مدريد – حذر وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل ألباريس من مزيد التعطيل في المسار التفاوضي لحل النزاع المفتعل من قبل الجزائر وبوليساريو في الصحراء المغربية، مؤكدا على ضرورة إيجاد حل ينهي الجمود الحالي تزامنا مع حراك يقوده المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.

وقال الوزير الاسباني إنه من غير المقبول أن يستمر الجمود إلى أجل غير مسمى، موضحا أن تصريحاته لا تعني أي تغير في موقف مدريد الثابت والمعلن والداعم لسيادة المغرب على صحرائه.

وشدد في مقابلة مع برنامج ‘لا كافيتيرا’ على إذاعة راديو كيبل، على أن بلاده تصر على عدم السماح للوضع الذي ظل متعثرا لمدة 50 عاما أن يستمر لخمسة عقود أخرى.

ولم يذكر الجزائر بالاسم وهي الطرف الذي يفترض أنه جزء من المشكلة والمسؤولة عمليا عن تعطيل المسار التفاوضي لحل النزاع المفتعل، لكن كل إشارات الوزير الاسباني تشير ضمنا إلى دور تعطيلي حال حتى الآن دون الدفع إلى تسوية مقبولة لكل الأطراف وفق الرؤية التي طرحتها المملكة منذ العام 2007.

كما أكد أن بلاده تدعم المبعوث الأممي وترى أنه يفترض أن يبادر باقتراح الحل النهائي للأزمة ضمن مهمته بما يضمن أن يكون مقبولا للأطراف المعنية، في إشارة إلى ضرورة أن يراعي المتغيرات الحاصلة في الملف وعلى رأسها الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه.

ووجه الوزير الاسباني انتقادات حادة للجهة التي تفضل إبقاء الصراع متقدا والمسار السياسي التفاوضي في حالة جمود. وقال “أجد أنه من غير المسؤول أن يبني شخص ما وضعا كهذا على مبادئ جامدة لمدة قرن أو قرنين من الزمان”.

وكان يشير ضمنا لاستمرار الجزائر وبوليساريو في تعطيل الحل بعد انسحابهما أو مقاطعتهما لجلسات الموائد المستديرة وهي الآلية التي كانت قد جمعت جميع الأطراف المعنية بالأزمة.

ويصر الجانب الجزائري على أنه ليس طرفا في الأزمة بينما تتمسك الرباط باعتباره طرفا معنيا بالدرجة الأولى بحل النزاع نظرا لأنه الطرف الداعم للجبهة الانفصالية وهو الذي يوفر لها الغطاء السياسي محليا وإقليميا ودوليا كما أنه متورط في تسليحها وتمويلها وهو الطرف الذي يدعم الطرح الانفصالي غير الواقعي في مسار مناقض للمواقف الدولية الداعمة لمغربية الصحراء.

وتأتي تصريحات ألباريس بينما من المنتظر أن يقدم دي ميستورا الذي كان في زيارة لموريتانيا ومن المتوقع أن يلتقي قادة بوليساريو في مخيمات تندوف وكان قبلها قد التقى بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، احاطة لمجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة وهو ما يفسر جولته الأخيرة لاستكشاف رأي الأطراف المعنية بالنزاع وإن لم يلتق بعد بأي مسؤول جزائري.

وتعتبر قضية الصحراء من أعقد وأطول النزاعات في منطقة شمال أفريقيا وتلعب فيها الجزائر دورا محوريا بالدفع لإطالة أمد هذا النزاع. يرى البعض أن دور الجزائر كان ولا يزال عائقا رئيسيا أمام التوصل إلى تسوية نهائية لهذا الملف.

وترفض الجزائر بشكل قاطع مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل للنزاع وتصر على خيار الاستفتاء كحل وحيد مقبول. وهذا الموقف يمثل نقطة خلاف جوهرية تعيق أي تقدم في المفاوضات.

وتحاول باستمرار تصوير النزاع المفتعل على أنه قضية بين المغرب وجبهة بوليساريو فقط، وتتنصل من مسؤوليتها كطرف رئيسي فيه، فيما تتهمها المملكة بعرقلة جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لإيجاد حل للنزاع ومن ذلك رفضها المتكرر للمشاركة في “الموائد المستديرة” التي دعت إليها الأمم المتحدة.

وتستخدم الجزائر قضية الصحراء كورقة ضغط في علاقاتها الإقليمية مع المغرب ودول أخرى وتسعى من خلالها إلى تحقيق مصالح جيوسياسية خاصة بها، لكنها تزعم في المقابل أن موقفها المبدئي هو دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها وتصفية الاستعمار.

لكن هذا الموقف يتناقض في الوقت ذاته مع رفضها لحركة ‘الماك’ التي تطالب بدورها بحق منطقة القبائل في تقرير المصير. وشكلت ‘الماك’ حكومة منفى في باريس وتسعى للحصول على دعم دولي للانفصال.

ويقول المنطق السياسي والسيادي أن ما ترفضه الجزائر لنفسها لا يفترض أن تقبله لغيرها بمعنى أن رفضها لانفصال منطقة من أراضيها يحتم عليها موقفا مماثلا من الطرح الانفصالي الذي تتبناه جبهة بوليساريو.

ويقول تابعون إن النظام الجزائري هو من يصنع ويؤجج الأزمة ويريد الإبقاء على هذا النزاع متقدا خدمة لمصالحه.