الجزائر – قدّمت مجلة الجيش الجزائري في عددها الأخير الجزائر كطرف فاعل في لمّ شمل أفريقيا، مروّجة لفكرة مفادها أن البلد يلعب دورا إقليميا في بسط الأمن وحفظ استقرار المنطقة، بينما تثبت الوقائع أن البلاد تواجه عزلة متنامية في محيطها الأفريقي، في وقت تواجه فيه انتقادات واتهامات بدعم بعض الحركات الانفصالية، فيما ينظر إليها على أنها تسعى عبثا إلى ترميم علاقاتها الخارجية المتصدعة مع أكثر من دولة، بينما تتضاءل فرص نجاحها في مسعاها بالنظر إلى الارتباك الذي لا يزال يسيطر على دبلوماسيتها.

وأشارت افتتاحية المجلة التي عٌنونت بـ”عمق الجزائر الإفريقي.. خيار إستراتيجي” إلى أن “الجزائر تواصل دعوتها دول القارة إلى تكريس مبدأ الحلول الإفريقية لمشاكل القارة، الذي كان وسيظل هدفا استراتيجيا، بعيدا عن أي تدخل أجنبي أو استقطاب بين القوى الكبرى”.

وتثير هذه التوصية الجزائرية غرابة، باعتبار أن الجزائر تواجه اتهامات من قبل باماكو بالتدخل في شؤونها الداخلية إثر استقبالها العام الماضي وفدا عن الانفصاليين الطوارق جمعتهم مباحثات مع كبار المسؤولين الجزائريين يتصدرهم الرئيس عبدالمجيد تبون.

وألغت باماكو في أوائل العام الماضي اتفاق السلام المبرم في العام 2015 والذي رعته الجزائر بهدف خفض التصعيد وطي صفحة الاشتباكات بين الجيش المالي والانفصاليين، خاصة وأنه لم يحقق أي نتائج ملموسة طيلة نحو عقد من الزمن.

ورغم فشلها في مالي فقد عرضت الجزائر الأسبوع الماضي وساطتها لإنهاء التوتر في الكونغو الديمقراطية التي تشهد اشتباكات مسلحة بين جماعة متمردة وقوات الأمن، في مبادرة طرحت نقاط استفهام باعتبار أن الدبلوماسية الجزائرية المرتبكة ليست في وضع يسمح لها بلعب دور الوسيط لخفض التصعيد بين أطراف الصراعات التي تشهدها المنطقة. 

وأوردت افتتاحية “الجيش الجزائري” أن “الجزائر اليوم كفاعل رئيسي في تحقيق التكامل والاستقرار في إفريقيا حريصة أشد الحرص على لم شمل القارة قناعة منها بأن امتدادها الإفريقي ووزنها كقوة إقليمية يحتم عليها العمل دون هوادة ضمن هذا المسعى”.

وكشفت أن “الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة كان قد أكد أن الجزائر ورغم المحاولات البائسة للتشويش على دورها ومكانتها القارية تظل رقما مهما في المعادلة الإفريقية وفاعلا أساسيا في مجال مساعدة بلدان القارة على المحافظة على أمنها واستقرارها”.

ويرى مراقبون أن الجزائر التي تواجه عزلة في أفريقيا أخفقت طيلة الأعوام الماضية في طرح مبادرات تنموية أو أي مشاريع اقتصادية من شأنها أن توفر حلولا للأزمات التي تشهدها المنطقة.

وتنظر الجزائر بقلق إلى الدور الذي يلعبه المغرب في أفريقيا، خاصة بعد أن عزز مكانته كبوابة على القارة، من خلال نجاحه في إقامة جسور التواصل مع الدول الأفريقية، فضلا عن دخوله في شراكات إستراتيجية مع أغلب بلدانها على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة.

وتتوجس الجزائر من تنامي نفوذ المغرب في المنطقة، خاصة بعد الانخراط الواسع في المبادرة الأطلسية التي أطلقتها المملكة العام الماضي بهدف تسهيل ولوج دول الساحل الأفريقي إلى الممر المائي الحيوي، بينما فشلت السلطات الجزائرية في مجاراة النجاحات المغربية.