الخرطوم – أدخلت الحكومة السودانية تعديلات على الدستور الانتقالي للبلاد لتعزيز سيطرة الجيش وحذفت الإشارة إلى المدنيين وقوات الدعم السريع، فيما يأتي هذا التطور في وقت يستعد فيه عبدالفتاح البرهان قائد القوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الإعلان عن حكومة حرب، ما يكشف عن نواياه لإطالة أمد النزاع، خاصة بعد المكاسب الأخيرة التي حققتها قواته.

وتمثل التغييرات المتفق عليها في وقت متأخر  الأربعاء أول تعديلات شاملة على الوثيقة الدستورية السودانية منذ اندلاع الصراع في أبريل/نيسان 2023، وتأتي بعد تصريح البرهان بأنه يستعد لتشكيل حكومة في وقت الحرب.

وكشفت مصادر من فريق البرهان أن التعديلات تضمنت حذف كافة الإشارات إلى قوات الدعم السريع وقوى إعلان الحرية والتغيير، كما أقصت المدنيين من مجلس السيادة الانتقالي الحاكم.

وتأتي هذه التعديلات في وقت تجري فيه قوات الدعم السريع محادثات في العاصمة الكينية نيروبي قبل التوقيع على ميثاق سياسي من شأنه أن يمهد الطريق أمام تشكيل “حكومة السلام والوحدة” الخاصة بها.

وأدى الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى انقسام السودان، وأحدث أزمة إنسانية هائلة، وجر قوى إقليمية إلى النزاع، بينما تعثرت الجهود الدبلوماسية لحل هذه الأزمة بعد أن لغم البرهان المباحثات باشتراطات تعجيزية.

وكان الجيش متراجعا عسكريا لفترة طويلة قبل أن يحقق مكاسب في الآونة الأخيرة في العاصمة الخرطوم ووسط السودان بفضل الدعم الذي حصل عليه من دول حليفة على غرار إيران وتركيا.

وتعود الوثيقة الدستورية إلى عام 2019 عندما وقع الجيش وقوات الدعم السريع وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المدني عليها بعد فترة وجيزة من إطاحة الفصائل العسكرية بعمر البشير خلال انتفاضة شعبية.

وكان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى حكم مدني بالكامل بعد الانتخابات، مع منح الجماعات المتمردة السابقة أيضا مناصب حكومية. لكن الجيش وقوات الدعم السريع نفذا انقلابا في عام 2021، وعينوا مدنيين جددا في مجلس السيادة الانتقالي والحكومة اللذين يتمتعان بالسلطة الرسمية لأن البرلمان لم يتم تشكيله قط.

وفي سياق آخر استدعت الحكومة السودانية سفيرها لدى كينيا اليوم الخميس احتجاجا على استضافة نيروبي اجتماعات تحضيرية لقوات الدعم السريع بهدف إعلان حكومة موازية، وفق وكالة الأنباء السودانية.

ونددت الخرطوم باستضافة كينيا لهذا اللقاء، معتبرة أن “هذا يعني تشجيع تقسيم الدول الإفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها”.

وقال مصدر قريب من منظمي اللقاء لوكالة فرانس برس إن توقيع الميثاق الذي كان مقررا في بادئ الأمر الثلاثاء، تم إرجاؤه إلى الجمعة.

وفيما يسيطر الجيش على شرق وشمال البلاد، تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على كل إقليم دارفور تقريبا ومساحات من الجنوب.

وفي الأسابيع الأخيرة، قاد الجيش هجوما في وسط السودان واستعاد المدن الرئيسية وكامل الخرطوم تقريبا.

وتسعى قوات الدعم السريع إلى تعزيز قبضتها على دارفور ما قد يؤدي عمليا إلى تقسيم السودان، فيما حذر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الأربعاء من أن ذلك قد يفكك البلاد ويفاقم الأزمة.

من جهتها، أعربت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الخميس عن “قلقها واستهجانها إزاء أي خطوات يكون من شأنها أو يترتب عليها المس بوحدة السودان أو تعريضه للتقسيم أو التفتت تحت أي ذريعة أو مسمى”.

ودافعت وزارة الخارجية الكينية عن استضافتها لقاء قوات الدعم السريع، وأكدت في بيان أن ذلك يتماشى “مع دور تؤديه نيروبي في مفاوضات السلام يتطلّب منها توفير منصات غير حزبية لأطراف النزاع للبحث عن حلول”.

واتهمت الخرطوم اليوم الخميس الرئيس الكيني وليام روتو بأنه “يعلي مصالحه التجارية والشخصية مع رعاة الميليشيا الإقليميين”.