الصالح نيوز : “صراع الخلافة” في الفاتيكان يشتد وانقسام بين الكرادلة والبابا فرنسيس على قيد الحياة

شفق نيوز/ منذ الوعكة الصحية التي مر بها البابا فرنسيس، قبل أيام، وبالرغم من أنه ما يزال على قيد الحياة، إلا أن التقارير الصحفية تتناول أخبار صحته وكأن الحبر الأعظم قد توفي بالفعل.

وبدأت التقارير في التكهن بأسماء الكرادلة المحتملين لخلافته. ورغم أن الفاتيكان أعلن أن حالة البابا الصحية “تبقى حرجة لكنها مستقرة”، فإن التحليلات حول خلافته تظل محط اهتمام، خاصة في ظل الانقسام الكبير بين الكرادلة أكثر من أي وقت مضى.

فقد أشار الكرسي الرسولي في بيان مقتضب صباح الأربعاء 26 شباط – فبراير 2025 إلى أن البابا “أمضى ليلة هادئة وهو يأخذ قسطا من الراحة الآن”.

وأوضح الفاتيكان أن البابا خضع مساء الثلاثاء لتصوير بالأشعة السينية لمتابعة حالته الصحية، مشيرا الى أن “التشخيص يبقى متحفظا”. يذكر أن فرنسيس دخل المستشفى قبل 13 يوما نتيجة التهاب رئوي ما أثار مخاوف جدية حول صحته.

في هذا الإطار، أشارت تقارير صحفية عدة إلى أن السباق انطلق لاختيار خلف له ودخل الكرادلة في صراع نفوذ، خصوصا أن احتمال انتخاب بابا جديد يأتي في توقيت بالغ الحساسية عالميا، مع عودة دونالد ترامب إلى الساحة، وتصاعد نفوذ اليمين المتطرف في أوروبا، وتنامي ردود الفعل المناهضة للهجرة.

ويبلغ عدد الكرادلة 252، لكن 138 منهم فقط مؤهلون للتصويت لاختيار البابا الجديد، إذ يُستبعد الباقون بسبب تجاوزهم سن الثمانين.

وذكرت صحيفة “التلغراف” أن من بين هؤلاء الـ138، عين البابا فرنسيس 110 كرادلة، أي نحو 80%. وقال أوستن إيفري، القريب من البابا فرنسيس ومؤلف كتاب “المصلح العظيم: فرنسيس وصناعة بابا راديكالي”: “من خلال تعييناته، يسعى البابا لضمان عملية تؤدي إلى انتخاب بابا يلبي احتياجات الكنيسة في هذا العصر”، مشيرا إلى أنه اختار شخصيات ستجلب إلى النقاش حول مستقبل البابوية أصوات المهاجرين والفقراء وضحايا الحروب.

رغم ذلك، يحذر المراقبون أنه لا يمكن افتراض أن المجمع المغلق سينتخب “نسخة” عن البابا الحالي لمجرد أنه عين القسم الكبر من الكرادلة، في حال انقسمت الانتخابات بين المحافظين والتقدميين. 

فالكرادلة الذين عيّنهم البابا فرنسيس يأتون من دول متعددة، ولديهم وجهات نظر متباينة تماما حول قضايا حساسة، مثل دور المرأة في الكنيسة والموقف من المثليين، ما قد يجعل مسار الانتخابات البابوية أقل وضوحا مما يبدو.

من جانبها، اعتبرت صحيفة “بوليتيكو” أن مجمع الكرادلة لم يعد يتمتع بنفس التماسك السابق، وهو ما يعود جزئيا إلى تعيينات البابا فرنسيس.

فخلال معظم تاريخ الكنيسة، كان الكرادلة في غالبيتهم إيطاليين أو أوروبيين، ما أتاح لهم فرصا وافرة للتعارف والتشاور وحتى التآمر في دوائر ضيقة. لكن البابا فرنسيس غير هذه المعادلة بتعيينه 73 كردينالا يمتلكون حق التصويت من خارج أوروبا، في أماكن بعيدة مثل منغوليا وجمهورية الكونغو.

ورغم أن هذا التوجه يعكس التحولات الديموغرافية داخل الكنيسة، إلا أنه حمل أيضا بعدا استراتيجيا، حيث قلل من فرص الكرادلة في بناء تحالفات وثيقة، ما قد يجعل عملية انتخاب البابا المقبل أكثر تعقيدا وصعوبة.

وترى الصحيفة أن التقدميين قد يدعمون مرشحا معتدلا يُنظر إليه على أنه “دمية” في أيديهم، بينما قد يستخدم المحافظون أقلية معارضة، حيث يكفي ثلث عدد الكرادلة فقط، لرفض أي مرشح يُعتبر استمرارا لخط البابا فرنسيس. فبعد سنوات من التقلبات تحت قيادة البابا فرنسيس، قد يرغب البعض ببساطة في انتخاب بابا “عادي”.

وقال أحد المراقبين: “البابا فرنسيس حصر السلطة بشكل كبير في نفسه، لذا سيكون من الممتع للغاية أن نرى ما سيكون عليه التوازن في القوى بعد رحيله”.