تعد منطقة جزيرة البوذياب شمالي مدينة الرمادي واحدة من المعالم الخضراء الزاهية بكل معالم الجمال وروعة طرقها وبساتينها ومزارعها وحدائقها، حيث تغفو تلك المنطقة التي تشبه جنات عدن على مقربة من نهر الفرات في شماله على طول مناطق عشائر الرمادي التي تبدأ غربا من مناطق عشائر البونمر والبوعساف والبوعلي الجاسم ومن ثم البوذياب والبوشعبان والبوخليفة والبوادي وقبلها شرقا باتجاه البوعيثة والبوفراج والبوعبيد والبوبالي وبقية عشائر الانبار الممتدة على طول نهر الفرات في شمالي مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار.

رئيس مجلس محافظة الانبار المهندس عمر مشعان الدليمي وهو من أبناء وكوادر تلك المنطقة، يولي الكثير من الاهتمام لمنطقة جزيرة البوذياب في تقديم الخدمات وبخاصة في مسألة تبليط شوارعها واظهارها بالمظهر الذي يليق بها كونها عانت في سنوات سابقة من إهمال في خدماتها البلدية وصعوبات واجهت شباب المنطقة في مجال التنقل والمدارس التي تم زيادة اعدادها لتلبي احتياجات أهالي المنطقة وتكون قريبة من مناطق سكنهم وتوفير ملاكات تربوية لتلك المدارس، حيث يوجد الكثير من معلمي ومدرسي المنطقة بإمكانهم أن يديروا شؤونها وقد تم توفير احتياجات تلك المدارس من الكادر والأبنية والاثاث والخدمات بالتعاون مع تربية محافظة الانبار التي استجابت لمعظم تلك الاحتياجات وادارات تلك المدارس، كما أن هناك اهتمام من رئيس مجلس المحافظة بالشباب والرياضة وهو يسعى لتوفير مراكز شبابية مستقبلية في تلك المنطقة.

وما يدخل في نفسك الفرح والتفاؤل عند زيارتها أن أغلب شبابها من الكفاءات العلمية والتربوية وهم في أغلبهم من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه، بينهم الدكتور نهاد حميد الذيابي (اختصاص رياضيات) يؤكد أن أغلب شباب منطقة البوذياب يفتخرون بأنهم الآن من نخب جامعة الانبار وجامعات أخرى وهم في مختلف الوظائف ومواقع العمل التي تتلاءم مع شهاداتهم العليا وتحصيلهم العلمي والدراسي المتفوق، وفيهم كوادر تدريسية وتربوية وتعليمية ووظيفية عليا وهو ما يشكل نقلة نوعية في أن تلك المنطقة راحت تزدهر بالكفاءات الشبابية وخبراتها التي تقدم خبراتها لمحافظة الأنبار في مختلف مجالات الحياة وهم يطمحون لتسلق المواقع القيادية داخل المحافظة وخارجها.

وما أن تبدأ رحلتك من النزول من سدتها المبلطة المحيطة بنهر الفرات باتجاه منطقة جزيرة البوذياب حتى تشعر بأنك أمام منطقة تعيد لك البهجة والارتياح لأنك أصبحت بين أهلك وأعمامك وأقربائك من كل المناطق التي تحيط بالجزيرة التي يتسم أهلها بالطيبة والكرم والترحيب والتهليل للضيف القادم اليها من كل مناطق الرمادي أو بغداد أو بقية محافظات العراق وهم يغمرونك بالسؤال عن أحوالك وأحوال عائلتك وكيف حال الدنيا عليك وتراهم منشغلون بتسهيل مهمة توفير الراحة والشعور بالزهو وانت بينهم، حيث كلمات الترحيب تحيط بك من كل جانب.

إنها منطقتي التي تربيت فيها وعشت بين جنباتها لعقود بدءا من مراحل الدراسة الابتدائية في الستينات ومن ثم انتقلت إلى مركز المحافظة بداية السبعينات لإكمال مرحلة المتوسطة في متوسطة الأحرار بمنطقة العزيزية ومن ثم مرحلة الاعدادية في إعداديتي الرمادي وفلسطين ومن ثم انتقل بنا الحال لإكمال الدراسة الجامعية في بغداد منذ عام 1974 والاعوام التالية وتخرجت منها عام 1978 ومن ثم المباشرة بالعمل الاعلامي ومهام أخرى قبل نهاية السبعينات وبداية الثمانينات في دوائر رئاسة الجمهورية ومراكز بغداد البحثية المهمة التي تدخل في صناعة القرار ومن ثم استمر عملنا في بغداد منذ ما يقرب من خمسين عاما حتى عام 2025 ساعة إعداد كتابي المرتقب عن الأنبار وهو يلقي الضوء على مآثر محافظة الأنبار ومدنها ومعادنها النفيسة وثرواتها الكبرى وعن أهميتها التاريخية حيث تعد المركز الاستراتيجي لاهتمام دول كبرى ومنها الولايات المتحدة التي هيمنت على مصير العالم من شرقه إلى غربه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وما كتبته من مقالات وبحوث في هذا الصدد.

ما أن تتجول بين شوارع جزيرة البوذياب التي تقع على حافات سواقي ومشاريع إروائية حتى تجد المزارع العامرة بمختلف المحاصيل الزراعية وترى مشاهد البناء المعماري المتقدم لأهالي المنطقة وقد شهدت تطورا كبيرا ومتسارعا في بنائها العمراني والخدمات البلدية التي تقدم لأهاليها، حتى تجد نفسك وكأنك في جنينة كما يطلق عليها أبناء غربي الأنبار في عنه ورواه وحديثة وهيت وهي جنينة فعلا تزدهر فيها كل أشكال الحياة المتقدمة ومعيشة أهلها الجيدة في أغلب الأحوال.

كانت جولة أشعرتنا بالارتياح والتفاؤل بأن مستلزمات الحياة في جزيرة البوذياب بدأت تقترب من معالم المدينة إن لم تتفوق على مستوى الحياة في مدينة الرمادي وبخاصة في بنائها العمراني وعدد من شبابها الموظفين في مختلف دوائر الدولة وبعضهم مهندسي زراعة ويمتلكون مشاريع زراعية ولديهم كوادر من العمالة الداخلية التي تسد احتياجات مناطقهم وتمارس العمل داخل مراكز مدن محافظة الانبار كونهم عمالا مهرة في مختلف شؤون البناء والاعمار، ما يجعل من تلك المنطقة أنها تجد مستويات للعيش أفضل مما كانت عليه قبل سنوات.