واشنطن – في عصر يبدو خلاله ان محركات الاحتراق الداخلي استنفدت وقتها، تحاول هذه التكنولوجيا التي يزيد عمرها عن قرنين من الزمن الصمود في وجه زحف المحركات الكهربائية، وفي هذا السياق يأتي محرك “أفادي أم أي 250” الذي يمكن وصفه بالثورة في هذا المجال.

وطورت شركة الهندسة الأمريكية “أفادي” محركها  “Avadi MA-250” رباعي الأشواط ليكون أخف وزنًا وأكثر بساطة وكفاءة مقارنة بالمحركات التقليدية، وقد يكون هذا المحرك الثوري على وشك إعادة تعريف معايير الصناعة.

ويتميز المحرك بكفاءة استهلاك الوقود مماثلة لأفضل محركات الديزل Diesel المتاحة حاليًا للدراجات النارية 

وقالت شركة “أفادي” عبر موقعها الإلكتروني: “لقد أمضينا سنوات في إعادة تصور تصميم محرك الاحتراق الداخلي، ونجحنا في تطوير واختراع واحد من أفضل المحركات من حيث استهلاك الوقود وخفة الوزن والرؤية المستقبلية في عالم المحركات اليوم.”

وتضيف الشركة: “رؤيتنا تتمثل في تطوير تقنيات حقيقية وابتكار سلسلة من المحركات التي تتميز بخفة الوزن وصغر الحجم وقلة استهلاك الوقود، مما يساهم في جعل العالم أنظف وأفضل.”

من خلال التخلص من بعض المكونات الأساسية في المحركات التقليدية وابتكار نظام يعتمد على مكبس وغلاف دوار داخلي، يعد محرك Avadi بأداء مثير للإعجاب وكفاءة معززة.

تصميم مبتكر يغير قواعد اللعبة

تعمل “أفادي” على تقليل الاحتكاك بين المكابس وجدران الأسطوانة، مما يسهم في تحسين كفاءة الوقود بشكل كبير.

 تم الاستغناء عن سلسلة الصمامات التقليدية وأعمدة الكامة والمضخات، مما يقلل بشكل كبير من الاحتكاك الداخلي في المحرك، وهو ما يستهلك عادةً قدرًا كبيرًا من قوة المحرك، خاصة عند السرعات المنخفضة.

يعتمد التصميم على مكبس وغلاف دوار داخلي يتيح تبسيط الآلية، مما يقلل من الوزن وعدد الأجزاء المتحركة. يتم تحويل الحركة الخطية إلى دوران باستخدام نظام مكون من ذراعين وقضبان مسننة تعمل بتناغم.

يساعد الاستغناء عن  أعمدة الكامة (العمود المرفقي) ودمج تروس كوكبية في الحفاظ على كفاءة المحرك بشكل ملحوظ، مع تقليل الخسارة الميكانيكية للجهد.

 والنتيجة هي محرك يزن أقل ويوفر قوة وعزم دوران مميزين بالنسبة لحجمه. يعتمد هذا التصميم الميكانيكي المبسط على إعادة تفسير جريئة لكيفية عمل المحرك داخليًا، حيث تم تحسين كل عنصر ليعمل بانسجام.

نظرًا لتصميم المحرك الذي يعمل بسرعات منخفضة، لا يحتاج إلى نظام تبريد بالماء أو مضخة زيت، مما يقلل من عدد الأجزاء المتحركة ويحد من الاحتكاك الداخلي. يتم تشحيم المحرك باستخدام قوة الطرد المركزي، مما يلغي الحاجة إلى مضخات زيت معقدة.

إضافةً إلى ذلك، تم تصميم هذا المحرك لتقليل الانبعاثات، وهو جانب حيوي في الوقت الحالي. بفضل تحسين الكفاءة الطاقية من خلال تحويل الحركة بشكل أفضل، يمكن أن يمثل محرك Avadi بديلاً قابلًا للتطبيق للمحركات التقليدية، خاصة في ظل تزايد الاهتمام بخفض البصمة الكربونية عالميًا.

