طرابلس – أثار قرار مصرف ليبيا المركزي تخفيض القيمة الرسمية للدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية ردود فعل وسجالات في الساحة السياسية الليبية، فيما شن اقتصاديون انتقادات واسعة على هذا القرار الذي اعتبروه نتيجة لسياسات حكومية خاطئة، كما عبر الشارع الليبي على غضبه باحتجاجات جابت شوارع العاصمة طرابلس محمّلين رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة المسؤولية عن الفشل في إدارة الملف الاقتصادي وطالبوا بإسقاط حكومته.

ويأتي قرار المركزي الليبي بتخفيض سعر صرف الدينار الليبي بنسبة 13.3بالمئة في وقت يواجه فيه الاقتصاد في بلاد غني بالثروات النفطية أزمات عدة وضغوطا مالية كبيرة نتيجة الانقسام السياسي المستمر بين حكومتي الشرق والغرب.

ووجه 69 عضوًا بمجلس النواب دعوة لرئيس المجلس عقيلة صالح لعقد جلسة عاجلة بشأن القرار وما أعلن عنه من بيانات “مقلقة” حول العجز المالي، داعين الى مساءلة محافظ المصرف المركزي في جلسة يومي الإثنين والثلاثاء الموافقين 14 و15 أبريل/نيسان الجاري.

وكان المصرف الليبي قد أكد في بيان الأحد استعداده التام للتعاون مع كافة الأطراف بشفافية، داعيا السلطة التشريعية والتنفيذية لتكثيف الجهود من أجل إنهاء حالة الانقسام السياسي والمؤسسي.

وقالت لجنة التواصل المشتركة لمجلسي النواب والدولة إن البيانات المقلقة للمصرف المركزي وما تضمنته من أرقام صادمة لحجم الإنفاق الكبير وما وصل إليه الدين العام المحلي، تؤشر إلى التوجه نحو سيناريوهات أكثر سوءًا.

وأعربت عن قلقها إزاء ما وصفته بـ”الانحدار المخيف” نتيجة الإنفاق الكبير وأرقامه الصادمة، مجددة الدعوة لإيجاد حكومة موحدة لمحاولة تفادي هذا الوضع المخيف الذي كان متوقعا في ظل الانقسام.

وأضافت أن تباطؤ البنك في انتهاج سياسة نقدية حازمة لترشيد الإنفاق وضمان الاستقرار المالي للدولة، وتجاهله التنبيه المبكر لهذه المآلات أمر غير مقبول وغير مبرر، مؤكدة على ضرورة توحيد المؤسسات ورفض المتاجرة بمواردها ونهبها، أو أي صرف خارج إطار القانون والميزانية أو بدون رقابة الأجهزة المختصة.

ويرى اقتصاديون أن تعديل سعر الصرف لن يكون كافيًا ما لم يتم كبح الإنفاق العشوائي، إذ اعتبر عمر تنتوش رئيس اللجنة المالية بالبرلمان الليبي أن هذا التعديل إجراء اضطراري لكنه لم يكن الحل الأمثل وكان الأفضل فرض ضريبة مؤقتة مثل السابق.

وأضاف في تصريحات صحفية أن فشل الحوار الليبي الأميركي الذي احتضنته تونس، بسبب عدم تجاوب حكومة الدبيبة مع المقترحات المقدمة، لافتا إلى أن الحل الوحيد لإنهاء الأزمة المالية هو تشكيل حكومة موحدة لوقف التنافس على الإنفاق العام.

وسبق أن فرضت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج ضريبة النقد الأجنبي للمرة الأولى في سبتمبر/أيلول في العام 2018، حين أقر رسما بـ183 بالمئة على مبيعات النقد الأجنبي قبل أن يخفضها مجلس النواب إلى 20 بالمئة ثم إلى 15 بالمئة في يناير/كانون الثاني 2025.

ومر سعر صرف العملة المحلية في ليبي بالعديد من المراحل التي أدت إلى خفض قيمتها أمام النقد الأجنبي، ما انعكس بشكل مباشر على أسعار السلع ومعيشة المواطنين وحياتهم اليومية، فيما يرجع البنك هذا التخفيض الى أسباب عدة، أهمها الإنفاق المزدوج للحكومتين وعدم وجود موازنة موحدة لضبط الانفاق العام، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية اقتصادية قصيرة الأجل ومحددة الأهداف تتناغم فيها السياسات الاقتصادية الكلية.

وأثارت هذه التطورات غضب الشارع الليبي، حيث شهدت العاصمة طرابلس مساء الأحد تجمّع عدد من المواطنين احتجاجًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، محمّلين حكومة عبد الحميد الدبيبة المسؤولية عن الفشل في إدارة الملف الاقتصادي، ومطالبين بإسقاط حكومته.

وحسب تقارير إعلامية محلية، ردد المحتجون شعارات تندد بـ”الإهدار المستمر للميزانيات” و”التلاعب بالمال العام”، وسط دعوات لمحاسبة المسؤولين عن تدهور القدرة الشرائية للمواطن، وعدم تقديم أي حلول ملموسة رغم الإنفاق العام الكبير.