بغداد – تسبب تسريب صوتي جدلا سياسيا واسعا في محافظة الأنبار بالعراق، بعدما كشف عن توجيهات من أحد قادة الحشد العشائري، الذي يتبع الحشد الشعبي، لإلزام المنتسبين بارتداء زي مدني والظهور في مؤتمر سياسي.

ووجّه مجلس محافظة الأنبار كتابا رسميا إلى قيادة الحشد الشعبي في المحافظة، يدعوهم فيه إلى جلسة استضافة عاجلة، فيما وجه سياسيون من المحافظة نداء إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني باتخاذ إجراءات فورية.

وبحسب وثيقة صادرة عن رئيس مجلس محافظة الأنبار عمر مشعان دبوس فإنه “تقرر استضافتكم في الجلسة الاعتيادية الأولى لمجلس المحافظة في مقر المجلس (المقر الحكومي) في تمام الساعة الواحدة ظهرا من يوم الأحد 12/1/2025 وذلك للإجابة حول الاتهامات التي طالب منسوبيكم من خلال التسجيل الصوتي الذي تم تداوله المتضمن (تبليغ حشد الأنبار وذويهم بالزي المدني لإحدى التجمعات والتهديد في حال عدم الحضور بالعقوبة والفصل)”.

كما قرر محافظ الأنبار رئيس اللجنة الأمنية العليا في المحافظة، محمد نوري الدليمي، استدعاء قائد حشد الأنبار، سعد دواي، للتحقيق في التسجيلات الصوتية لمنتسبين قاموا بتهديد مقاتلي الحشد العشائري بالعقوبة، وإجبارهم على الحضور في نشاطات خارج واجباتهم الأمنية.

وجاء في وثيقة صادرة عن اللجنة الأمنية العليا في المحافظة، “نظراً  لورود شكاوى بسبب قيام منسوبيكم بتهديد مقاتلي الحشد العشائري بالعقوبة والفصل في حال عدم حضورهم تجمعات ليست ضمن الأنشطة الأمنية المناطة بألوية الحشد العشائري في المحافظة، والتي تتعلق بحفظ الأمن وملاحقة فلول الإرهاب، وعدم استحصال موافقة المحافظ رئيس اللجنة الأمنية العليا في المحافظة للتجمعات أو عقد المؤتمرات، لذلك، تنسب حضوركم إلى ديوان المحافظة / مكتب المحافظ يوم الأحد الموافق (2025/1/12) الساعة التاسعة صباحاً للتحقيق بما ورد أعلاه”.

وأثار تسريب صوتي نسب إلى لواء 55 في الحشد العشائري بمحافظة الأنبار، سخطا نيابيا ومطالبات واسعة بفتح تحقيق عاجل في القضية، لما تضمنه من مؤشرات على استغلال الحشد العشائري لأغراض سياسية، مما يهدد حيادية المؤسسات الأمنية في البلاد.

وفي تسجيل صوتي انتشر الخميس طالب أحد منتسبي لواء 55، عناصر اللواء الذين يتمتعون بإجازة، قائلاً “غداً يكون الحضور إجباري، ويجب عليكم الحضور لأنه سيكون هناك تعداد للعناصر، وكل من لم يتواجد سيحاسب من قبل الأمن وقيادة اللواء، حيث ستصدر عقوبات من قبل اللواء بحقكم”.

 وأكد المتحدث “لذلك غداً الحضور إجباري بأمر القائد، وعليكم الحضور بالزي المدني في الساعة الـ 12 ظهراً، يجب أن تكونوا في مقر اللواء ومن ثم التوجه إلى مقر القيادة”، لافتاً إلى أنه “يمكنكم دعوة أصدقائكم وأقربائكم من المدنيين ويأتوا معكم ليكون عددكم أكثر”.

وطالب رئيس كتلة حزب تقدم النيابية هيبت الحلبوسي، رئيس الوزراء العراقي، بتغيير قائد حشد الأنبار من أجل “حفظ هيبة الدولة”، نظرا لاستغلاله الحشد في أغراض سياسية.

وكتب الحلبوسي على منصة إكس “نطالب القائد العام للقوات المسلحة، بتغيير قائد حشد الأنبار ومعاقبة المقصرين لضمان الحفاظ على هيبة الدولة وأمن المحافظة وعدم استمرار الضغط على أبنائنا لتصرفات لا تليق بمكانتهم الأمنية وتضحياتهم”.

وأضاف في منشوره “كما نرفض الضغوط التي تُمارس على منتسبي الحشد لزجهم وإجبارهم على تنفيذ أجندات سياسية مرفوضة من جميع أبناء المحافظة وعشائرها الكريمة”.

واعتبر البعض أن هذا التسريب دليل جديد على استغلال المؤسسات العسكرية لأهداف سياسية، في وقت تشهد فيه الساحة العراقية توترات سياسية وأمنية.

واستنكرت عضو مجلس النواب عن الأنبار أزهار حميد السدران، في تدوينة نشرتها عبر صفحتها على فيسبوك التجاوزات التي حدثت من قيادة حشد الأنبار، على حد وصفها، مشيرة إلى “خطواتهم لتسييس الحشد من خلال تهديد مقاتلي الحشد العشائري وإجبارهم وذويهم على حضور فعاليات ليست جزءا من مهامهم في حفظ الأمن”.

وأشارت إلى أنه “بناء على ما ورد أعلاه نطالب القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ الإجراءات اللازمة والفورية لمعاقبة المتسببين وإبعاد التدخلات ومحاولات التسييس لأغراض انتخابية عن الحشد العشائري من أجل الحفاظ على محافظتنا ودرء الفتن من خلال عدم استفزاز العشائر، لأن التسجيل الصوتي يبين مدى التطاول على تضحيات أبناء العشائر في الحشد”.

كما طالب عضو مجلس النواب العراقي أحمد حميد العلواني، القائد العام للقوات المسلحة بـ”اتخاذ موقف حازم يبدأ بتغيير قائد حشد الأنبار ومسؤول لواء 55 في الحشد العشائري، وإنهاء كل أشكال الضغوط على منتسبي الحشد لإقحامهم في العمل السياسي”.

وأضاف في منشور على منصة “إكس” أن “الحشد الشعبي والعشائري قوة للدفاع عن الوطن، وليس أداة لتحقيق مصالح سياسية أو شخصية”.

ويتبع الحشد العشائري في الأنبار الحشد الشعبي.

ويقود الحشد الشعبي في الانبار قاسم مصلح، وهو أحد عناصر المليشيات المعروفة والمقربة من فيلق القدس الإيراني وتم اعتقاله في عام 2021 بسبب تورطه باغتيال أحد قادة الاحتجاجات الشعبية في محافظته الأم كربلاء إيهاب الوزني.

واعتقل مصلح خلال فترة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي عرف بعلاقته المتوترة مع المليشيات، وحينها انتشرت عناصر الحشد في العاصمة وطوقوا المنطقة الخضراء ومكتب رئيس الوزراء العراقي حتى تدخلت أطراف سياسية في الإطار التنسيقي لإطلاق سراحه من قبل مجلس القضاء لعدم كفاية الأدلة.