باريس – أعادت الأحداث التي يشهدها الساحل السوري تسليط الضوء على شخصية أحمد الشرع الذي تخلى عن اسمه الحركي ونزع بزته العسكرية بعد توليه إدارة سوريا على إثر اطاحة الفصيل المتطرف الذي يقوده أي هيئة تحرير الشام بمساعدة جماعات أخرى بنظام الرئيس السابق بشار الأسد.

ويحاول الشرع أو أبومحمد الجولاني سابقا، الظهور بمظهر المعتدل ويظهر حزما في محاولة السيطرة على الوضع وفي نفس الوقت يؤكد أنه يعمل على حماية الأقليات وحقوق الانسان، لكن لوسيم نصر المختص في الحركات الجهادية رأي آخر، ففي حديث خص به مجلة لوبس الفرنسية، قال إنه يسير على حبل مشدود، مضيفا أنه وبعد نحو ثلاثة أشهر من اسقاط الأسد يعتبر استمرار بقاء هيئة تحرير الشام وحكومتها الانتقالية في السلطة، من المعجزات.

وقال نصر، إن الرئيس الانتقالي في سوريا يبدو في موقف حساس اذ عليه أن يوجد توازنا بين مؤيديه الأكثر تطرفا والأكثر اعتدالا بالإضافة إلى كيفية إدارة البلاد والتعامل مع الشتات والأقليات، مضيفا أن البعض يأخذ عليه العفو عن بعض مسؤولي النظام السابق، بينما لم يطلق سراح بعض الجهاديين أو المعارضين الإسلاميين المحتجزين في سجون ادلب. كما يواجه معضلة أخرى وهي إبقاء الحانات مفتوحة في دمشق.

وأشار إلى أن الشرع لم يغير خطابه منذ توليه إدارة سوريا وأن هذا يعتبر في حد ذاته عاملا مطمئنا خاصة بعد حرب أهلية استمرت نحو أربعة عشر عاما وبعد حكم استبدادي استمر لنحو 54 عاما وأن الوضع على ضوء ذلك فاق كل توقعات السوريين.

مجلة ‘لوبوان’ تحدثت بدورها عن شخصية الشرع من خلال لقاء مع الجهادي السنغالي المجند من مدينة نيس عمر ديابي والمعروف باسم عمر أومسن والذي يقود جماعة جهادية صغيرة في ادلب منذ نحو 12 عاما.

ويصف أومسن لموفدي المجلة، الشرع بـ”الحرباء”، مضيفا “لا يمكن لأحد أن يغيّر سياسته بهذه السرعة بين ليلة وضحاها. المهم هو ما يوجد تحت البدلة، إذا نجح في توحيد جميع السوريين، فهو ساحر، لكنني لا أصدق ذلك: عندما يصل الإنسان إلى هذا المستوى من الأيديولوجيا، لا يمكنه أن يكون ما يدّعيه. إما أنه لم يكن جهاديا حقيقيا، أو أنه خدعنا… أو خدعكم”.

ورأى الجهادي الذي اختبر القتال في سوريا ولديه دراية عن تفكير الشرع وجماعته المتشددة، أن زعيم هيئة تحرير الشام الذي نزع بزته العسكرية واستعاد اسمه المدني، اختار الطريق الخطأ حين انفصل عن مؤسسة الجهاد العالمية (في إشارة إلى تنظيم القاعدة)، منتقدا أيضا القمع الذي مارسته هيئة تحرير الشام في ادلب خلال السنوات الأخيرة.

وكان أبومحمد الجولاني قد غير اسم التنظيم الذي يقوده من جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام في انفصال معلن على الأقل ظاهريا عن أيديولوجيا القاعدة وحاول خلال السنوات الأخيرة الظهور بمظهر الشخصية المعتدلة في إدارة المناطق التي تسيطر عليها الهيئة في مواجهة حالة احتقان تحولت لاحقا إلى حراك احتجاجي.

ويواجه الرئيس السوري الانتقالي تحديات كبيرة في المرحلة الحالية أبرزها: تحديات أمنية، اذ تشهد سوريا اشتباكات بين القوات الحكومية وأنصار الرئيس السابق بشار الأسد، مما يهدد الاستقرار.

ويسعى الشرع لبسط سيطرة قواته على كامل الأراضي السورية بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد). كما يواجه صعوبة في السيطرة على الفصائل متعددة الولاءات التي تعمل بإمرته.

ويسعى كذلك إلى تحقيق الوحدة الوطنية في بلد منقسم بسبب سنوات الحرب وعليه تهدئة التوترات الطائفية وتهدئة الوضع بين القوات الحكومية وأنصار الأسد والحفاظ على السلم الأهلي بعد مقتل المئات في الاشتباكات.

ويعمل على منع التجاوزات والمبالغة في ردود الفعل ويهدد بمحاسبة كل من يتجاوز على المدنيين وعليه التعامل مع تركة النظام السابق، بما في ذلك الفساد والمشاكل الاقتصادية. كما يواجه معضلة حصر السلاح بيد الدولة ومنع وجود سلاح منفلت في سوريا.

ويحاول الشرع طمأنة الأقليات في سوريا وقد دعا المجتمع الدولي إلى إشراك كافة المكونات في إدارة المرحلة الانتقالية بالإضافة إلى ذلك يواجه تحديات أخرى مثل: إعادة إعمار البلاد وتأمين عودة اللاجئين ومكافحة الإرهاب.