بغداد – كشف مستشار رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، مصطفى عجيل، الاثنين عن حراك لإصدار قرار يتضمن ثلاثة أبعاد بعد دعوة رئيس حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، لوقف القتال والانخراط في عملية سياسية في تركيا تهم أساسا “دعوة انقرة لانسحاب تركيا من شمال البلاد وحث المتمردين الاكراد كذلك على المغادرة وإعادة انتشار القوات العراقية في المناطق التي سينسحب منها طرفا النزاع”.
وتمثل دعوة اوجلان واستجابة حزب العمال لها فرصة حقيقية لطلب الحكومة بشكل رسمي إيقاف العمليات العسكرية التركية في إقليم كردستان وبسط سيطرة الجيش العراقي على الثكنات والقواعد العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية. كما تشير هذه التطورات الى انه من غير الضروري استمرار الدعوات التركية لعقد اتفاق أمنى شبيه بالاتفاق بين طهران وبغداد. 

وفي اغسطس/اب الماضي أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان توقيع أنقرة وبغداد مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب اثارت الكثير من الجدل. وكانت بغداد دعمت إنشاء مركز عمليات مشترك مع تركيا لملاحقة العمال الكردستاني.
وفي تصريح لموقع “بغداد اليوم” قال عجيل أن “رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية طالب بعقد جلسة تصدر قرارًا يتضمن ثلاثة أبعاد هي: دعوة حكومة بغداد للضغط على أنقرة من أجل إغلاق القواعد والثكنات العسكرية التركية في العراق، وبدء الانسحاب منها، بالإضافة إلى منع أي نشاط لحزب العمال الكردستاني ومسلحيه، وضمان إعادة انتشار القوات العراقية ومسك الأرض”.
وأشار إلى أن “الدستور العراقي واضح في منع نشاط أي جماعات مسلحة بغض النظر عن تسمياتها داخل حدود العراق، واستخدام أرض العراق كنقطة انطلاق لأعمالها. وبالتالي، وجود حزب العمال الكردستاني في العراق غير قانوني وغير مشروع. كما أن وجود القوات التركية لا يحمل أي ذريعة قانونية”.

وأكد أن “اللجنة الأمنية ستدعو إلى عقد جلسة بهذا الخصوص من أجل المضي قدمًا في التصويت على هذه القرارات، لأنها تصب في صالح الأمن والاستقرار”. وأضاف أن “بعد دعوة أوجلان، لم يعد هناك مبرر لوجود القوات التركية في العراق، والتي كانت تبرر توغلاتها وعمليات القصف بأنها تواجه تنظيمًا مسلحًا انفصاليًا. وبالتالي، باتت الأمور أكثر وضوحًا، وحان الوقت لبغداد للقيام بآليات مسك الأرض وضمان أمن الحدود بين العراق وتركيا”.
وفي خطوة تاريخية، دعا عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، إلى إلقاء السلاح والانخراط في عملية سياسية داخل تركيا. جاءت هذه الدعوة في رسالة مؤثرة قرأها أحمد ترك، القيادي في حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، خلال مؤتمر صحفي عقد في 27 فبراير/شباط 2025. وتحمل هذه الدعوة فرصة لإنهاء صراع دامٍ استمر لعقود، لكن نجاحها يعتمد على تجاوب الأطراف المعنية.
وتُعد هذه الدعوة بمثابة نقطة تحول تاريخية في الصراع المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، وهو الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وأدى إلى نزوح الملايين. ومع ذلك، فإن دعوة أوجلان لإلقاء السلاح تحمل دلالات سياسية وأمنية عميقة، فهي تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية متسارعة، خاصة مع التطورات الجارية في سوريا والعراق، والتوترات المتصاعدة بين أنقرة وحلفائها الغربيين بشأن الملف الكردي.
وتستمر تركيا في تنفيذ عمليات عسكرية في شمال سوريا ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني. وتهدف هذه العمليات إلى تأمين الحدود التركية ومنع أي تهديدات أمنية تنطلق من الأراضي السورية. ومع ذلك، تواجه تركيا انتقادات دولية بسبب تدخلاتها العسكرية وتأثيرها على الاستقرار في المنطقة.
وتعتبر الحكومة العراقية وجود القوات التركية في شمال العراق غير قانوني وغير مشروع، وتطالب بانسحابها الفوري. وتسعى بغداد إلى تعزيز سيادتها على أراضيها ومنع أي نشاط لجماعات مسلحة داخل حدودها. 
وتعكس دعوة أوجلان لوقف القتال والانخراط في عملية سياسية تحولًا كبيرًا في الصراع الكردي التركي حيث يأمل العراقيون أن تسهم هذه الدعوة في تحقيق استقرار أكبر في المنطقة وتعزيز التعاون بين الدول المعنية لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية.