باريس – صادق مجلس الشيوخ الفرنسي اليوم الخميس على مشروع قانون يتعلق بحظر زواج المهاجرين غير النظاميين، على أن يتم تمرير المشروع للجمعية الوطنية (البرلمان) قبل اعتماده نهائيا، في ظل انتقادات واسعة داخل المؤسسة التشريعية ومن المنظمات الحقوقية.

وذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن السنياتور عن مجموعة الاتحاد المركزي ستيفان ديميلي كان قد اقترح هذا المشروع بدعم من وزير العدل جيرالد دارمانين ووزير الداخلية برونو ريتيلو رغم تعارضه مع أحكم الدستور.

ويؤكد ديميلي أن هناك الكثير من الترتيبات التي تهدف إلى “إيجاد طريق للخروج”، قائلا إن “المجلس الدستوري لا يلقي بسحابة سوداء هائلة فوق رؤوسنا بحيث لا نملك الحق في محاولة الخروج منها، وفق المصدر ذاته.

وأوضح تقرير “لوموند” أن المبادرة البرلمانية والتي حظيت في قراءة أولى بموافقة الأغلبية بـ227 صوتا مقابل 110 صوتا، تهدف إلى تشديد القيود على الهجرة غير الشرعية ومكافحة ما وصفته بـ”الزيجات الوهمية أو المرتبة أو “المصلحة” أو “الاحتيالية” والتي يتم التعاقد عليها.

ويأتي هذا التصويت بعد يومين فقط من استدعاء رئيس بلدية بيزييه الفرنسية أمام المدعي العام في مونبلييه على خلفية رفضه الاحتفال بزواج بين فرنسية وجزائري في وضع غير قانوني في يوليو/تموز 2023. ويواجه رئيس البلدية عقوبة سجنية قد تصل إلى خمس سنوات وغرامة قدرها 75 ألف يورو وحكم بعدم الأهلية.

وفي منتصف مايو/آيار تبنى الاتحاد الأوروبي ميثاقا للجوء والهجرة يشدد الضوابط وينشئ آلية تضامن بين الدول الأعضاء في رعاية طالبي اللجوء، فيما اعتمدت فرنسا 32 قانونا بشأن الهجرة والأجانب منذ عام 1980.

وشمل مروع القانون المقترح الذي تدعمه الحكومة من أجل خفض عدد المهاجرين غير النظاميين، إلغاء المساعدة الطبية الحكومية لهؤلاء واستبدالها “بمساعدة طبية طارئة” تغطي فقط الأمراض الخطيرة والحالات الطارئة. كما أكّد على ضرورة اتقان اللغة الفرنسية والاندماج في المجتمع الفرنسي الى جانب توفر الموارد المالية من أجل الحصول على تصريح الإقامة.

كما نصت المبادرة على تسريع إجراءات ترحيل المهاجرين ممن ارتكبوا جرائم وتغليظ العقوبات على مشغليهم، مشيرة الى إمكانية سحب الجنسية من مزدوجي الجنسية في حال ارتكاب جرائم خطيرة بهدف ردع الأعمال الإجرامية.

وفيما تدعم الحكومة الفرنسية هذه المبادرة البرلمانية، اعتبرتها المعارضة في مجلس الشيوخ تتعارض مع أحكام القضاء للمجلس الدستوري الصادرة في عم 2003 والتي تنص بوضوح على أن “احترام حرية الزواج يمنع الطبيعة غير النظامية لإقامة الأجنبي من أن تمنع في حد ذاتها زواج الشخص المعني”.

وبينما أكد جيرالد دارمانين أمام أعضاء المجلس أن “هذا يعتبر اعترافاً بتطور المجتمع”، نددت الناشطة البيئية ميلاني فوجل “بالهجوم الشامل على الدستور، وعلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن وبالتالي على سيادة القانون”. كما انتقدت الاشتراكية كورين ناراسيجوين المبادرة معتبرة أنها “تتبنى برنامج اليمين المتطرف” من أجل “تأجيج الأوهام وتضخيم مناخ مثير للقلق من كراهية الأجانب والعنصرية”.

وفي حين تؤيد جمعية رؤساء بلديات فرنسا النص، فإن رؤساء بلديات الجمعية الوطنية للمدن والأقاليم المرحبة اعتبروه “تمييزيا”، لكن تحالف الجمهوريين الليبراليين الوسطيين الذي يتمتع بالأغلبية في مجلس الشيوخ، اعتمد هذا الحكم صباح الخميس، مع إضافة تدابير أخرى اعتبرها أكثر “صلابة” من الناحية القانونية.

وكان التحالف نفسه قد صوت بدعم من الحكومة على مشروع قانون يفرض على أزواج المستقبل من حاملي الجنسية الأجنبية تقديم دليل على إقامتهم إلى عمدة المدينة، مشترطا أن تسمح هذه الأداة لرؤساء البلديات بتوصيف “غياب الموافقة” المشتبه به قبل الاتصال بالمدعي العام، وهو السلطة الوحيدة التي يمكنها حظر النقابة.

ومدد مجلس الشيوخ أيضًا مدة “تعليق الزواج” أي مدة التحقيق التي يجريها الادعاء العام والتي استجوبها رئيس البلدية في هذا الشأن. الإيقاف الذي يعتبر تلقائياً في حالة عدم وجود رد من النيابة العامة خلال خمسة عشر يوماً.

وأثار مشروع القانون موجة واسعة من الانتقادات، حيث اعتبرته المنظمات الحقوقية انتهاكا لحقوق الانسان وسببا لمعاناة المهاجرين، إذ يزيد من صعوبة اندماجهم في المجتمع الفرنسي، بينما يشكك البعض في قدرته على تحقيق أهدافه، مؤكّدين أن الهجرة غير الشرعية ستستمر بطرق أخرى.