التخطي إلى المحتوى

الصالح نيوز :
المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب

الصالح نيوز : 
  المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب
الصالح نيوز :
المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب


الصالح نيوز :
المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب

المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب

مجلة ‘لوبوان’ الفرنسية تسلط الضوء على ما بات يتمتع به المغرب من خبرات وقدرات عالية على التعامل مع التهديدات الإرهابية محليا وإقليميا بدقة وبحضور ذهني وعملي واستخباراتي ولوجستي، في تطور نوعي كان فيه للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بقيادة عبداللطيف حمشي، دورا مركزيا.

باريس/الرباط – سلطت مجلة ‘لوبوان’ الفرنسية في تقرير مطول الضوء على القدرات والخبرات التي بات يتمتع بها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب وكيف فرض نفسه كقوة وازنة في الساحة الدولية حاضرة ذهنيا وعمليا واستخباراتيا في مواجهة مخططات إرهابية إجرامية تهدد ليس أمن المملكة فحسب بل حتى جوارها الإقليمي.

ولم يكن تفكيك الأمن المغربي في الفترة الأخيرة للخلية المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في منطقة الساحل الافريقي والتي كانت تُعد لتنفيذ اعتداءات خطيرة في المملكة، محض صدفة، بل كان عملا دقيقا ومتقنا على جميع المستويات وأظهر يقظة أمنية وقدرة عالية على التعاطي الفوري وبدقة شديدة مع مخطط كان على وشك التنفيذ.

ورغم أن العملية الاستباقية النوعية التي نفذتها القوات الأمنية المختصة في مكافحة الإرهاب لم تكن الأولى، إلا أنها جعلت المغرب محل اهتمام الصحافة الدولية والمراكز التي تهتم بمتابعة أخبار الجماعات الإرهابية عموما والناشئة خصوصا في منطقة الساحل الافريقي، المنطقة التي أصبح واضحا أنها تتحول تدريجيا لحاضنة خصبة لتنظيمات تتبنى فكر داعش أو القاعدة وتتنافس على تأمين وتوسيع نفوذها خاصة بعد انحسار الدور الفرنسي والغربي العسكري في تلك المناطق.

ومعلوم أن تلك التنظيمات تتغذى وتنمو في بيئة الفوضى والفراغات الأمنية ومناطق النزاعات وتسعى من خلال خلايا نائمة إلى اظهار قدرتها على التمدد إلى خارج نطاق تواجدها الجغرافي إلى سواه من مناطق الجوار الإقليمي وهو ما يؤكده مسار تطور قدرات داعش افريقيا أو أفرع تنظيم القاعدة.

وينظر للمغرب على أنه شريك دولي موثوق في مكافحة الإرهاب، معززا رصيده ومكانته من خلال النجاحات الأمنية المحلية أو تلك التي حققها من خلال تعاون استخباراتي أنقذ عواصم أوروبية من هجمات إرهابية محققة، لتفرض الخبرة المغربية نفسها بقوة في الساحة الدولية كما تؤكد مجلة ‘لوبوان’ التي أوردت تفاصيل دقيقة وشرحا معمقا في تقريرها رصدت فيه مكامن قوة المغرب وأجهزته.

 وفي ما يلي أهم ما جاء في تقرير المجلة الفرنسية التي لم تكن أول وسيلة اعلام دولية تسلط الضوء جهود وقدرات المملكة في مكافحة الإرهاب:

فك التشفير

أعلنت السلطات المغربية تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش في منطقة الساحل وإحباط هجوم كان من المقرر أن يقوم به أفراد متطرفون. لقد خططوا لكل شيء. استطلاع دقيق ومسارات مدروسة بدقة ومقاطع فيديو للمطالبات المسجلة مسبقا. كان أربعة رجال، بينهم ثلاثة أشقاء، تطرفوا تحت تأثير داعش وارتبطوا بشبكاته في منطقة الساحل، على وشك تنفيذ مخططهم، لكن مشروعهم توقف فجأة. تم تفكيك الخلية بفضل العمل المعمق الذي قام به المكتب المركزي للأبحاث القضائية أحد ركائز مكافحة الإرهاب في المغرب منذ عام 2015.

