باريس – قتل شخص وأصيب عنصران بالشرطة البلدية بجروح بالغة في عملية طعن اليوم السبت في مولهاوس بشرق فرنسا على هامش تظاهرة، فيما يشتبه بأن منفذ الهجوم الذي ينحدر من أصول جزائرية ومدرج على قائمة الترحيل و”الإرهاب”، وفق ما أعلنه المدعي العام الفرنسي، بينما أحيا الاعتداء مخاوف من عودة العمليات الإرهابية بعد سنوات من اعتداءات دموية شهدتها البلاد في 2012 و2015 و2016 (هجوم على شارلي ابدو واعتداءات منسقة في باريس أسفرت عن مقتل واصابة المئات وحادث دهس في نيس قتل وأصيب فيه العشرات).

وتأتي عملية الطعن التي تعتبر محدودة من حيث الاضرار مقارنة بحوادث سابقة شهدتها فرنسا، في غمرة أزمة بين فرنسا والجزائر على خلفية عدة ملفات خلافية من بينها رفض الأخيرة استقبال مؤثر جزائري اتهمه وزير الداخلية الفرنسي بالتحريض على العنف.

ومن المتوقع أن يستغل اليمين المتطرف هذه الحادثة ليزيد من الضغوط على الحكومة الفرنسية في ما يتعلق بملف المهاجرين وبصفة خاصة الجزائريين أو أولائك الذين ينحدرون من أصول جزائرية. وتتهم الجزائر اليمين المتطرف والخابرات الفرنسية بتأجيج التوتر بينها وبين فرنسا وتعتقد أن الرئيس امانويل ماكرون انساق إلى تلك الحملة المفترضة.

وقد أوضح المدعي نيكولا هيتس أن المشتبه به مدرج ضمن “ملف معالجة التقارير تجنبا للتطرف ذي الطابع الإرهابي”، لافتا الى أن ثلاثة عناصر آخرين في الشرطة البلدية اصيبوا بجروح أقل خطورة، فيما أعلنت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب أنها تتولى التحقيق في الهجوم.

ووقع الهجوم قبيل الساعة 16:00 (15:00 ت غ) على هامش تظاهرة دعم لجمهورية الكونغو الديموقراطية التي يشهد شطرها الشرقي هجوما لمتمردي حركة “إم 23” بدعم من رواندا.

وأفاد مصدر نقابي بأن المشتبه به مولود في الجزائر وصدر بحقه أمر بمغادرة الاراضي الفرنسية وهو حاليا تحت مراقبة قضائية ويخضع لإقامة جبرية.

وذكر الادعاء العام في بيان في وقت لاحق أن رجلا هاجم رجال شرطة في مدينة ميلوز وهو يهتف “الله أكبر” بعد ظهر اليوم، مضيفا أن أحد المارة قُتل خلال محاولته التدخل، بينما أصيب ثلاثة من رجال الشرطة.

وكتبت رئيسة بلدية مولهاوس ميشيل لوتز على موقع فيسبوك “مدينتنا في قبضة الإرهاب”، مؤكدة تعاطفها مع الضحايا وعائلاتهم.

وتأتي هذه الحادثة في غمرة توتر بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد أن رفضت السلطات الجزائرية تسلّم عدد من المهاجرين الذين رحلتهم السلطات الفرنسية بعد صدرت بحقهم قرارات ترحيل في قضايا مختلفة.

وقدم مجلس الشيوخ الفرنسي منذ نحو أسبوعين مبادرة لمراجعة اتفاق التعاون في مجال الهجرة المبرم بين فرنسا والجزائر عام 1968 والذي يمنح امتيازات للمهاجرين الجزائريين.

ووصلت العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى نقطة اللاعودة، خاصة بعد الأزمة التي أثارها اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، فيما قابلت الجزائر كافة الدعوات من جانب باريس بالتصعيد. 

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهجوم بأنه هو “عمل إرهابي إسلامي”، مؤكدا “تضامن الأمة بأسرها”، مضيفا أن وزير الداخلية برونو روتايو الذي سيتوجه إلى مكان الهجوم “سيتحدث مساء للإدلاء بتفاصيل حول الملف”، مؤكدا “عزم الحكومة وعزمه على مواصلة العمل المستمر منذ ثمانية أعوام وبذل كل ما هو ممكن لاجتثاث الإرهاب”.

وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية في 9 أغسطس/آب الماضي أن الأعمال المعادية للسامية تضاعفت نحو ثلاث مرات في البلاد في النصف الأول من 2024 مع تسجيل 887 واقعة مقابل 304 خلال الفترة نفسها من 2023.