واشنطن – في الذكرى الخمسين لتأسيسها، وفي الوقت الذي يستعيد فيه بيل غيتس بدايات الشركة من خلال نشر أول كود مصدر في تاريخ مايكروسوفت، يبدو أن العملاقة البرمجية الاميركية لا تكتفي بالنظر إلى الماضي بل ترسم أيضا ملامح مستقبل البحث الإلكتروني.

وأعلنت مايكروسوفت عن إطلاق ميزة “كوبايلوت شيرش”، وهي تجربة جديدة للبحث داخل محرك “بينغ”، مدعومة بنماذج الذكاء الاصطناعي، في خطوة تُعد بمثابة رد مباشر على إعلان “غوغل” الأخير عن توسيع ميزة مطالعات البحث AI Overviews وإطلاق وضع الذكاء الاصطناعي AI Mode.

ورغم أن “بينغ” لطالما استخدم الذكاء الاصطناعي في البحث من خلال تكامل “كوبيلوت” — المعروف سابقًا باسم “بينغ شات” — فإن ميزة “كوبايلوت شير” تمثل إعادة صياغة لطريقة عرض المعلومات، مع واجهة مصممة لتكون أكثر تفاعلية ووضوحًا.

وبخلاف النسخة التقليدية من كوبايلوت التي كانت تدمج المصادر في نهاية الرد، تعطي “كوبايلوت شير”» مساحة مخصصة لهذه المصادر، حيث تظهر في شريط جانبي مرفقة غالبًا بمقاطع فيديو أو صور. كما يمكن للمستخدم النقر على زر “عرض جميع الروابط” للاطلاع على مصادر إضافية، أو على زر “عرض طريقة الاستنتاج” لفهم كيف صيغت الإجابة.

وتعتمد “كوبايلوت شيرش” على نفس المنهج الذي تتبناه أدوات مثل Perplexity وChatGPT Search، حيث لا تكتفي بالإجابة بل توفّر تجربة غنية تجمع بين التفاعل، التفسير، وتعدد المصادر. عند طرح استفسار، يُولّد كوبايلوت إجابة مدعومة بتحليل سياقي، ويمكن للمستخدم متابعة الحوار بأسئلة إضافية دون مغادرة الصفحة — في أسلوب يُشبه كثيرًا ما تقدمه ميزة “مطالعات البحث” من غوغل.

ولتعزيز الجانب البصري، تظهر روابط الفيديوهات والصور في الجانب الأيمن من النتائج، ما يمنح المستخدم محتوى متعدد الوسائط في السياق ذاته. ومع أن النقر على هذه الروابط ينقل المستخدم إلى واجهة “بينغ” التقليدية، فإن دمجها ضمن “كوبايلوت شيرش” يعكس رؤية مايكروسوفت لمحرك بحث يتجاوز مجرد عرض الروابط إلى توفير تجربة شاملة.

وما يُميز هذا النظام أيضًا هو تجاوبه مع أنواع مختلفة من الاستفسارات: سواء كانت استعلامات مباشرة — مثل نتائج دوري أبطال أوروبا — أو أسئلة وصفية أكثر تعقيدًا — مثل كيفية تحضير طبق تقليدي — أو حتى استفسارات تحليلية كالحصص السوقية لمصنّعي الهواتف الذكية. في كل حالة، يُظهر كوبايلوت مرونة ملحوظة في تكييف الردود، مستعينًا بعدة مصادر موثوقة ومعالجة لغوية دقيقة.

ورغم أن غوعل لا تزال توفر أدواتها الجديدة على نطاق محدود، فإن مايكروسوفت اختارت فتح “كوبايلوت شيرش” لجميع المستخدمين مجانًا ودون الحاجة إلى تسجيل الدخول، ما يمنحها ميزة الوصول الواسع في هذا السباق المتسارع.

وتأتي هذه التطورات في سياق أوسع، حيث تعمل مايكروسوفت على تحديث كوبايلوت بمجموعة من القدرات المتقدمة مثل تنفيذ المهام على المواقع، تذكّر تفضيلات المستخدم، التحليل البصري للصور والفيديوهات، وتوليد محتوى صوتي تفاعلي. كل ذلك يشير إلى أن “كوبايلوت” لم يعد مجرد مساعد، بل أصبح منصّة ذكاء اصطناعي متكاملة، تضع تجربة المستخدم في قلب استراتيجيتها.