ويلعب المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي أنشأته المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) تحت إشراف عبداللطيف حموشي، دورا رئيسيا في الوقاية من التهديدات الإرهابية وتفكيكها. وقد اعتمد المشتبه بهم أسلوبا مخيفا: “الجهاد الفردي” وتكتيكات “الذئب المنفرد”. وهذا الأسلوب العملي يشكل جزءا من اتجاه تم رصده في العديد من الخلايا التي تم تفكيكها في المغرب.

جاهزية عالية وتحرك استباقي في مواجهة التهديدات الارهابية

جاهزية عالية وتحرك استباقي في مواجهة التهديدات الارهابية

ويقول حبوب الشرقاوي مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية “إن المتطرفين المعتقلين يفضلون العمل المنفرد ويعتمدون على الهجمات منخفضة التكلفة وعالية التأثير”، مشيرا إلى أن “ترسانتهم تعتمد على استخدام العبوات الناسفة البدائية والأسلحة البيضاء أو النارية، فضلا عن تفخيخ السيارات”.

وتكشف هذه القضية عن تطور استراتيجي كبير للإرهاب في المنطقة ولم تعد الجماعات الجهادية الساحلية تكتفي بالعمل في معقلها بل إنها تسعى الآن إلى التسلل إلى منطقة المغرب العربي.

منطقة الساحل قاعدة خلفية جديدة للإرهاب

ومنذ بداية التحقيق، ظهر عنصر أساسي: الروابط الوثيقة بين خلية حد السوالم وحركة الساحل الإرهابية. وكان المشتبه بهم على تواصل مباشر مع أحد كوادر داعش المتواجدين في المنطقة والذي كان يقوم بتدريبهم والإشراف عليهم عن بعد، لكن هذه التبادلات ذهبت إلى ما هو أبعد من العقيدة الإيديولوجية. كان البرنامج تدريبيا حقيقيا بما في ذلك صناعة المتفجرات واستراتيجيات الهجوم وتقنيات الهروب.

وتشكل هذه الطريقة في العمل جزءا من ديناميكية أوسع نطاقا، فوفقا لأجهزة الاستخبارات، تم تفكيك أكثر من 40 خلية تابعة لتنظيم القاعدة أو داعش وتعمل جميعها وفقا لنمط متطابق: التطرف عبر الإنترنت والاتصالات مع شخصيات إرهابية من منطقة الساحل والتخطيط لهجمات.

والأرقام تتحدث عن نفسها، فمنذ نهاية عام 2022، انضم ما لا يقل عن 130 متطرفا مغربيا إلى بؤر الجهاد في الصومال ومنطقة الساحل. وقد ارتقى بعضهم في الرتب إلى مناصب قيادية، بينما شارك آخرون في عمليات كبرى مثل الهجوم على ثكنة عسكرية صومالية في 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث تم التعرف على مغاربة من بين الانتحاريين.

لقد أصبحت منطقة الساحل منطقة حاضنة للجهاد ولا تخفي فروع داعش في منطقة الساحل طموحاتها للتوسع باتجاه المغرب العربي. وهذا الخطر أصبح أكثر إثارة للقلق في ظل سلسلة الانقلابات العسكرية التي أضعفت العديد من بلدان المنطقة.

وقد حذر حبوب الشرقاوي من أنه “منذ الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، واصلت الجماعات الإرهابية اكتساب السلطة، مستغلة حالة عدم الاستقرار لتوسيع نفوذها”، موضحا “إنهم يستغلون أرضا خصبة: موارد وفيرة وأراضٍ شاسعة يصعب السيطرة عليها وصراعات متفاقمة بين المجتمعات والفراغ الأمني ​​الناجم عن انسحاب القوات الدولية والإقليمية، مثل بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي وقوة برخان الفرنسية ومجموعة دول الساحل الخمس”

ولمواجهة هذا التوسع، أصبح التعاون الأمني ​​الدولي أكثر من أي وقت مضى أداة أساسية. ويؤكد الشرقاوي أن “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قامت بتدريب ضباط من عدة دول إفريقية، منها الغابون وكوت ديفوار وغينيا كوناكري ومدغشقر وتنزانيا، وتبادلت معهم خبراتها في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف”.

ولكن منطقة الساحل ليست المصدر الوحيد للقلق، فقد أصبحت مخيمات تندوف ملجأ استراتيجيا للجماعات الإرهابية. ويجد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في المنطقة مكانا مثاليا لتجنيد وترتيب لوجستياتهما من خلال استغلال غياب السيطرة وضعف السكان المحليين.

