الرياض – ستحوّل السعودية 500 مليون دولار للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، على ما أفاد مسؤول سعودي كجزء من منحة أعلنتها في أغسطس/آب 2023، ما من شأنه أن يخفف من حدة أزمة مالية فاقمها شح الإيرادات وانهيار العملة والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد والتجارة مع الخارج.

ويأتي الدعم المالي السعودي للشرعية اليمنية بينما تواجه الأخيرة موجات غضب في مناطق سيطرتها خاصة في محافظات الجنوب، وسط حالة من الاستياء بين الجنوبيين وضغوط على المجلس الانتقالي للتسريع بفض الارتباط مع سلطة يعتبرون أنها بعيدة عن مشاغلهم وعاجزة عن حل المشاكل الاجتماعية.

وتبدو مشكلة الشرعية أعمق من أن تحلها دفعة من التحويلات السعودية خاصة مع وجود خلافات داخلية وأزمة متعددة الرؤوس سياسية واقتصادية واجتماعية بدا تأثيرها واضحا على مجمل الأوضاع خاصة في طريقة أدائها وتعاطيها مع المشاكل المتفاقمة في المحافظات الجنوبية.

وتهدف المنحة البالغة قيمتها 1.2 مليار دولار إلى ضبط عجز الموازنة الحكومية في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، والتي تشهد نزاعا بين حكومة يدعمها تحالف يدعم الشرعية تقوده الرياض، والمتمرّدين الحوثيين حلفاء إيران.

وقال المسؤول السعودي الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخوّل الحديث للإعلام إنّ “الحكومة السعودية ستقدم دعما اقتصاديا لليمن بقيمة 500 مليون دولار كجزء من 1.2 مليار دولار مخصّصة لمعالجة عجز الموازنة للحكومة اليمنية” المعترف بها دوليا.

وأفاد بأنّ “هذه الأموال تهدف إلى دعم الرواتب والنفقات التشغيلية وتعزيز الأمن الغذائي ومساعدة الإصلاحات الاقتصادية”، مشيرا إلى أن هذا التمويل “يعكس التزام المملكة بأمن اليمن واستقراره وازدهاره”.

وكانت السعودية أقرت في أغسطس/آب 2023 منحة بقيمة 1.2 مليار دولار للحكومة في ظل تردّي الوضع الاقتصادي. وحوّلت الرياض حينها دفعة أولى قدرها 250 مليون دولار، تلتها دفعة ثانية مماثلة في فبراير/شباط الماضي.

وأودعت السعودية مليار دولار في البنك المركزي اليمني في 2023، وساعدت على تأسيس صندوق للمشتقات النفطية بقيمة 600 مليار، وساهمت في تمويل مشاريع تنموية بنحو 400 مليون خلال 2023.

ويعتمد أكثر من ثلثي اليمنيين على المساعدات للاستمرار وسط أزمة اقتصادية حادة تسبّبت بها الحرب وانهيار العملة والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد والتجارة مع الخارج.

وسيطر الحوثيون على مناطق واسعة في شمال اليمن أبرزها صنعاء عام 2014. وفي العام التالي، تدخلت الرياض عسكريا في النزاع على رأس تحالف عسكري لدعم الحكومة الشرعية.

وأودى الصراع مذاك بعشرات الآلاف من اليمنيين وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها “الأسوأ في العالم” مع نزوح ملايين الأشخاص. وتراجعت حدّة المعارك بشكل ملحوظ منذ أبريل/نيسان 2022، بعد التوصل إلى هدنة إنسانية بواسطة الأمم المتحدة، جرى تمديدها مرّتين. ورغم انتهاء مفاعيلها في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، لا يزال الوضع هادئا نسبيا على الأرض.

وإضافة الى الصعوبات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية ومقرها مدينة عدن (جنوب)، تعرضت مناطق سيطرة الحوثيين وأبرزها العاصمة صنعاء، إلى ضربات أميركية وبريطانية وإسرائيلية خلال الأشهر الماضية، طال بعضها منشآت مدنية.

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، يشنّ الحوثيون هجمات على سفن قبالة سواحل اليمن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، على خلفية الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة.

وشنّت القوّات الأميركيّة والبريطانيّة سلسلة ضربات على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن منذ 12 يناير/كانون الثاني. كما شنت إسرائيل هجمات استهدفت مرافئ وبنى تحتية.