الصالح نيوز : خلّفت نحو ألف ضحية.. اتهامات للجيش السوداني بارتكاب مجزرة “سوق طرّة”

شفق نيوز/ في تصعيد خطير للنزاع المستمر منذ قرابة عامين، نفذ سلاح الجو
التابع للجيش السوداني غارة جوية مروعة على سوق في مدينة طرّة في شمال إقليم دارفور
غربي البلاد، مما أدى إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين، في واحدة من أسوأ المجازر منذ
اندلاع الحرب الأهلية السودانية.

ويأتي الهجوم الذي وصفه مراقبون بـ”جريمة حرب محتملة”، في ظل
استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتصاعد الأزمة الإنسانية في
البلاد.

مجزرة في قلب دارفور

وبحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، بقلم الصحفي مالاشي
براون، فقد وقع القصف، يوم الاثنين الماضي، بينما كان الجيش السوداني يحقق مكاسب كبيرة
في العاصمة الخرطوم، بعد استيلائه على القصر الرئاسي الجمعة الماضي.

صور وفيديوهات مسربة أظهرت مشاهد مروعة لجثث متفحمة وأشلاء بشرية متناثرة
بين أنقاض السوق، ما يعكس شدة القصف ووحشيته.

ورغم عدم توفر إحصائية دقيقة للضحايا، إلا أن مجموعة مراقبة سودانية قدرت
عدد القتلى بالعشرات، بينما ذكرت منظمة “أفاز” أن الحصيلة تتجاوز 200 قتيل.

وذهبت تقارير محلية إلى أن عدد الضحايا تجاوز 1000، كما حصل نشطاء محليون
في دارفور على قائمة مكتوبة بخط اليد تضم 54 اسماً من الضحايا، جمعهم من المدنيين الفقراء.

وأكد شهود عيان من موقع المجزرة، أن الهجوم تم من الجو، مما يضع المسؤولية
مباشرة على الجيش السوداني، وهو الجهة الوحيدة التي تملك طائرات حربية والذي سبق وأن
نفذ ضربات جوية مماثلة في المنطقة.

ورغم ذلك، نفى الجيش السوداني استهداف المدنيين، زاعماً التزامه بالبروتوكولات
الدولية في الاستهداف، بينما اتهم قوات الدعم السريع بالوقوف وراء الهجمات على المدنيين
منذ بداية الحرب.

لكن هذه الرواية تتناقض مع تقارير حقوقية محلية ودولية وثقت استخدام الجيش
السوداني لسلاح الطيران في عمليات قصف عشوائية، خصوصاً في دارفور، ما أسفر عن مقتل
العشرات من الأبرياء.

تصاعد العنف والأزمة الإنسانية

المجزرة الأخيرة في منطقة “طرّة” جزء من مسلسل طويل من الانتهاكات
التي ارتكبها الجيش السوداني خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ نيسان/ أبريل 2023، والتي
تعد الأكبر في أفريقيا من حيث عدد الضحايا والنازحين.

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تسببت الحرب في نزوح نحو 13 مليون شخص،
وسقوط عشرات الآلاف من القتلى. كما تعاني أجزاء واسعة من السودان من المجاعة، نتيجة
استمرار النزاع وغياب المساعدات الإنسانية.

ويشير محللون إلى أن لجوء الجيش السوداني إلى القصف الجوي، رغم التحذيرات
الدولية، يعكس إستراتيجيته في محاولة سحق قوات الدعم السريع بأي ثمن، حتى لو كان ذلك
على حساب أرواح المدنيين الأبرياء.

المجتمع الدولي أمام اختبار جديد

هذه المجزرة تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية جديدة للتحرك من أجل حماية
المدنيين السودانيين، فبرغم الإدانات المتكررة، لم ينجح المجتمع الدولي حتى الآن في
فرض ضغوط كافية على أطراف النزاع لوقف استهداف المدنيين وفتح المجال أمام المساعدات
الإنسانية.

ومع استمرار تصاعد العنف، يبقى الشعب السوداني والمدنيين العزل في عين
العاصفة، يدفعون الثمن الأكبر لصراع دموي لا يبدو أن نهايته قريبة.