بكين – سرق مختبر الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” محط أنظار قطاع التكنولوجيا هذا الأسبوع، لكن أحد أبرز منافسيه المحليين، “علي بابا”، لم يقف متفرجًا.

أطلقت شركة “علي بابا” الصينية العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية “كوين 2.5- ماكس”، مشيرة إلى أنّ هذا البرنامج للذكاء الاصطناعي المتقدّم يتجاوز قدرات جميع النماذج الموجودة حاليا.

وأعلن فريق “كوين” التابع لـ”علي بابا” الثلاثاء عن إطلاق عائلة جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي “Qwen2.5-VL”، التي تتميز بقدرتها على أداء مجموعة واسعة من مهام تحليل النصوص والصور.

 وتشمل إمكانياتها قراءة الملفات، وفهم مقاطع الفيديو، وإحصاء الأجسام داخل الصور، وحتى التحكم في أجهزة الكمبيوتر—على غرار النموذج الذي تعتمد عليه ميزة “Operator” التي أطلقتها “أوبن أيه آي” مؤخرًا.

وفقًا لاختبارات الأداء التي أجراها فريق “كوين”، يتفوق أفضل نموذج من سلسلة Qwen2.5-VL على نماذج GPT-4o من “أوبن أيه آي”، و”Claude 3.5 Sonnet” من “أنثروبيك”، و”Gemini 2.0 Flash” من غوغل في عدة مهام، تشمل تحليل الفيديو، والرياضيات، وتحليل المستندات، والإجابة على الأسئلة.

بحسب تقارير إعلامية، قامت “علي بابا” علنًا أيضا بتحدي “ديب سيك” في منشور على “وي تشات”، حيث صرحت بأن Qwen 2.5 “يتفوق” على V3.

النموذج متاح للاختبار عبر تطبيق “كوين شات” التابع لـ”علي بابا”، كما يمكن تنزيله عبر منصة “Hugging Face” المخصصة لمطوري الذكاء الاصطناعي.

وبحسب فريق التطوير، يمكن لـ “Qwen2.5-VL” تحليل الرسوم البيانية والمخططات، واستخراج البيانات من المستندات الممسوحة ضوئيًا مثل الفواتير والنماذج، وفهم محتوى مقاطع فيديو تمتد لساعات. كما يمكنه التعرف على الشخصيات من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، إضافة إلى مجموعة واسعة من المنتجات—ما يشير إلى احتمال تدريبه على أعمال محمية بحقوق النشر.

نظرًا لتطويره من قبل شركة صينية، يفرض “Qwen2.5-VL” بعض القيود على المواضيع التي يمكنه مناقشتها—على الأقل عند استخدامه عبر” Qwen Chat”. على سبيل المثال، عندما طلب أحد المستخدمين من النموذج “Qwen2.5-VL-72B” التحدث عن “أخطاء شي جين بينغ”، ظهرت رسالة خطأ.

تفرض الهيئات التنظيمية للإنترنت في الصين معايير صارمة على نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة محليًا، لضمان أن ردودها تتماشى مع “القيم الاشتراكية الأساسية”. ولذلك، ترفض معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي الصينية مناقشة المواضيع الحساسة سياسيًا، مثل استقلال تايوان.

التحكم في البرامج والتطبيقات

من الميزات الأكثر إثارة في “Qwen2.5-VL” قدرته على التفاعل مع البرمجيات، سواء على أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة.

في مقطع فيديو نشره فيليب شميد، القائد التقني في “Hugging Face”، على منصة اكس، يظهر” Qwen2.5-VL” وهو يقوم بتشغيل تطبيق “Booking.com” على جهاز يعمل بنظام أندرويد، ويحجز رحلة طيران من تشونغتشينغ إلى بكين. وفي فيديو آخر، شوهد النموذج يتحكم في تطبيقات على سطح مكتب يعمل بنظام Linux—لكنه لم يحقق سوى تبديل علامات التبويب دون إنجاز مهام معقدة.

من الجدير بالذكر أن تقييم Qwen2.5-VL في معيار OSWorld—الذي يحاكي بيئة حقيقية لنظام تشغيل—لم يكن جيدًا، مما يشير إلى أن قدراته في التحكم في النظام لا تزال محدودة.

وفي 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، أطلقت “ديبسيك” في الصين نموذج ذكاء اصطناعي طورته بتكلفة منخفضة وباستخدام عدد قليل من الرقائق مقارنة بشركات الذكاء الاصطناعي الأخرى.
والنموذج الذي بدأ استخدامه على نطاق واسع في أنحاء العالم خلال مدة قصيرة تجاوز تطبيق “تشات جي بي تي” الأميركي ليصبح أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي استخداما.
وأثار إطلاق الشركة الصينية نموذج ذكاء اصطناعي منخفض التكلفة، شكوكا في هيمنة الشركات الغربية، لا سيما الأميركية، على هذا القطاع رغم الإنفاق الكبير الذي تخصصه لهذا المجال.