الرباط – كشف المغرب اليوم الثلاثاء عن مقترحات تعديل مدونة الأسرة التي تهدف إلى تعزيز حقوق النساء، بعد مشاورات استغرقت عامين شملت العديد من الهيئات ومكونات المجتمع المدني، بينما حرص العاهل المغربي الملك محمد السادس على إحالة كافة الاقتراحات إلى المجلس العلمي، الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، لقناعته بأهمية الاجتهاد في الإشكاليات المعاصرة على أساس الوسطية والاعتدال.

ومن أبرز التعديلات التي أعلنها وزير العدل عبداللطيف وهبي خلال مؤتمر صحافي، رفع سن الاستثناء المتاح أمام القضاة لتزويج قاصرات من 15 إلى 17 عاما، مع تقييده “بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة الاستثناء”.

والسن الأدنى للزواج في المملكة هي 18 عاما، لكن القانون يتيح تزويج فتيات في الخامسة كاستثناء. وتطالب المنظمات الحقوقية بإلغاء ذلك خصوصا بعدما بلغ استغلال هذا “الاستثناء” مستويات مرتفعة في الأعوام الماضية.

وتتضمن الاقتراحات جعل المسؤولية القانونية وحضانة الأطفال مشتركة بين الزوجين وعدم سقوط حضانة الأم المطلّقة على أبنائها بالرغم من زواجها.

وتضمنت الإصلاحات المقترحة أيضا تقييدا أوضح لتعدد الزوجات، الذي أصبح ظاهرة نادرة، من خلال إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج.

وكشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق عن “اقتراح حلول بديلة توافق الشرع وتحقق المطلوب، من الأفضل الأخذ بها لقضايا خلافية، منها على الخصوص إمكانية منح البنات نصيبا غير محدد من الميراث بواسطة “هبات”، بدل إقرار مبدأ المساواة في الإرث”. وهذا المبدأ هو من بين المطالب الأساسية للمدافعين عن حقوق المرأة، بينما تعارضه الأحزاب الإسلامية.

وتهدف مراجعة مدونة الأسرة إلى مزيد تعزيز حقوق النساء، لا سيما وأن المملكة قطعت أشواطا هامة في هذا المجال، بينما باتت المرأة المغربية تتبوأ اليوم أعلى المراتب وتشغل المناصب الحكومية العليا، فضلا عن مساهمتها الهامة في مسيرة التنمية، فيما تشير معطيات رسمية إلى ارتفاع عدد الأسر التي تعيلها نساء إلى حوالي 20 بالمئة.

ويعود القانون المعمول به حاليا إلى العام 2004، واعتبر تقدميا حينها، وجرى اعتماده بعد صراع حاد بين التيارات الإصلاحية والإسلاميين، لكن المنظمات الحقوقية ظلت تطالب بتعديلات أعمق وتصحيح ما وصفته بـ”اختلالات” في تنفيذه.

وعيّن الملك محمد السادس في العام 2022 لجنة لمراجعة قانون الأسرة، أعدّت 139 مقترحا بعد مشاورات واسعة شملت أكثر من ألف هيئة مدنية وسياسية وخبراء.

وأحيلت المقترحات المرتبطة بنصوص دينية من طرف العاهل المغربي على المجلس العلمي الأعلى بهدف فتح باب الاجتهاد في القضايا المستجدة المرتبطة بأحوال الأسرة المغربية، وفق مقاصد الشريعة وفضائل الاعتدال والاجتهاد، في إطار حرصه على التوصل إلى حلول لكافة الإشكالات بما يراعي الواقع.

وعشية الإعلان عن هذه المقترحات، دعا الملك محمد السادس هذا المجلس إلى مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البنّاء في موضوع الأسرة، فيما ينتظر أن تدرج الحكومة التعديلات في مشروع قانون يعرض على البرلمان.