الجزائر – أصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عفوا رئاسيا بمناسبة العام الجديد شمل 2471 سجيناً، استثنى فيه سجناء سياسيين بارزين متهمين بقضايا إرهاب و”المساس بأمن الدولة”، إلى جانب بعض القضايا الحساسة الأخرى التي تعود إلى فترة “العشرية السوداء”، وفق الجريدة الرسمية الجزائرية، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد اتساع حملة “مانيش راضي” على المنصات الاجتماعية الداعية إلى إنهاء الحكم العسكري في البلاد وترك تسيير الدولة للمدنيين، احتجاجا على تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في بلد غني بالثروات النفطية.
وعادة ما يتم توجيه تهم تتعلق بالإرهاب أو المساس بأمن البلاد للناشطين والصحافيين وأصحاب الرأي المعارض، للرد على المنظمات الحقوقية المحلية والأجنبية التي تطالب بإطلاق سراحهم. كما دمجت السلطة أصحاب الرأي مع المتهمين بالإرهاب في أحداث العشرية السوداء لعدم شملهم بالعفو.
وخيّب القرار آمال عائلات المعتقلين الذين يقدر عددهم بأكثر من 170 شخصا، لا سيما منهم من أمضوا أكثر من 30 عاماً خلف القضبان وينتمون إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تم حظرها عام 1992، وزُجّ بمئات من أعضائها في السجون بتهم تتعلق بالإرهاب، وفق موقع أخبار شمال افريقيا.

ووفق المصدر ذاته، شملت الاستثناءات سجناء متهمين بارتكاب جرائم كبرى مثل الاغتصاب وزرع المتفجرات في الأماكن العامة، خلال فترة نشاط “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” التي تحولت لاحقاً إلى القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

كما استبعد العفو، متهمين أدانتهم المحاكم بفترات سجن متفاوتة المدة بارتكاب جرائم تتعلق بالاخلال بالنظام العام وتقويض الأمن ونشر الفوضى بعدف ضرب الاستقرار، ومنهم شخصيات بارزة مثل قرميط بونويرة السكرتير الخاص السابق لرئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح وعسكريون آخرون تم تسليمهم من دول أوروبية.

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول، أكدت الرئاسة الجزائرية أن تبون “قرر إفادة 2471 محبوساً بإجراءات عفو رئاسي، وتدابير تهدئة”، مؤكدة أن القرار يتمثل في “عفو كلي بالنسبة للأشخاص غير المحبوسين، المحكوم عليهم نهائياً، الذين تقل، أو تساوي عقوبتهم 24 شهراً، وعفو كلي بالنسبة للأشخاص المحبوسين، الذين تقل أو تساوي عقوبتهم 18 شهرا”.

ووفق بيان الرئاسة، فقد تقرر إفادة 14 محبوساً بإجراءات عفو كلي لباقي العقوبة، المحكوم بها عليهم نهائياً في جرائم تتعلق بالنظام العام. بالإضافة إلى ثمانية محبوسين على ذمة التحقيق، وإجراءات المحاكمة، بتدابير تهدئة تتعلق هي الأخرى أيضاً بجرائم النظام العام”.

وترفض السلطات الجزائرية وصف هؤلاء المعتقلين بـ”سجناء الرأي” و”السجناء السياسيين”، وتنفي وجود هذه الفئة أصلا في المؤسسات العقابية، معتبرة أنهم ملاحقين في إطار القانون العام او القضايا المخلة بالنظام العام، وهو ما صرح به الرئيس الجزائري في عدة مناسبات.

وتندد المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان تشديد الخناق على حرية التعبير وقمع الحريات العامة، فيما وصفت وسائل اعلام أوروبية الجزائر بأنها تحولت إلى سجن كبير لأصحاب الرأي المخالف وللإعلاميين والنشطاء.

وكانت منظمة “شعاع” لحقوق الإنسان قد استنكرت استثناء مرسوم العفو الرئاسي بمناسبة إحياء الذكرى السبعين لثورة التحرير الجزائرية، معتقلي الرأي والمساجين السياسيين، مشيرة الى أن “استمرار السلطات الجزائرية في اعتقال مواطنين جدد بتهم سياسية وتواصل إنكارها لوجود معتقلي رأي”، وتجاهلها واستهانتها بمناشدات المنظمات الحقوقية للإفراج عن معتقلي الرأي والمساجين السياسيين”

 وقالت المنظمة الحقوقية أن السلطات “لا تزال ملتزمة بسياسة عدم التسامح مطلقًا مع المعتقلين بتهم سياسية. وتدحض أية مصداقية لدعوة الرئيس لفتح حوار وطني شامل مع جميع القوى الوطنية في البلاد”، مطالبة بـ”وقف التضييق على الحريات وإنهاء الاعتقالات في صفوف الناشطين والمعارضين والملاحقات القضائية بحقهم، والإفراج عن معتقلي الرأي والمساجين السياسيين، وفتح حوار سياسي جاد”.