التخطي إلى المحتوى

الصالح نيوز :
‘ديب سيك’ درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة

الصالح نيوز : 
  'ديب سيك' درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة
الصالح نيوز :
‘ديب سيك’ درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة


الصالح نيوز :
‘ديب سيك’ درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة

‘ديب سيك’ درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة

واشنطن تستنسخ نفس السياسات في التعامل مع نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني من تجربتها مع تيك توك وقبله هواوي، رغم ان النتائج لم تكن دائما في صالحها.

واشنطن – تشهدت الساحة التكنولوجية العالمية في الآونة الأخيرة فضلا جديدا التوتر بين الدول الغربية والصين، وذلك على خلفية التقدم الكبير الذي أحرزته الشركات الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي.

ومن بين هذه الشركات، برز اسم “ديب سيك”، التي تمكنت من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي متطور يُنافس النماذج الغربية الكبرى ويقلب موازين السبق الغربي في المجال لصالح الصين، ومرة أخرى بدى ان الولايات المتحدة تستنسخ نفسها في مواجهة تحد عاشه التفوق الغربي التقني المزعوم اكثر من مرة خلال الأعوام القليلة الماضية.

ومن هواوي الى تيك توك وأخيرا “ديب سيك”، تبدو السياسات الغربية وخاصة الأميركية متشابهة في محاولة كبح ما لا يمكن كبحه، بل ان هذه السياسات أدت وقد تأدي الى نتائج عكسية كما هو الحال مع هواي.

رغم أن العقوبات الأميركية التي فرضت قبل  ست سنوات، كان يُفترض أن تُضعف عملاقة التكنولوجيا الصينية، إلا أنها دفعتها إلى تعزيز استقلالها التكنولوجي والاعتماد على مواردها المحلية، مما أدى إلى نتائج غير متوقعة لصالحها.

فبعد أن حُرمت من الوصول إلى أشباه الموصلات المتقدمة والتقنيات الأميركية، استثمرت هواوي بشكل مكثف في تطوير رقائقها الخاصة من خلال شركتها التابعة “هاي سيليكون”، كما عملت على بناء سلسلة توريد محلية لتقليل اعتمادها على الموردين الغربيين.

إضافة إلى ذلك، سرعت العقوبات من تحول الصين نحو تصنيع أشباه الموصلات محليًا، مما جعل هواوي لاعبا أساسيا في جهود بكين لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي. وبدلًا من أن تنهار، نجحت الشركة في إطلاق أجهزة جديدة مثل هاتف “ميت 60 برو”، الذي أثبت قدرتها على تطوير تقنيات متقدمة دون الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، مما اعتبره البعض انتصارا غير متوقع في مواجهة الحصار التكنولوجي.

لكن يبدو ان الولايات المتحدة والغرب يرفضون التعلم من الدرس.

حرب شاملة بنفس الادوات

اذ كما حدث مع “تيك توك” وقبلها مع هواوي، ركزت الولايات المتحدة في تعاملها مع “ديب سيك” على مسألة الأمن القومي، مدعيةً أن الشركة الصينية قد تكون أداة لجمع البيانات لصالح الحكومة الصينية.

وفي الحالتين، جرى التلويح بإمكانية تسريب المعلومات الحساسة للمستخدمين الأميركيين، ما قد يشكل خطرًا على الأمن السيبراني والاقتصاد الرقمي الأميركي.

فيما تحاول إدارة الرئيس دونالد ترامب إجبار “تيك توك” على بيع عملياتها لشركة أميركية منذ عهدته الماضية والى الان، يتكرر السيناريو مع “ديب سيك”، حيث تسعى واشنطن للضغط على الشركة إما للخضوع للرقابة الأميركية أو الخروج من السوق الأميركية تمامًا.

وهذا النهج يعكس رغبة الولايات المتحدة في التحكم في الشركات التكنولوجية الأجنبية التي تحقق نجاحًا كبيرًا داخل أراضيها.

ووصف ترامب “ديب سيك”بأنه “جرس إنذار لصناعاتنا لكي نركز بكل طاقتنا على المنافسة من أجل الفوز”، وهو تصريح يعكس حجم الاستنفار الأميركي والتجييش ضد التقنيات الصينية.

واجه “تيك توك” حظرًا على الأجهزة الحكومية الأميركية، وشهدت محاولات متكررة لحظره على مستوى أوسع داخل الولايات المتحدة. بالمثل، تعرض “ديب سيك” لقيود تمنع المؤسسات الفيدرالية والشركات الكبرى من استخدام تقنياته، مع تحذيرات من السلطات حول مخاطر الاعتماد عليه في قطاعات حساسة.

