقد أفاد مسؤول محلي بوقوع انفجار في محطة للغاز وخزان لتخزين الغاز في المحافظة. كما أشار مصدر طبي إلى أن ثمانية أشخاص لقوا حتفهم وأصيب 50 في تلك الانفجارات، التي لم تعرف أسبابها بعد، وفق ما نقلت وكالة رويترز.

وأتت تلك التطورات بعدما اقتحم الحوثيون السبت، قرية “حنكة آل مسعود”، عقب أسبوع على حصارها للمنطقة.

فيما أكدت مصادر محلية أن جماعة الحوثي قطعت شبكة الاتصالات والإنترنت عن “حنكة آل مسعود” بمديرية القريشية وخاضت اشتباكات عنيفة مع أهالي المنطقة، استخدمت خلالها السلاح الثقيل والطيران المسير، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين وتضرر منازل المواطنين.

كما نفذت حملة اعتقالات بحق السكان بعد سيطرتها على منطقة الخشعة.

وجاءت هذه الانفجارات بعدما شهدت البلاد على مدى الأسابيع الماضية عدة ضربات إسرائيلية أيضا وأميركية طالت مواقع للحوثيين ومنشآت نفطية في العاصمة صنعاء، فضلا عن مدينة الحديدة الساحلية وغيرهما.

ويعاني اليمن للعام العاشر تواليا، صراعا مستمرا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثيين انعكست تداعياته على مختلف النواحي إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.

وأودت الحرب الدائرة في اليمن حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب تقارير الأمم المتحدة.