بيروت – أفضت تسوية بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام إلى تعيين المصرفي والخبير في مجال إدارة الثروات كريم سعيد حاكما جديدا للمصرف المركزي الذي سيكون دوره محوريا في تنفيذ إصلاحات مالية هامة يطلبها المجتمع الدولي لإخراج لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، فيما يأتي هذا التعيين بعد أن تكبد حزب الله الذي لطالما تحكم في التعيينات في المناصب العليا، ضربة موجعة خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل أدت إلى تحجيم نفوذه العسكري والسياسي.

وعيّن سعيد بعد موافقة غالبية الوزراء على اسمه، على الرغم من تحفّظ سلام ووزراء آخرين على التصويت للخبير في مجال إدارة الثروات الذي سيخلف رياض سلامة الموقوف لاتهامه في قضايا اختلاس أموال عامة والذي انتهت ولايته في العام 2023.
وبقيت البلاد دون حاكم لمصرف لبنان منذ ذلك الحين، وتولّى الموقع النائب الأول لحاكم المصرف وسيم منصوري بالإنابة، وسط أزمة سياسية عطّلت التوافق على بديل وفراغ في المناصب الرئيسية في البلاد انتهى بانتخاب جوزيف عون رئيسا للجمهورية في يناير/كانون الثاني.

وتراقب الولايات المتحدة والقوى الغربية أداء القادة الجدد في لبنان ومدى التزامهم بتنفيذ شرط وضع حدّ لمصادرة الحزب المدعوم من إيران لقرار اللبنانيين، وهو يشكل أبرز الشروط التي يتمسك الغرب بالاستجابة لها لدعم لبنان الذي يئن تحت وطأة دوامة مالية طاحنة، فيما تبحث الحكومة اللبنانية الجديدة عن منافذ لتمويل إعادة إعمار البلد.

وأعلن رئيس الوزراء نواف سلام في ختام جلسة مجلس الوزراء أنه تحفّظ بالإضافة إلى عدد من الوزراء على تعيين سعيد، مضيفا “من المعروف أن السيد سعيد لم يكن مرشحي لعدد من الأسباب في ظل حرصي على حماية حقوق المودعين والحفاظ على أصول الدولة”.

واتهمت وسائل إعلام لبنانية كريم سعيد بأنه مقرّب من المصارف وقالت إنه مدعوم من رئيس الجمهورية. ويشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ العام 2019، بات معها غالبية السكان تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة وانهارت قيمة الليرة اللبنانية بشكل كبير وفرضت قيود مصرفية كبيرة على المودعين.

واشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة في قطاعات عدة بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، للحصول على دعم مالي.

وأشار سلام إلى أن على الحاكم الجديد للمركزي أن “يلتزم منذ اليوم السياسة المالية لحكومتنا الإصلاحية، كما عبّر عنها البيان الوزاري لجهة التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة المصارف، ووضع خطة متكاملة وفق افضل المعايير الدولية للحفاظ على حقوق المودعين”، مضيفا أن الحكومة وافقت اليوم الخميس على “مشروع قانون يرمي إلى تعديل القانون المتعلق بسريّة المصارف”.

وأعلن صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان 2022 عن اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، لكنّ تطبيق الخطة كان مشروطا بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات مسبقة، لم تسلك غالبيتها سكة التطبيق.

ورحّب الصندوق منتصف مارس/آذار في ختام زيارة الى بيروت، بطلب لبنان الحصول على برنامج دعم لمواجهة التحديات الاقتصادية، مبديا استعداده لدعم جهود السلطات.

ولد سعيد في العام 1964، وهو مؤسس شركة “غرووث غيت” وشريك إداري فيها، وهي شركة استثمارية خاصة مقرها في الخليج، بحسب ما ورد في سيرته الذاتية على موقع الشركة وعمل سابقا في مؤسسات مالية كبرى من بينها بنك “إتش إس بي سي” وشارك في مبادرات خصخصة في عدد من الدول العربية.

ودرس سعيد القانون في جامعة القديس يوسف في لبنان، ثم في كلية الحقوق بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة وعمل أيضا محاميا متخصصا في تمويل الشركات في نيويورك، وهو عضو في نقابة المحامين في ولاية نيويورك.