في كلا الحالتين، لجأت الولايات المتحدة إلى قوانين وتشريعات للحد من انتشار التكنولوجيا الصينية. ففي حالة “تيك توك”، تم اقتراح قوانين تمنع استخدام التطبيق أو تفرض قيودًا على عملياته داخل الولايات المتحدة. أما “ديب سيك”، فقد أدرجته واشنطن ضمن قائمة الكيانات التي تخضع للرقابة، مما يمنع الشركات الأميركية من التعامل معه بحرية.
من جهة اخرة ساهم الإعلام الأميركي في تصوير “تيك توك” و”ديب سيك” على أنهما تهديدات مباشرة للأمن القومي، مما ساعد في بناء رأي عام داعم للإجراءات الحكومية ضد هذه الشركات.

 ومن خلال التركيز على مزاعم خطورة التطبيقات الصينية، أصبحت هذه القضية جزءًا من الخطاب السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مما زاد من زخم الإجراءات المتخذة ضد التكنولوجيا الصينية.

وبالتزامن مع الانتشار السريع لتقنيات “ديب سيك” عالميًا، كثّف بعض السياسيين الأمريكيين جهودهم لاستهداف الصناعات الصينية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، في محاولة للحفاظ على الهيمنة التكنولوجية للولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، اقترح السيناتور الأميركي جوش هاولي مؤخرًا مشروع قانون يحظر على الشركات الأميركية الاستثمار في أي كيان صيني يعمل في أبحاث أو تطوير الذكاء الاصطناعي، أو يشارك في إنتاج البرمجيات أو الأجهزة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لما نقلته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست.

وفي أواخر يناير/شباط، حظرت وكالة “ناسا” استخدام تقنية “ديب سيك” بين موظفيها، كما منعت الوصول إلى منصتها من أنظمتها الداخلية، مبررة ذلك بمخاوف تتعلق بـ”الأمن القومي والخصوصية”، بحسب تقرير نشرته شبكة CNBC. كما أصدرت البحرية الأميركية تعليمات لعناصرها بعدم استخدام “ديب سيك”، مشيرة إلى “مخاوف أمنية وأخلاقية تتعلق بمنشأ النموذج واستخدامه”.

وبعيدًا عن الحظر وحملات التشويه، تعرضت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية لسلسلة من الهجمات الإلكترونية المتقدمة واسعة النطاق، وفقًا لشركة الأمن السيبراني الصينية XLab، حيث أشارت التحقيقات إلى أن معظم عناوين IP المستخدمة في هذه الهجمات جاءت من الولايات المتحدة وسنغافورة وهولندا وألمانيا، إى جانب بعض العناوين المحلية داخل الصين.

الاحتواء بديلا للعداء؟

لكن ظهور “ديب سيك” بحد ذاته، رغم سياسات الاحتواء التكنولوجي والقيود المفروضة على توريد الرقائق الأميركية الى الصين، اثبت ان هذا النهج لا تجدي نفعًا.

وهذا الدرس يجب أن يتعلمه العالم بأسره، وخاصة الولايات المتحدة، وفقًا لما صرّح به فو كونغ، المندوب الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، ردًا على سؤال حول “ديب سيك” ومستقبل التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين الصين والولايات المتحدة، وذلك وفقًا لتقرير بثته قناة التلفزيون المركزي الصيني (CCTV).

وقال فو خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك يوم الثلاثاء: “لا تستهينوا أبدًا بقدرة العلماء والمهندسين الصينيين على الابتكار”. وأضاف: “من هواوي إلى تيك توك، والآن ديب سيك – إلى أي مدى ستواصل الولايات المتحدة فرض الحظر؟”

لأي مدى ستواصل الولايات المتحدة فرض الحظر؟

وأكد فو: “لسنا بحاجة إلى مزيد من الحظر”، مشددًا على أن الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما دولتين رائدتين في مجال الذكاء الاصطناعي، لا تستطيعان تحمّل عواقب عدم التعاون. وأوضح أن “التعاون المشترك وحده كفيل بتضييق الفجوة الرقمية والمعرفية، وضمان استفادة دول الجنوب العالمي على قدم المساواة من تطور الذكاء الاصطناعي”.

