الرباط – في قالب سينمائي مليء بالأحاسيس والمشاعر التي تلامس القلوب، تسلط المخرجة المغربية مريم عدو في فيلمها الجديد “شجرة الرنج” الضوء على مجموعة من القضايا المسكوت عنها وخبايا ظاهرة الإجهاض ومعاناة النساء والعلاقات خارج إطار الزواج.

وعلى مدار 18 دقيقة تنقل عدو قصة واقعية تتناول المعاناة النفسية والجسدية لسيدة حاولت انهاء حمل غير مرغوب فيه. وبأسلوب يمزج بين الطابع الإنساني والإبداع الفني بعثت المخرجة رسائل قوية تدعو إلى توعية النساء بمخاطر الإجهاض السري بجميع أشكاله.

تم تقديم العرض ما قبل الأول لـ”شجرة الرنج” الخميس بسينما النهضة بالرباط وذلك في إطار برنامج “خميس السينما و حقوق الإنسان”، وهو من انتاج جمعية لقاءات البحر الأبيض المتوسط وحقوق الإنسان على إثر إعداد “إستراتيجية للدعوة لإصلاح القانون الجنائي بشأن مسألة الإنهاء الإرادي للحمل في المغرب”.

وخلقت مريم عدو حركية في الفيلم من خلال إدراجها لوحات للرسام الشهير مارك شاغال ومشهد قصير مستوحى من الفنان بول أريكو الذي اشتغل على موضوع الإجهاض، ما أضفى صوتا للصور، خاطبت من خلاله المخرجة عقلية الجمهور عبر تحفيزه للحديث عما يخالجه من مشاعر في مواجهة هذه الإشكالية بتبعاتها الإجتماعية والإنسانية القاسية.

وتم إنجاز الفيلم الوثائقي بالشراكة مع الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب وجمعية عدالة والجمعية المغربية لتنظيم الأسرة وإتحاد العمل النسائي وجمعية التحدي للمساواة والمواطنة وجمعية الشباب من أجل الشباب ومركز حقوق الناس وإئتلاف “ربيع الكرامة” وجمعية صلة وجمعية صوت المرأة الأمازيغية وجمعية إنصاف.

وقالت مريم عدو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن القصة تتناول معركة سيدة واجهت العديد من العقبات وتخلى عنها الجميع قبل أن تجد حلا لمشكلتها، لافتة الى أنها وجدت صعوبات في العثور على نساء يرغبن في الإدلاء بشهادتهن أمام الكاميرا خوفا من أن يتم التعرف عليهن.

وأوضحت الكاتبة العامة لجمعية التضامن النسوي ليلى مجدولين أن الإجهاض السري الذي يتم بإستعمال أعشاب خاصة يترك آثارا لاحقة مدى الحياة على الأم والطفل في حالة نجا الأخير من هذه المحاولات، وفق المصدر ذاته.

وحذرت مجدولين من أن “الأطفال غير المرغوب فيهم يمكن أن يقعوا ضحايا للإتجار بالبشر، وأن يتم إستخدامهم في التسول أو أن يواجهوا التشرد في الشوارع”، مؤكدة أن “أزمة هوية يعيشها هؤلاء الأطفال تعكس مشكلة إجتماعية معقدة وخطيرة للغاية”.

وفي نفس السياق، أبرزت عضوة مكتب الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومنسقة إئتلاف ربيع الكرامة فوزية ياسين أنه من المهم التواصل والتوعية وتحسيس الناس بشأن الحمل غير المرغوب فيه، والمخاطر العديدة المرتبطة بالإجهاض السري، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء.

وشددت ياسين على الدور الهام الذي تضطلع به السينما في تسليط الضوء على هذه الفئة من النساء وتشجيع إثارة النقاش حول هذه القضية، مشيرة إلى أن المرأة في وضعية هشة هي الأكثر لجوءا إلى هذه العملية.

ويشكل خميس السينما وحقوق الإنسان حدثا سينمائيا شهريا موجها لتوعية الجمهور بمختلف القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان من خلال الفن السينما. ويتوخى تشجيع ظهور ثقافة متجذرة بقوة في القيم وخلق جمهور واع بأهمية الحفاظ عليها.

ويتضمن البرنامج عرض أفلام تستكشف جوانب مختلفة من حقوق الإنسان، يعقبه نقاش بهدف خلق مساحة من النقاش المفتوح حول قضايا حقوق الإنسان في السينما.