دمشق – يبدأ مسلسل “تحت سابع أرض” أولى مشاهده من محل لبيع الملابس المستعملة في أحد الأحياء الشعبية في دمشق ما يطلع عليه “البالة” في سوريا، في رمزية تظهر مدى التغيرات التي طرأت على المجتمع خلال سنوات الحرب مع احتضار النظام السوري السابق والأوضاع الاقتصادية المتردية التي جعلت مثل هذه المحلات منتشرة بشكل واسع في البلاد، وهو لم يكن ملاحظا سابقا.

وتدور أحداث مسلسل “تحت سابع أرض”، الذي كتبه عمر أبو سعدة في حارة شعبية بدمشق، حيث يلقي الضوء على الفساد والصراعات الاجتماعية التي واجهها المجتمع السوري في ظل الظروف الصعبة الراهنة.

ويسلط المسلسل الضوء على الحوادث غير المسبوقة في المجتمع السوري خلال سنوات الحرب، في عدد الجرائم ونوعيتها وحالات التفكك الأسري والفساد الذي شمل جميع مفاصل الدولة والمجتمع بأسره، وتضارب الآراء والمعتقدات والولاءات والهجرة والنزوح.

وتزامن تصوير المسلسل الذي لم تنته كتابة حلقاته الأخيرة بعد حتى الآن، مع سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الثاني الماضي، ونظرا لحكايته التي تروي عالم الفساد والجريمة والانهيار الاقتصادي وتورط رجال الأمن والشرطة في جرائم ضد القانون بالتعاون مع عصابات مافيا تزوير العملة، فمن المرجح أن تسلط حلقاته القادمة الضوء على الأحداث الجارية والتغيرات السياسية في البلاد.
وبدا لافتا للجمهور مقاربة الممثل تيم حسن لشخصية واقعية كانت موجودة خلال حكم الأسد وهو قائد القوات الخاصة السورية سهيل الحسن الملقب بالنمر.
من خلال اعتماده في تجسيد الشخصية على عبارات غير مفهومة ولا معنى واضح لها ومقاطع شعرية خالية من المضمون أثارت سخرية واسعة بين السوريين. فمن غير المرجح أن يتم تناول هذه الشخصية لولا سقوط نظام الأسد.

ويجسد تيم حسن دور ضابط تحقيق جنائي يسعى لتحقيق مكاسب شخصية بطرق فاسدة، مما يجعله في مواجهة مباشرة مع الأشخاص الذين يبتزهم، إلى جانب صراع عائلي مع شقيقه الذي يؤدي دوره أنس طيارة وشقيقته.

وخلال المشاهد، ردد تيم حسن العديد من العبارات المشابهة لسهيل الحسن وإحدى أكثرها شهرة “على العالم كله أن يعرف عدو العالم، وعلى من يدعم أعداء العالم أن يعي أنه ليس من العالم”.

وكان الحسن قائد الفرقة 25 من قوات المهام الخاصة، ثم أصبح فيما بعد رئيسا للقوات الخاصة السورية، وهو متهم بارتكاب جرائم حرب في مختلف المحافظات.

وعكست مشاهد المسلسل آثار الحرب على السوريين خلال أربعة عشر عاما وتمزيق النسيج الاجتماعي والأنانية المفرطة التي جسدتها شقيقية “المقدم موسى” الفنانة رهام قصار بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور للسكان وما انتجه من ظواهر سلبية كثيرة أخرى تمثلت في الفقر المدقع الذي أودى إلى حالة تحلل أسري وتزايد حالات الطلاق بسبب صعوبة العيش وحالات الخذلان التي يعيشها الناس.

وأوضح تيم حسن أن العمل الاجتماعي مطالب بلمس الناس وكلامهم وآمالهم، وهذا الجزء مرتبط بشكل مباشر في الكتابة.

ويدور المحور الأساسي للعمل حول تزوير العملة بحرفية شديدة في ظل فقدان العملة المحلية قيمتها بشكل كبير، حيث أصبح معظم السوريين غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية، ويصور ارتفاع معدلات الفقر والجوع، إلى جانب انهيار البنية التحتية، والفساد وسوء الإدارة اللذان لعبا دوراً جوهرياً في تفاقم هذه الأزمة.

وكان الاغتراب السوري والنفوذ الأجنبي حاضرا بقوة في المسلسل عبر استخدام الشخصيات لعبارات روسية وألمانية وانكليزية وفرنسية وهي من الظواهر غير المعتادة الدراما السورية، لكنها عكست في المسلسل حالة التغيرات الجوهرية لدى السوريين الذي أصبح حوالي نصفهم لاجئين في دول العالم.

كما أن الأحياء المدمرة عنصر أساسي في القصة باعتبارها موطنا لعمليات التزوير وعصابات المافيا، وحديث زعيم العصابة عن نبته توسيع عملياته في هذه المناطق والتي تشكل مساحة واسعة من الأراضي السورية.

وتقدم الفنانة السورية كاريس بشار شخصية “بلقيس”، وهي صاحبة محل لبيع الملابس المستعملة (البالة) في دمشق، وتعمل سراً في تصريف العملات الأجنبية.

وتنشأ بين شخصية كاريس بشار وشخصية تيم حسن في المسلسل علاقة تتسم بمزيج من الندية والعاطفة، تضيف أبعاداً إنسانية معقدة إلى القصة.

ويشارك في المسلسل إلى جانب تيم حسن وكاريس بشار، كل من منى واصف، تيسير إدريس، مجد فضة، وسارة بركة، إلى جانب العديد من الوجوه الشابة.