باريس – أعلن المحامي فرانسوا زيمراي أنه سيحيل قضية موكله الكاتب الفرنسي من أصول جزائرية بوعلام صنصال إلى عدة هيئات في الأمم المتحدة لمقاضاة السلطات الجزائرية، مشددا على أن “غياب الدفاع يعني استحالة إجراء محاكمة عادلة، مما يجعل الاحتجاز غير قانوني”.

وتأتي هذه الخطوة في تطور جديد في الازمة الديبلوماسية بين باريس والجزائر خاصة بعد تصاعد الضغوط التي تعرض لها صنصال وانتهاك حقوقه طيلة أربعة أشهر من اعتقاله دون تمكينه من التواصل مع دفاعه.

ولا تزال قضية بوعلام صنصال تشغل الساسة الفرنسيين الذين عبروا عن قلقهم إزاء اعتقاله في الجزائر ودعوا إلى إطلاق سراحه، حيث أكد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون “قلقه” بشأن مصير الكاتب، مشددا على أن “أجهزة الدولة معبأة” لمتابعة قضيته، فيما أثار البرلمان الأوروبي استنفارا جزائريا حادا وسط أحزاب سياسية ووسائل إعلام محلية والبرلمان الجزائري “تنديدا بالتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي” للبلاد، بينما اتهمت الجزائر بعض الأطراف الفرنسية بـ”توظيف القضية للتهجم عليها”.

وتعكس القضية تعقيدات العلاقات الفرنسية الجزائرية، وتداخل القضايا السياسية والثقافية والإنسانية فيها، فيما يُعتقد على نطاق واسع أن صنصال ضحية للتوتر الناشئ والكامن بين فرنسا والجزائر وأنه جرى اعتقاله ضمن معركة لي أذرع بين البلدين وتصفية حسابات سياسية لا غير.

ونقلت صحيفة “لوماريان” الفرنسية عن زيمراي توضيحه أنه سيلجأ إلى “الإجراءات الخاصة” للأمم المتحدة، بدءا من المقرر الخاص باستقلال القضاة والمحامين، لا سيما على إثر وصف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في أحد خطاباته موكله بـ”المحتال”، متجاهلا قرينة البراءة.

وقال إنه سيقدم ملف القضية إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، الذي يشرف على مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي، في محاولة لتسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها صنصال، والمطالبة بالإفراج عنه فورا، لافتا إلى أنه يحظى بدعم الاتحاد الدولي للمحامين ونقابة محامي باريس، لمزيد الضغط على الجزائر في المحافل الدولية، خاصة في ظل التوجه المتزايد لمحاسبة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.

 ووفق الصحيفة الفرنسية، نفى زيمراي تصريح نقيب المحامين في الجزائر مؤخرا بأن الكاتب قام بتغيير جميع محاميه الجزائريين والفرنسيين، مفضلا الدفاع عن نفسه، مؤكّدا أنه لم يتلقَ أي إلغاء رسمي من موكله، بينما أشار إلى أنه يتعرض إلى حملة إعلامية جزائرية معادية له والتي تخللتها نبرة معادية للسامية دون أي رد فعل من الحكومة الجزائرية، ما يعكس غياب استقلالية القضاء في البلاد.

ورفضت السلطات الجزائرية كافة الدعوات للافراج عن صنصال واتهمته بـ”العمالة”، فيما أكد محاميه في وقت سابق أن موكله وجهت له تهمة استنادا إلى مادة متعلقة بالإرهاب في القانون الجنائي الجزائري، فيما تواجه الجزائر انتقادات متزايدة بشأن أوضاع حقوق الإنسان وحرية التعبير والتضييق على الأصوات المعارضة.

ويستبعد مراقبون انفراجة وشيكة للأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا باعتبار أن الجزائر لا تزال تحت وقع صدمة الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على صحرائه، وتحاول عبثا أن تضغط على باريس للرجوع عن موقفها رغم أن ماكرون كان واضحا خلال زيارته التاريخية إلى المملكة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بتأكيده التزم بلاده الراسخ بدعم القضية المغربية في المحافل الدولية، مشددا على أن مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب هي الحل الوحيد لإنهاء النزاع المفتعل.