وردًا على ذلك، دعا خبراء الصناعة واشنطن إلى التعامل مع صعود تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الصينية بإنصاف. وأكد أن “ديب سيك” يمثل أحدث مثال على الابتكار الصيني المتقدم في سباق التكنولوجيا العالمي، ويُثبت أن القيود الغربية لن تتمكن من وقف التقدم التكنولوجي للصين.

من جهتها قالت ألكسندرا موسافيزاده، الرئيسة التنفيذية لشركة “Evident” للاستشارات في مجال الذكاء الاصطناعي: “القصة الحقيقية هي عن تقليص الفجوة بين النماذج مفتوحة المصدر والمغلقة. النماذج مفتوحة المصدر أصبحت تقترب أكثر فأكثر من قدرات النماذج المغلقة، ونشهد انخفاضًا مستمرًا في الأسعار”.

وأوضحت أن “ديب سيك” أثبتت أنه ليس من الضروري امتلاك أقصى قدر من القدرة الحاسوبية، بل يمكن استخدام المصادر المفتوحة كبديل عند بناء نماذج لغوية ضخمة، بل إن هذه العوامل يمكن أن تحفز الابتكار.

وقالت: “رأينا أن القيود دفعتهم لاستخدام طرق علمية وأنظمة تضغط البيانات إلى نطاق أصغر بكثير، مما يقلل من استهلاك الطاقة باستخدام نماذج تعتمد على خبراء متعددين”. وأضافت: “المنافسون في مجال الذكاء الاصطناعي يمكنهم تحقيق المزيد باستخدام موارد أقل”.

قالت موسافيزاده: “لا يمكنك فرض رقابة كاملة”، مشيرةً إلى أن بيئة المصادر المفتوحة تتميز بتبادل واسع للمعرفة، “بغض النظر عن السياسة الحكومية”.

من جهته كتب داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “Anthropic” الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي: “في النهاية، يجب أن تمتلك شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والدول الديمقراطية نماذج أفضل من تلك في الصين إذا أردنا التفوق”.

ويرى أحد المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون أنه يجب السماح باستخدام المزيد من التكنولوجيا الصينية في الولايات المتحدة، لا العكس.

عند ظهور “ديب سيك” قبل ثلاثة اسابيع، قال آرون ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة “بوكس” للبرمجيات، إن المنافسة المتزايدة بين الشركات لتقديم ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وبأسعار أقل تصب في مصلحة الشركات مثل “بوكس” وعملائها من الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

ورغم أنه أقر بالمخاوف الأمنية وغيرها بشأن التكنولوجيا الصينية، إلا أنه قال: “فلنحصل على الابتكار من كل مكان ممكن”.

هذا رأي يتماشى مع فكرة حرية السوق التي يدعمها الكثيرون. هذا الأسبوع، كرر ترامب وساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة “مايكروسوفت”، نفس الرسالة، حيث أكدا أن المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي مفيدة للجميع.

يعترف الخبراء بأن تحقيق التوازن بين الاستفادة من أفضل الأفكار التكنولوجية عالميًا وحماية الأمن القومي من المخاطر المشروعة المرتبطة بالتكنولوجيا الصينية ليس بالأمر السهل. لكن هناك بعض الأفكار والنماذج الواعدة.

مؤخرًا، أقرّت الحكومة الأميركية أول نظام للتحقق من الأمان الرقمي لبعض الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، التي غالبًا ما تأتي من الصين، بهدف التصدي لمخاطر أمن البيانات.

أما مارتن شورزيمبا، الباحث البارز في معهد “بيترسون” للاقتصاد الدولي، فقد أشار إلى أن الصين نفسها تسمح باستخدام بعض التقنيات الأجنبية، مثل السيارات المتصلة بالإنترنت، ولكن تحت تنظيم صارم – وأحيانًا مفرط – لامتصاص الأفكار العالمية. (في الوقت نفسه، تحظر الصين العديد من التقنيات الأمريكية، بما في ذلك تطبيقات “ميتا” و”غوغل”).

وأعرب شورزيمبا عن قلقه من أن الولايات المتحدة قد تلحق الضرر بنفسها من خلال عرقلة ابتكارات مفيدة والمنافسة في السوق.

وقال: “نتصرف كما لو أن الصين غير موجودة”، مضيفًا: “ثم نجد أنفسنا متأخرين عن الركب”.

الصالح نيوز :
‘ديب سيك’ درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة

الصالح نيوز :
‘ديب سيك’ درس آخر لم تتعلمه الولايات المتحدة
#ديب #سيك #درس #آخر #لم #تتعلمه #الولايات #المتحدة