باريس – وافق مجلس الدولة الفرنسي، أعلى محكمة إدارية، اليوم الأربعاء على قرار حظر ارتداء المحاميات مختلف الرموز بما فيها الدينية، ليشمل ذلك الحجاب، في ظل استمرارالجدل بين الهياكل المهنية حول استقلالية مهنة المحاماة، فيما تتصاعد المخاوف بين المسلمين في البلاد من التضييق على الحريات بذريعة العلمانية.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن المجلس ناقش الاعتراض على قرار سابق صادر عن الرابطة الوطنية للمحامين على خلفية أن ارتداء الحجاب يُعتبر عائقا أمام ضمان “محاكمات عادلة”.

ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من موافقة مجلس الشيوخ الفرنسي على قانون مماثل يهدف إلى حظر الحجاب في المنافسات الرياضية الى جانب منع صلاة الجماعة بالأماكن الرياضية العامة، والذي أثار انقساما بين أعضاء المجلس، حيث اتهم الأعضاء اليساريون نواب حزب الجمهوريين الذي يشكل الأغلبية في الجمعية العامة، باستهداف النساء المسلمات.

وكانت السيناتورة الاشتراكية سيلفي روبرت قد لفتت إلى أن القضايا التي اختار الجمهوريون مناقشتها في المجلس “أدت لانقسام المجتمع”، موضحة أن لها “غرض سياسي، وهو استهداف لدين الإسلام بذريعة العلمانية”.

ولطالما اثار موضوع حظر ارتداء الحجاب في فرنسا التي تضم أكبر جالية مسلمة في أوروبا جدلا واسعا بين العديد من التيارات السياسية التي تبرّر ذلك بحرصها على العلمانية وحياديتها تجاه مختلف الأديان ورموزها الدينية.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، وافقت الرابطة الوطنية الفرنسية للمحامين على مقترح يقضي بمنع المحامين من ارتداء أي رموز مميزة خلال عملهم. وإثر ذلك، تقدمت نقابة المحامين الفرنسية باعتراض لمجلس الدولة، بدعوى أن القرار ينتهك استقلالية أصحاب المهنة.

وأكدت النقابة في وقت سابق “انه لا يمكن للمجلس الوطني لهيئات المحامين أن يفرض قواعد جديدة تمس حرية ممارسة المهنة أو القواعد الأساسية التي تحكمها”، مشيرا إلى أن المجلس “غير مختص بإصدار تشريعات في هذا الشأن”.

وكان المجلس الدستوري قد رفض هذه الحجج، مؤكدا أن التعديل الذي أدخله المجلس الوطني لهيئات المحامين لا يفرض قواعد جديدة، بل يوضح فقط كيفية تطبيق النصوص القانونية القائمة، مشيرا إلى أن الهدف من ارتداء الرداء الموحد هو تمييز المحامين بزي خاص بهم، ومنعهم من إظهار تفضيلات شخصية من خلال مظهرهم الخارجي، مما قد يؤثر على دفاعهم عن مصالح موكليهم”، وفق وسائل اعلامية محلية.

وأضاف أن توحيد زي المحامين يهدف إلى ضمان المساواة بين المتقاضين، وهو ما يعتبر “شرطا ضروريا لضمان الحق في محاكمة عادلة”، مضيفا أن “هذا القرار يعتبر خطوة جديدة في النقاش الدائر في فرنسا حول التوازن بين الحريات الفردية ومبادئ العلمانية والحياد في المهن العامة”.