واشنطن – أعلنت شركة إكس إيه أي، المملوكة لإيلون ماسك، الثلاثاء عن نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد “غروك 3″، مدعيةً أنه يتفوق على نماذج “أوبن أي آي” والشركة الصينية “ديب سيك” بناءً على اختبارات مبكرة شملت امتحانات موحدة في الرياضيات والعلوم والبرمجة.

يُعد “غروك” رد  إكس إيه أي على نماذج مثل “GPT-4o” من “أوبن أي آي” و”جيميني” من “غوغل”، إذ يمكنه تحليل الصور والإجابة عن الأسئلة، كما أنه يشغل عددًا من الميزات على شبكة “إكس” الاجتماعية التابعة لماسك. وقد كان “غروك 3” قيد التطوير لعدة أشهر، وكان من المفترض إطلاقه في عام 2024، لكنه لم يلتزم بهذا الموعد.

وقال ماسك خلال عرض توضيحي لنموذج “غروك 3” تم بثه عبر منصته الاجتماعية “إكس”: “نحن متحمسون جدًا لتقديم غروك 3، الذي نعتقد أنه أكثر كفاءة بمقدار كبير مقارنةً بـغروك 2، وذلك خلال فترة قصيرة جدًا”.

كما أعلنت الشركة عن إطلاق منتج جديد يحمل اسم “البحث العميق”، والذي وصفته بأنه “محرك بحث من الجيل القادم”.

وسيتم توفير “غروك 3” لمشتركي “إكس” المتميزين خلال الساعات القادمة، كما سيكون متاحا عبر اشتراك منفصل لنسختي الويب والتطبيق، وفقًا لفريق  إكس إيه أي.

وكان ماسك قد وصف النموذج الأسبوع الماضي خلال كلمته في القمة العالمية للحكومات في دبي بأنه “ذكي بشكل مخيف”، مشيرًا إلى قدرته العالية على التحليل المنطقي، وزاعمًا أنه تفوق على جميع النماذج الحالية في الاختبارات الداخلية لـ إكس إيه أي.

وأضاف ماسك حينها: “قد تكون هذه آخر مرة يتفوق فيها نموذج ذكاء اصطناعي على غروك”، موضحًا أن النموذج تم تدريبه على “كم هائل من البيانات الاصطناعية”، مما مكنه من مراجعة أخطائه وتحقيق اتساق منطقي في الإجابات.

وذكر فريق  إكس إيه أي أن نسخة مبكرة من “غروك 3” حصلت على تقييمات أعلى من النماذج المنافسة الأخرى على منصة “تشاتبوت أرينا”، وهو موقع يجري اختبارات عمياء للمقارنة بين نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة.

يتضمن خط “غروك 3” نماذج متخصصة في التحليل المنطقي، وهي “غروك 3 ريزونينغ” و”غروك 3 ميني ريزونينغ”، والتي يمكنها “التفكير بعمق” لحل المشكلات، على غرار نماذج “o3-mini” من “أوبن أي آي” و”R1″ من شركة “ديب سيك” الصينية. هذه النماذج تحاول التحقق من صحة المعلومات ذاتيًا قبل تقديم الإجابات، مما يساعدها على تجنب بعض الأخطاء التي تقع فيها النماذج التقليدية.

وتدّعي  إكس إيه أي أن “غروك 3 ريزونينغ” يتفوق على النسخة الأقوى من “o3-mini”، المعروفة بـ”o3-mini-high”، في اختبارات معيارية، منها معيار رياضي جديد يُسمى “AIME 2025”. يمكن للمستخدمين الوصول إلى هذه النماذج عبر تطبيق “غروك”، حيث يمكنهم طلب من النموذج “التفكير”، أو تفعيل وضع “الدماغ الكبير” لمهام أكثر تعقيدًا باستخدام قدرات حسابية إضافية.

وأشار ماسك إلى أن بعض عمليات التفكير الخاصة بهذه النماذج مخفية داخل التطبيق لمنع “التقطير”، وهي تقنية يستخدمها مطورو الذكاء الاصطناعي لاستخلاص المعرفة من النماذج الأخرى. ومؤخرًا، وُجهت اتهامات إلى “ديب سيك” باستخدام هذه الطريقة لاستخلاص بيانات من نماذج “أوبن أي آي”.

تدعم نماذج “غروك 3 ريزونينغ” ميزة جديدة في التطبيق تُدعى “ديب سيرش”، وهي بمثابة رد  إكس إيه أي على أدوات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل “ديب ريسيرش” من “أوبن أي آي”. تقوم هذه الميزة بمسح الإنترنت ومنصة “إكس” لتحليل المعلومات وتقديم ملخصات استنادًا إلى الأسئلة المطروحة.

وفي ختام العرض التوضيحي للمنتج، أكد ماسك أن الشركة ستواصل تطوير النموذج، مضيفًا: “يجب التأكيد على أن هذا النموذج لا يزال في مرحلة تجريبية، مما يعني أن عليكم توقع بعض العيوب في البداية، لكننا سنعمل على تحسينه بسرعة، تقريبًا بشكل يومي”، كما أوضح أن ميزة المساعد الصوتي للنموذج سيتم إطلاقها في وقت لاحق.

منافسة شرسة

دخل ماسك سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر تأسيس  إكس إيه أي في عام 2023، وهو الذي سبق أن أعرب عن مخاوفه من المخاطر المحتملة لهذه التكنولوجيا.

وكانت “أوبن أي آي” قد أطلقت في سبتمبر الماضي نموذجها الأكثر تطورًا “o1″، الذي يتمتع بقدرات تحليلية متقدمة ويمكنه حل مسائل معقدة في العلوم والرياضيات والبرمجة.

يُذكر أن ماسك، إلى جانب سام ألتمان، كان أحد مؤسسي “أوبن أي آي” عندما تم إنشاؤها كمؤسسة غير ربحية في عام 2015، لكن علاقته مع قيادة الشركة شهدت توترًا في السنوات الأخيرة. ومؤخرًا، قاد ماسك مجموعة مستثمرين لتقديم عرض شراء للشركة الأم غير الربحية لـ”أوبن أي آي” بقيمة 97.4 مليار دولار، لكن العرض قوبل بالرفض.

وقبل ثلاثة اسابيع، فاجأت شركة “ديب سيك” الصينية سوق الذكاء الاصطناعي بعدما نشرت ورقة بحثية زعمت فيها أن أحد نماذجها مفتوحة المصدر يمكنه منافسة أداء نموذج “o1” الخاص بـ”أوبن أي آي”، رغم استخدامه لعملية أقل تكلفة وأقل استهلاكًا للطاقة.

وقد تمكنت الشركة من تحقيق هذا الإنجاز رغم القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على بيع وحدات معالجة الرسوميات المتقدمة من “إنفيديا”، والتي تُستخدم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، إلى الصين.

أما  إكس إيه أي، فقد كشفت في 2024 عن امتلاكها “كولوسوس سوبركمبيوتر” لتدريب الذكاء الاصطناعي، مستخدمًا 100.000 وحدة معالجة رسوميات متقدمة من “إنفيديا”. والثلاثاء، أعلنت الشركة أنها ضاعفت عدد وحدات المعالجة المستخدمة في تدريب “غروك 3”.

وبينما يرى العديد من خبراء الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا أن “ديب سيك” عززت المنافسة في المجال، من خلال إثبات إمكانية تحقيق تقدم باستخدام تقنيات أقل تطورًا، فإن البعض الآخر لا يزال متشككًا بشأن مدى تأثيرها الفعلي.