واشنطن – كشفت دراسة رائدة أن الكلاب قد تمتلك مستوى من الذكاء للتواصل مع البشر عبر استخدام عبارات مكونة من كلمتين للتعبير عن احتياجاتها ورغباتها.

وشارك في الدراسة 152 كلبًا درّبهم أصحابهم على استخدام لوحات صوتية مزوّدة بأزرار تصدر كلمات أو عبارات مسجلة مسبقًا، وعلى مدار 21 شهرًا، جمعت الدراسة بيانات لأكثر من 195 ألف تفاعل لتحليل كيفية استخدام الكلاب لهذه الأزرار.

وتوصلت الدراسة التي نشرت في مجلة “التقارير العلمية” إلى أن سلوك الكلاب ليس عشوائيا، بل يُظهر تخطيطا مقصودا، حيث أظهرت التحليلات أن هذه الحيوانات تستخدم مجموعات من الأزرار بشكل متكرر، ما يشير إلى أنها لا تضغط على الأزرار عبثا بل بهدف التعبير.

وأوضح الباحث فيديريكو روسانو “تشير النتائج إلى أن الكلاب تضغط على الأزرار بوعي للتعبير عن احتياجاتها ورغباتها، وعند استخدام زرين معًا يظهر أن هذه التتابعات تحمل معاني محددة وليست مجرد ضغطات عشوائية”. 

وحسب موقع “أي أف ال علوم” iflscience، أظهرت الدراسة أن الكلمات الفردية الأكثر شيوعًا بين الكلاب هي طعام ووجبة خفيفة والخروج والمكافأة واللعب، بالإضافة إلى تراكيب ذات دلالات واضحة مثل “طعام + ماء” و”الخروج + قضاء الحاجة” و “اسم الكلب + أريد”.

ووجد فريق البحث أيضا أن سلوك الكلاب في الضغط على الأزرار يختلف عن سلوك أصحابها. وعلى سبيل المثال، كان الضغط على زر “أحبك” أقل بكثير من قبل الحيوان مقارنة بالبشر، ما يشير إلى أنه لا يقوم بمحاكاة أصحابه في استخدام الأزرار. وهذه النتائج قد تكون مفاجئة للبعض الذين يعتقدون أن مشاعر التفاني بين الكلاب وأصحابها متبادلة تماما.

وأوضح فيديريكو روسانو، الذي قاد فريقا من العلماء في مختبر الإدراك المقارن بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، أن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها التي تحلل كيفية استخدام هذا الحيوان الأليف لوحات الصوت بشكل هادف، مشيرا الى أن “النتائج تكشف أن الكلاب تضغط على الأزرار بشكل متعمد للتعبير عن رغباتها واحتياجاتها، وليس فقط لتقليد أصحابها”.

وتؤكد الدراسة على أهمية لوحات الصوت في تمكين أصحاب الحيوانات الأليفة من فهم احتياجاتها بشكل أدق. وأشار روسانو إلى أن هذه اللوحات تتيح للكلاب إمكانية التواصل بشكل أكثر دقة، فبدلا من النباح أو الخدش على الباب، يمكن للكلب أن يعبر عن طلباته بوضوح مثل الجمع بين مفاهيم “الخروج” و”الحديقة” أو “الشاطئ”.

وفي المستقبل، يعتزم العلماء استكشاف كيف يمكن للكلاب استخدام الأزرار للتعبير عن مفاهيم أكثر تعقيدا، مثل الأحداث المستقبلية أو الذكريات.

وأشار الباحث فيديريكو روسانو إلى أن “نجاح الكلاب في هذا الأمر سيحدث نقلة نوعية في فهمنا لذكاء الحيوانات وقدراتها التواصلية”.

وفي دراسة سابقة استخدم باحثون نموذجا حديثا متطورا للذكاء الاصطناعي اسمه Wav2Vec2 لتحديد المشاعر والسلالة للكلب خلف أي نباح معين، واعتمد العلماء نماذج الكلام البشري لفك تشفير الاتصالات الحيوانية.

وعادة ما يستخدم الباحثون والخبراء حول العالم ما يسمى بـ”الصوتيات الحيوية الرقمية” (مسجلات رقمية صغيرة ومحمولة) لالتقاط أصوات وحركات وسلوكيات الحيوانات التي تكون هادئة جدا أو دقيقة للغاية بحيث لا يستطيع البشر رصدها.

كما نجح فريق بحث في المجر في اثبات أن الكلاب باستطاعتهم تمييز اللغات وذلك بعد عرض مقاطع من قصة “الأمير الصغير” باللغتين الإسبانية والمجرية على مجموعة تضم 18 كلبا واختبروا ردود فعل أمخاخها.

وتوصلت الدراسة الى أن أدمغة هذا الحيوان الأليف أنتجت أنماط نشاط مختلفة في القشرة السمعية الثانوية التي تحلل الأصوات المعقدة، عند استماعها إلى لغة مألوفة ولغة غير مألوفة، وأشاروا الى أنه كلما زاد عمر الكلب زاد تمييز المخ بين اللغتين.