مقارنة بالمحركات التقليدية

وعند مقارنته بمحركات تقليدية مماثلة، تتضح ميزة تصميم Avadi. على سبيل المثال، يُقارن محرك Avadi MA-250 (بسعة 250 cc) بمحرك Honda GX240 (بسعة 242 cc). ينتج محرك هوندا حوالي 8 أحصنة عند 3600 دورة في الدقيقة ويزن حوالي 35 كجم، بينما يولد محرك Avadi قوة تصل إلى 15.8 حصانًا عند 3700 دورة في الدقيقة، ولا يتجاوز وزنه 10.7 كجم.

هذا الاختلاف في الوزن والقوة يبرز تفوق تصميم Avadi. فهو لا يتفوق فقط في الأداء، بل يفعل ذلك بوزن أقل بكثير، مما يعني كفاءة طاقية أعلى وتقليلًا ملحوظًا في المواد والطاقة المطلوبة للتصنيع. كما أن هذه الكفاءة تعزز الأداء في التطبيقات التي يكون فيها الوزن عاملًا حاسمًا، مثل السيارات الكهربائية الهجينة أو الطائرات بدون طيار.

من حيث الكفاءة الحرارية، يحقق محرك Avadi كفاءة فرملة حرارية بنسبة 42.12%، وهي نسبة تتجاوز بكثير المحركات التقليدية التي تدور كفاءتها حول 20%. هذا الأداء يضع المحرك على قدم المساواة مع أفضل محركات الاحتراق في السوق، إن لم يكن يتفوق عليها.

تحديات التصميم والإنتاج

رغم مزاياه الواضحة، يواجه محرك Avadi MA-250 تحديات متعددة. يتمثل أحد التحديات في تعقيد التصميم، الذي قد يثير مخاوف بشأن الموثوقية على المدى الطويل. قد يؤدي استخدام ذراعي التوصيل والتروس المسننة، رغم كونه ثوريًا، إلى مشكلات ميكانيكية بسبب التآكل والالتواء بمرور الوقت.

إضافةً إلى ذلك، واجه المحرك صعوبات مع نظام الصمام الدوار الخاص به، وهو مفهوم استُخدم سابقًا ولكنه تُرك بسبب مشاكل في تدفق الهواء. اضطرت Avadi إلى إعادة تصميم النظام للتغلب على هذه العيوب، مما أضاف طبقة إضافية من التعقيد إلى التصميم المبتكر بالفعل.

التحدي الآخر يتمثل في دخول سوق يتحول تدريجيًا نحو الكهرباء. على الرغم من استمرار استخدام المحركات ذات الاحتراق الداخلي على نطاق واسع، إلا أن الاتجاه العام يميل إلى حلول أكثر صداقة للبيئة.

 لذا، يتعين على Avadi إثبات أن محركها قادر على المنافسة ليس فقط مع المحركات التقليدية، ولكن أيضًا مع الحلول الكهربائية الصاعدة.

آفاق واعدة

رغم هذه التحديات، تبدو آفاق المستقبل لمحرك Avadi واعدة. قدمت الشركة نموذجًا أوليًا بالفعل وتواصل تحسين تقنيتها لتجاوز العقبات الأولية. ويُظهر استبدال المدير التقني السابق بـ ديميتريوس دارداليس، إضافةً إلى تحديث تصميم الصمام الدوار، التزام Avadi بتحسين منتجها.

تُعتبر الاختبارات الناجحة لضغط المحرك باستخدام التصميم الجديد للصمام مؤشرًا مشجعًا على تقدم الشركة في الاتجاه الصحيح. يمكن أن تُمكن هذه التحسينات محرك Avadi من أن يصبح خيارًا جذابًا للصناعات التي تسعى إلى تقليل تأثيرها البيئي مع الحفاظ على أداء عالٍ.

بفضل كفاءته الطاقية العالية وتقليله الكبير للوزن، قد يجذب محرك Avadi قطاعات مثل الطيران الخفيف، والملاحة البحرية، والمركبات الهجينة، حيث يكون لكل جرام أهمية كبيرة. ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي سيكون إقناع هذه الصناعات بموثوقية وديمومة هذا المحرك المبتكر.