وارسو – في حين قد نُعجب بالذكاء الاصطناعي الذي تتمتع به الروبوتات الشبيهة بالبشر، إلا أن مشيتها غالبًا ما تكون غير متناسقة ومتعثرة.

لكن الآن، طوَّر خبراء روبوتًا يتميز بحركات مذهلة تحاكي الواقع بفضل عضلات اصطناعية مخفية تحت جلد شفاف.

شركة “كلون روبوتيكس” البولندية الناشئة شاركت مقطعًا جديدًا ومثيرًا للرهبة يُظهر “بروتوكْلون”، الذي تصفه بأنه “إنسان اصطناعي دقيق من الناحية التشريحية لكنه بلا وجه”.

يبدو هذا الجهاز وكأنه خرج من أفلام “ترميناتور”، حيث يتدلى نموذج أولي بطول 1.8 متر من السقف داخل ورشة تطوير سرية للشركة.

م تصميم “بروتوكْلون” بهيكل من البوليمر يحاكي 206 عظام بشرية. وتأمل الشركة أن يصبح الروبوت قادرًا يومًا ما على استخدام الأدوات البشرية وأداء مهام مثل غسل الملابس، وتنظيف الأطباق، وإعداد وجبات بسيطة.

وفقًا للتقارير، يحتوي “بروتوكْلون” على أكثر من 1000 عضلة اصطناعية تعتمد على تقنية “مايوفاير” الخاصة بالشركة، والتي تستند إلى مفهوم العضلات الهوائية “ماكيبين”. تعمل هذه العضلات عبر أنابيب شبكية تحتوي على بالونات تتقلص عند امتلائها بسائل هيدروليكي، مما يحاكي وظيفة العضلات البشرية. ويعمل مضخة كهربائية بقوة 500 واط كـ”قلب” للروبوت، حيث تضخ السوائل بمعدل 40 لترًا قياسيًا في الدقيقة.

وأثناء تشغيل موسيقى الروك، يتحرك “بروتوكْلون” بشكل متشنج، ملوحًا بأطرافه ورأسه منحني، تمامًا كدمية أعاد عالم مجنون إحياءها.

يُوصف “بروتوكْلون” بأنه “أول روبوت بشري ثنائي الأرجل ومزوَّد بهيكل عضلي هيكلي في العالم”، حيث يمتلك عظامًا ومفاصل وأوتارًا وعضلات اصطناعية تمكّنه نظريًا من المشي على قدمين.

نشرت الشركة المقطع على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، لتتنوع ردود الأفعال بين الإعجاب والقلق، إذ وصفه أحد المستخدمين بأنه “رائع”، بينما قال آخر إنه “مخيف”.

بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بدوا مستائين من هذا الروبوت عديم الوجه، حتى أن أحدهم علق قائلًا: “هل يمكنكم فقط رسم وجه مبتسم على رأسه، من فضلكم؟”.

نشر شخص آخر تعليقًا ساخرًا: “هذا ليس بشريًا بأي شكل من الأشكال”، بينما كتب آخر ببساطة: “لقد كان مشوارًا جيدًا، أيها البشر”.

أما تعليق آخر فقد جاء أكثر انتقادًا: “بينما يرى الأشخاص العاديون أفلام الخيال العلمي التي تصور الديستوبيا كتحذير، فإن المهووسين يرونها ككتيبات تعليمات”.

تروج “كلون روبوتيكس” لجهازها باعتباره روبوتًا ثنائي الأرجل، لكن المقطع يظهره معلقًا بحبال فقط، بينما يتحرك بشكل هستيري.

لم يُظهر “بروتوكْلون” بعد قدرته على المشي، على عكس منافسين مثل “أوبتيموس” من إيلون ماسك و”أطلس” من “بوستون دايناميكس”.

ومع ذلك، يتميز “بروتوكْلون” ببنية أقرب إلى شكل الإنسان، مع حركات واقعية للغاية.

باستثناء افتقاره للوجه، فإن النموذج الأولي “دقيق تشريحيًا” إذ يمتلك أكثر من 200 درجة من الحرية، أي 200 حركة محتملة.

كما يضم 1000 ليفة عضلية اصطناعية و500 مستشعر، مما يمنحه إدراكًا محيطًا متقدمًا.

يعتمد “بروتوكْلون” حاليًا على نظام هوائي لتشغيله، لكن الشركة تخطط للانتقال إلى نظام هيدروليكي يعتمد على المكابس والسوائل. كما أنه مزود بمضخة كهربائية بقوة 500 واط، تعمل على تدوير المياه داخل نظامه بطريقة تشبه ضخ القلب البشري للدم.

توضح الشركة أن “الأنظمة الهوائية صاخبة وتتجاوز عادةً 86 ديسيبل، بينما تعمل مضخة المياه في ‘كلون’ عند 36 ديسيبل فقط دون أي عزل صوتي”.

من الخارج، صُمم الروبوت ليبدو وكأنه إنسان رياضي ذو بنية قوية، مع عضلات صدر وذراعين وأفخاذ بارزة.

لكن هذا التصميم أثار مخاوف من أنه قد يصبح أقوى من البشر إذا تُرك حرًا دون قيود.

علق أحد المستخدمين على “إكس” مازحًا: “تعليقه كان قرارًا حكيمًا. الآن، اتركوه هناك ولا تطلقوه أبدًا”.

ميشيل ديكنسون، عالمة النانوتكنولوجيا في نيوزيلندا، وصفت مقطع “كلون روبوتيكس” المنتشر بأنه “مذهل لكنه مرعب”.

وأضافت في مقطع فيديو على “لينكد إن”: “سأعترف أن رؤية هذا الروبوت بلا وجه وهو يتحرك جعلتني أشعر بقشعريرة حقيقية”، مشيرة إلى أننا اعتدنا على الروبوتات المصممة لتبدو ودودة.

تهدف “كلون روبوتيكس” إلى تطوير بشر اصطناعيين قادرين على العمل بشكل مستقل في “بيئات معقدة”، بما في ذلك المنازل والمكاتب.

وعلى الرغم من أنه لا يزال قيد التطوير، فإن هذه الروبوتات قد تصبح قادرة على سكب المشروبات، وتحضير الطعام، وترتيب الطاولة، وغسل الملابس، وكنس الأرضيات.

تأسست الشركة في فروتسواف عام 2021، لكنها وسعت عملياتها لتشمل مكاتب في كاليفورنيا، حيث توظف حاليًا مختصين في مجالات مثل الهندسة التقنية وتطوير البرمجيات.

وتخاطب الشركة الموظفين المحتملين بعبارة: “بانضمامك إلى ‘كلون’، ستعمل على تسريع التكنولوجيا البشرية لعقود”.

وتضيف: “‘كلون’ تطور أندرويدات عضلية هيكلية فائقة الذكاء، مزودة بأكثر الأيدي البشرية تقدمًا في العالم، لحل مشاكل الحياة اليومية”.

“كلون روبوتيكس” ليست الشركة الوحيدة التي تسعى لتطوير روبوتات بشرية عملية. في السابق، تم تسليط الضوء على روبوتات مشابهة من شركات مثل “بوستون دايناميكس”، و”يونيتري”، و”فيغر”، و”تسلا”، بينما تتنافس شركات التكنولوجيا مثل “نفيديا”، و”غوغل”، و”مايكروسوفت” في سباق محموم لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على تشغيل هذه الروبوتات المنزلية بكفاءة وأمان.