أنقرة – أثار اعتقال تركيا الزعيم العلوي أصلان أوزون لتقديمه شكوى جنائية ضد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يتهمه فيها بارتكاب إبادة جماعية ضد العلويين في سوريا على خلفية أحداث الساحل الأخيرة، غضبا في أوساط الطائفة العلوية التركية التي نددت بقرار الاعتقال ودعت لتحرك جماعي لمقاضاة الشرع تضامنا مع أوزون.

وترتبط أنقرة بعلاقات وثيقة مع الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) الذي تخلى عن اسمه الحركي أبومحمد الجولاني وخلع بزته العسكرية بعد اسقاط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. وكانت تركيا أول دولة ترسل وفدا رسميا رفيع المستوى لدمشق ما بعد سقوط الأسد وتعمل حاليا على تعزيز سلطة الشرع وتثبيت سلطته، بينما تخطط لتعزيز نفوذها وحماية مصالحها في سوريا الجديدة.

ودعا قادة الطائفة العلوية في تركيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية جماعية ضد الشرع وحثّوا الآلاف على تقديم شكاوى مماثلة. وحضر النائب جلال فرات من حزب الشعوب والمساواة والديمقراطية (DEM) المؤيد للأكراد جلسة استماع أوزون وتعهد بمواصلة إدانة دور الرئيس السوري الانتقالي في ما سماها “عمليات القتل” بحق علويي سوريا.

وتُسلّط هذه الحادثة الضوء على التوترات المستمرة في سوريا ما بعد الأسد، حيث لا تزال الانقسامات الطائفية وصراعات السلطة تُزعزع استقرار البلاد. وقد حثّ المجتمع الدولي الحكومة المؤقتة على ضمان العدالة وحماية الأقليات، إلا أن التقارير عن العنف الطائفي لا تزال مستمرة.

وأُلقي القبض على أصلان أوزون رجل دين في دار عبادة علوية محلية، في محكمة كوتشوك تشكمجة بإسطنبول يوم الأربعاء أثناء تقديمه شكوى تتهم الشرع بارتكاب إبادة جماعية وتعذيب وجرائم ضد الإنسانية بحق العلويين في سوريا. ووجهت إليه السلطات التركية تهمة “التحريض على الكراهية والعداء” وأمرت محكمة باعتقاله يوم الخميس، بحسب ما ذكر موقع “أرتي جيرشيك” الإخباري.

والعلويون في تركيا ونظرائهم في سوريا جماعتان دينيتان مختلفتان رغم كونهما أقليتين شيعيتين. ويتبع العلويون ومعظمهم من الأتراك والأكراد، تقليدا روحيا متأثرا بالصوفية والمعتقدات الشعبية الأناضولية. أما العلويون السوريون ومعظمهم من العرب، فيمارسون شكلا من أشكال التشيع الاثني عشري ذي عناصر باطنية وقد تولوا السلطة السياسية في سوريا في عهد بشار الأسد.

ومع ذلك، وبصرف النظر عن أسمائهم المتشابهة، فإن الطائفتين (في سوريا وتركيا) تشتركان في المعتقدات الأساسية مثل تبجيل الإمام علي والتفسيرات الباطنية للإسلام، إلا أنهما تطورتا بشكل منفصل مع طقوسهما المتميزة وتأثيراتهما الثقافية وأدوارهما السياسية.

وعندما شنت هيئة تحرير الشام هجومها الأخير مع جماعات متمردة أخرى في أواخر عام 2024، لم تتدخل تركيا وبدلاً من ذلك ضمنت تدفقًا ثابتًا من الإمدادات والمساعدات الإنسانية إلى جيب إدلب، حتى في ظل مواجهته حصارا من قبل القوات الموالية للأسد.

ولقد لعبت الاستخبارات التركية دورا رئيسيا في عملية الانتقال في سوريا، حيث أشرف رئيس الاستخبارات السابق ووزير الخارجية الحالي هاكان فيدان، إلى جانب رئيس جهاز المخابرات إبراهيم كالين، على المفاوضات واستضافا لاحقا الشرع كرئيس جديد لسوريا في أنقرة.

وأُجِّلَت جهودٌ وطنيةٌ لمؤسسة حاجي بكتاش ولي الثقافية الأناضولية، وهي جمعيةٌ علويةٌ في تركيا، لتقديم شكاوى مماثلة بسبب اعتقال أوزون. وأدان رئيس المنظمة، إركان جيتشميز، الاعتقالَ قائلا “يجب محاكمة الجاني، لكن بدلا من ذلك، يُحاكَم صديقنا”.