ويعتبر عدنان أبوالوليد الصحراوي خير مثال على ذلك فقد كان عضوا سابقا في الهيئة الإدارية لاتحاد شباب البوليساريو (UJSARIO)، المسؤول عن استقبال الوفود الأجنبية في مخيمات تندوف، واتجه إلى التطرف من خلال الانضمام إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في عام 2008، قبل أن يصبح أحد أكثر القادة رعبا في تنظيم داعش في منطقة الساحل. وتسلط مسيرته المهنية الضوء على وجود جسور خطيرة بين بعض الفصائل في مخيمات تندوف والجماعات الجهادية التي تنشط في المنطقة.

وكانت أجهزة الاستخبارات المغربية قد توقعت هذا الصعود في قوة الشبكات الإرهابية في منطقة الساحل قبل وقت طويل من أن يصبح حقيقة واقعة. ويقول مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية “لقد حذرنا من خطر تحول هذه المنطقة إلى ماليستان، أي أفغانستان جديدة للإرهاب”. وهو تحذير يتردد صداه اليوم أكثر من أي وقت مضى. وفي الواقع ورغم تفكيك الخلايا بشكل منتظم، فإن التهديد لم يختف أبدا.

استراتيجية حموشي في مكافحة الارهاب لعبت دورا محوريا في تفكيك عشرات الخلايا الارهابية

استراتيجية حموشي في مكافحة الارهاب لعبت دورا محوريا في تفكيك عشرات الخلايا الارهابية

ويتابع الشرقاوي “قبل وقت طويل من أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، كانت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قد دقّت ناقوس الخطر، فقد رأى تنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء معقلا عملياتيا مستقبليا له”.

وتواصل الجماعات في منطقة الساحل توسعها باستخدام استراتيجيات جديدة: التطرف الأسري واستغلال الفجوات الرقمية وتغيير أساليب العمل.

التهديدات الإرهابية الجديدة

واللافت للنظر في هذه الحالة هو هيكل خلية حد السوالم نفسه: ثلاثة من المشتبه بهم الأربعة الذين تم القبض عليهم هم أشقاء. وعلى النقيض من القطاعات التقليدية التي تقوم بالتجنيد من دوائر أوسع، فإن عملية التلقين لديهم تتم داخل دائرة الأسرة.

واكتشف المحققون أيضا أن هؤلاء الإخوة الثلاثة لم يكن لديهم نية للتوقف عند هذا الحد وبعد تنفيذ هجماتهم، كانت خطتهم هي الانضمام إلى معسكرات داعش في منطقة الساحل. وكان الأخ الأكبر وهو شخصية محورية في المجموعة، قد خطط لأخذ أبنائه الخمسة إلى هذه المنطقة وهو ما يوضح استراتيجية مثيرة للقلق تتبعها الجماعات الإرهابية، “توفير ظروف المعيشة والإقامة لجذب ليس فقط المقاتلين ولكن أيضا عائلاتهم”، كما يؤكد الشرقاوي.

وعلى النقيض من الشبكات التقليدية التي تترك آثارا ويمكن اختراقها، تعمل هذه النواة العائلية كملاذات أيديولوجية، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة. وهنا لعبت تجربة المكتب المركزي للأبحاث القضائية دورا حاسما. ومن خلال التدقيق الدقيق في أصغر القرائن بما في ذلك الحركات المشبوهة والمشتريات غير العادية للمواد الكيميائية والاتصالات مع الأفراد تحت المراقبة، تمكن العملاء من إحباط الخلية قبل أن تتمكن من اتخاذ أي إجراء.

وإلى جانب تجنيد الأسرة، تسلط هذه القضية الضوء أيضا على رافعة رئيسية أخرى للتطرف هي التلقين السيبراني، لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الدردشة المشفرة أرضا خصبة للتجنيد، حيث يتم تداول مقاطع فيديو داعش دون عوائق ويتم تعليم تقنيات الهجوم وتشكيل الروابط بين الخلايا الإرهابية.

وقد رصد المكتب المركزي للأبحاث القضائية هذا التهديد منذ عدة سنوات وأنشأ وحدة متخصصة في مراقبة واختراق هذه الفضاءات الرقمية. وبفضل هذا اليقظة، تم إحباط العديد من الهجمات قبل أن تتشكل. منذ عام 2016 تم اعتقال أكثر من 600 متطرف في المغرب كانوا قد تأثروا وتبنوا هذا الفكر عبر الإنترنت.

