طرابلس – مازال الغموض يحيط بأسباب حرائق اندلعت منذ أيام في غرب ليبيا ملتهمة عشرات المنازل بمدينة الأصابعة، ما أثار حالة من الذعر بين الأهالي وتكهنات حول طبيعة هذه الظاهرة، فيما تستمر التحقيقات لتحديد تفسير واضح لأسبابها.

ولا تتركز الحرائق في منطقة معينة بالمدينة الواقعة على بُعد 120 كيلومترا جنوب غرب العاصمة طرابلس، بل اندلعت بشكل متفرق في أنحائها، ما دفع بعض العائلات إلى إخلاء منازلها من الأمتعة والممتلكات خشية فقدانها حال حصول حريق.

وقال عميد بلدية الأصابعة عماد المقطوف “تلقينا أكثر من 110 بلاغات عن اندلاع حرائق، وبعض المنازل تعرضت للحريق أكثر من مرة، دون سبب واضح”، مضيفا أن “الخبراء والفرق المختصة يعملون منذ أيام على كشف ملابسات هذه الظاهرة”.
وأوضح “في بداية الأزمة، كانت الحرائق محدودة في منزلين أو ثلاثة، واعتقدنا أنها حوادث عرضية، لكن منذ السبت تصاعدت بشكل ملحوظ، ما استدعى تدخل الحكومة وتشكيل لجنة أزمة برئاسة وزير الحكم المحلي”.

وتداول رواد المنصات الاجتماعية مقاطع فيديو تظهرعودة  النيران للاشتعال بعد إخمادها، فيما أعلنت السلطات المحلية تشكيل لجنة طوارئ وفرق خبراء لمعرفة أسباب الحريق.

وأفاد مدير مستشفى الأصابعة أحمد فاندي بأن المستشفى بدأ منذ الثلاثاء استقبال إصابات جراء استنشاق الدخان، مؤكدا أن معظمها كانت حالات بسيطة، مشيرا الى أن “القدرة الاستيعابية للمستشفى لا تتجاوز 10 حالات في وقت واحد، لكن لحسن الحظ، الإصابات كانت متفرقة زمنيا ولم يحدث ضغط كبير على الطاقم الطبي”.
 
وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها ليبيا ظواهر غير مفسّرة، ففي خريف 2023، شهدت مدينة زليتن الواقعة على بعد 180 كيلومترا شرق طرابلس، ارتفاعا مفاجئا في مستوى المياه دون أن تتمكن السلطات من تقديم تفسير علمي واضح.

وفي غياب التفسيرات العلمية، انتشرت التكهنات حول الظاهرة الغريبة، حيث أرجع بعض السكان هذه الحرائق إلى أسباب روحانية مرتبطة بـ”السحر” و”الجن” أو حتى تدخلات غير مرئية، فيما شدد المقطوف على أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي دليل علمي، مؤكّدا أنها تعود الى ضعف البنية التحتية وغياب وسائل الإطفاء ما أدى الى تفاقم الكارثة.

وأصدرت بلدية الأصابعة بيانا دعت فيه الى تكثيف الدروس والمحاضرات التوعوية من قبل مكتب الأوقاف، في محاولة لتهدئة المخاوف، الى جانب إرسال فرق من المشايخ لزيارة المتضررين والتفاعل معهم.

وأثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة وسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا، حيث رأى الكثيرون أن الاعتماد على تفسير غير علمي للحرائق يتناقض مع ضرورة إجراء تحقيقات فنية وتقارير علمية لتحديد الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة.

وفيما انتشرت تفسيرات مختلفة حول أسباب الحريق، رفض النائب جاب الله الشيباني أي ربط بين هذه الأحداث والشعوذة أو السحر، داعياً إلى تدخل مختصين في الجيولوجيا والكيمياء لاحتمال وجود تسرب غازي أو تفاعل كيميائي مجهول المصدر، بينما يشير خبراء الطوارئ إلى ضرورة مراجعة شاملة للبنية التحتية في المدينة، خاصةً الشبكات الكهربائية القديمة التي قد تكون من أسباب نشوب الحرائق، مؤكدين على أهمية تفعيل خطط الطوارئ وتوفير الإمكانيات اللازمة لفرق الإطفاء، لضمان استجابة سريعة وفعالة في حال تكرار مثل هذه الحوادث.

وكانت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا، قد أعلنت عن تنقل فرق من جهاز البحث الجنائي إلى مدينة الأصابعة للتحقيق في الأحداث الأخيرة، مشيرة إلى تشكيل فرق من خبراء إدارة المختبرات والأدلة الجنائية برفقة أعضاء فرع جهاز المباحث الجنائية الجبل الغربي، وسط انتقادات لبطء الاستجابة للأزمة.

وفي ظل تصاعد الوضع، أصدر النائب العام الصديق صور اليوم الجمعة قراراً بتكليف أمانة استشارية من مختصين من الهيئة الليبية للبحث العلمي، وذلك لمساندة هيئة التحقيق في تحديد الأسباب، مشيرا الى أنه تم إجراء زيارة ميدانية إلى المواقع التي شهدت الحوادث، بهدف دراسة طبيعة الحرائق وتحديد عناصر التفاعل التي أدت إلى حدوثها.

وعلق مجلس النواب على الحادثة، معتبراً أن التعامل مع هذه الكارثة مسؤولية الحكومة الشرعية، في إشارة إلى حكومة أسامة حماد المكلفة من البرلمان، والتي دعت إلى اتخاذ جميع تدابير السلامة والإنقاذ.