المغرب اعتمد كذلك مقاربة فكرية في اعادة تأهيل مدانين بالتطرف الديني

المغرب اعتمد كذلك مقاربة فكرية في اعادة تأهيل مدانين بالتطرف الديني

استراتيجية أمنية وأيديولوجية لمواجهة التطرف

ولكن المملكة لا تقتصر على النهج الأمني في مواجهة هذه التهديدات، فلقد جعلت بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، من مكافحة الإيديولوجية المتطرفة محورا استراتيجيا رئيسيا. منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم إجراء إصلاح في المجال الديني بهدف تعزيز الإسلام المعتدل وتعزيز قيم التسامح. ومن ثم فإن إنشاء المجالس العلمية الإقليمية مكّن من ضمان الرقابة الدينية اللامركزية. وقد تم تحديد المجلس العلمي الأعلى باعتباره السلطة الوحيدة المختصة بإصدار الفتاوى، مما يضمن التماسك العقائدي ويحد من الانحرافات المتطرفة.

وعلى صعيد السجون، تم إنشاء برنامج إعادة تأهيل المصالحة في عام 2017 وهي مبادرة رائدة تهدف إلى تزويد السجناء الإسلاميين بفهم أفضل للنصوص الدينية من أجل تشجيعهم على نبذ الإيديولوجية المتطرفة والمصالحة مع أنفسهم ومع المجتمع. في 15 نسخة، دعم هذا البرنامج 331 مشاركا وقد انعكس تأثيرها الملموس في حصول 177 شخصا على العفو الملكي وتخفيف أحكام 39 شخصا آخرين، بينما لم يتم تسجيل أي حالة تكرار انخراط في التطرف أو تبني الفكر المتطرف حتى الآن، مما يدل على فعالية ونجاح هذه المبادرة.

المغرب جامعة الأئمة الأفارقة

وفي الوقت نفسه رسخت المملكة مكانتها كلاعب أساسي في مجال التعليم الديني في أفريقيا وخارجها وتم إبرام اتفاقيات ثنائية مع العديد من البلدان، بما في ذلك مالي وساحل العاج والسنغال وغينيا وتونس وتشاد وفرنسا. وهكذا، تم تكوين مئات الأئمة في المعاهد المغربية، بما في ذلك معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والخطباء الذي يدرب 150 إماما و50 داعية سنويا، مما يساهم في نشر الإسلام الوسطي في المناطق الأكثر عرضة لانتشار التطرف.

ورغم أن الرباط تستطيع أن تعتمد على الخبرة القوية وخدمات الأمن الفعالة والنهج الاستباقي، فإن التحديات تظل هائلة. إن التزام المغرب الثابت بمكافحة الإرهاب يضعه أيضا في مواجهة تحديات أمنية متزايدة. ويرى مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن “المغرب يواجه تهديدا مزدوجا: العداء المستمر من جانب داعش والقاعدة وغيرهما من الجماعات المتطرفة بسبب التزامه الثابت بمكافحة الإرهاب وقربه من منطقة الساحل، التي أصبحت معقلا رئيسيا للجهاد العالمي”.

إن الوضع الجيوستراتيجي المعقد الذي يعرض هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا لتحديات أمنية عديدة، لا يقوض بأي حال من الأحوال قدرته على الصمود أو التكيف مع التهديدات الناشئة. والواقع أن الخبرة المغربية في مكافحة الإرهاب أصبحت معترف بها على الساحة الدولية، مما يجعل البلاد لاعبا أساسيا في الاستجابة العالمية لمكافحة التطرف.

وأكد الشرقاوي أن “التجربة المغربية في مجال التعاون الدولي تطورت خلال السنوات الأخيرة إلى ما هو أبعد من مجرد تبادل المعلومات لتشمل المعالجة القضائية المشتركة لبعض القضايا المرتبطة بالإرهاب”. وهذه الفلسفة الاستباقية على وجه التحديد هي التي مكنتها، حتى الآن، من إبقاء التهديد تحت السيطرة.

الصالح نيوز :
المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب

الصالح نيوز :
المغرب يفرض نفسه قوة وازنة دوليا في مكافحة الإرهاب
#المغرب #يفرض #نفسه #قوة #وازنة #دوليا #في #مكافحة #الإرهاب