برلين – وجد باحثون ان استخدام الذكاء الاصطناعي في فحص سرطان الثدي يزيد من فرصة اكتشاف المرض، في دراسة وُصفت بأنها أول اختبار عملي لهذا النهج.

تشير العديد من الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد المتخصصين الطبيين في الكشف عن السرطان، سواء من خلال تحديد النمو غير الطبيعي في الأشعة المقطعية أو علامات سرطان الثدي في صور الأشعة السينية.

ومع ذلك، فإن العديد من هذه الدراسات تتم بشكل استرجاعي – حيث لا يشارك الذكاء الاصطناعي منذ البداية – بينما تعاني الدراسات التي تعتمد على إشراكه مباشرة من صغر حجم العينة. حتى الدراسات الأكبر حجمًا قد لا تعكس دائمًا الاستخدام الواقعي.

الآن، يقول الباحثون إنهم اختبروا الذكاء الاصطناعي في برنامج فحص وطني لأول مرة، حيث أظهرت النتائج أنه يقدم فوائد ملموسة في بيئة عملية.

أجرى فريق من الباحثين بقيادة الدكتور ألكسندر كاتالينيتش من جامعة لوبيك في ألمانيا، بالتعاون مع نحو 200 أخصائي أشعة معتمد، دراسة تهدف إلى تقييم فعالية نظام ذكاء اصطناعي مدرب على تحليل صور الثدي الشعاعية (الماموجرام) للكشف عن علامات سرطان الثدي.

وصرح البروفيسور ألكسندر كاتالينيتش، أحد مؤلفي الدراسة من جامعة لوبيك في ألمانيا: “تمكنا من تحسين معدل الكشف دون زيادة الضرر للنساء المشاركات في فحص سرطان الثدي”، مضيفًا أن هذا النهج قد يقلل أيضًا من عبء العمل على أطباء الأشعة.

حلل كاتالينيتش وزملاؤه بيانات 461,818 امرأة في ألمانيا خضعن لفحوصات سرطان الثدي بين يوليو/حزيران 2021 وفبراير/شباط 2023 كجزء من برنامج وطني يستهدف النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 50 و69 عامًا واللاتي لا تظهر عليهن أعراض.

تمت مراجعة الفحوصات الخاصة بجميع النساء بشكل مستقل من قبل طبيبين. ومع ذلك، بالنسبة لـ260,739 امرأة، استخدم أحد الخبراء على الأقل أداة ذكاء اصطناعي لدعمه.

تعمل هذه الأداة ليس فقط على تصنيف الصور التي تعتبرها طبيعية، بل تقدم تنبيهًا أمنيًا عند تصنيف صورة على أنها مثيرة للشك بينما يعتبرها الطبيب غير مقلقة. في مثل هذه الحالات، تبرز الأداة المنطقة التي تقترح إعادة فحصها.

بشكل عام، تم تشخيص 2.881 امرأة في الدراسة بسرطان الثدي. كان معدل الكشف أعلى بنسبة 6.7 بالمئة في المجموعة التي استخدمت الذكاء الاصطناعي. وبعد الأخذ في الاعتبار عوامل مثل عمر النساء والأطباء المشاركين، وجد الباحثون أن هذا الفرق زاد، حيث كان معدل الكشف أعلى بنسبة 17.6 بالمئة في المجموعة التي استخدمت الذكاء الاصطناعي (6.70 لكل 1,000 امرأة) مقارنة بالمجموعة العادية (5.70 لكل 1.000 امرأة). بعبارة أخرى، تم اكتشاف حالة إضافية لكل 1,000 امرأة عند استخدام الذكاء الاصطناعي.

والأهم من ذلك، ذكر الفريق أن معدل استدعاء النساء لإجراء مزيد من التحقيقات بسبب فحص مشبوه كان متقاربًا بين المجموعتين.

قال كاتالينيتش: “في دراستنا، حققنا معدل كشف أعلى دون زيادة معدل الإيجابيات الكاذبة. هذه نتيجة أفضل بنفس مستوى الضرر”.

وأضاف الفريق أن التنبيه الأمني للأداة تم تفعيله 3.959 مرة في مجموعة الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تشخيص 204 حالات بسرطان الثدي. على العكس من ذلك، كان سيتم تفويت 20 حالة من حالات سرطان الثدي في مجموعة الذكاء الاصطناعي لو لم يتم فحص الصور التي صنفها الذكاء الاصطناعي على أنها طبيعية من قبل الأطباء.

قال ستيفان بونك، أحد المؤلفين المشاركين ومؤسس مشارك لشركة “فارا” التي طورت أداة الذكاء الاصطناعي، إن التكنولوجيا زادت من سرعة الأطباء في فحص الصور التي تم تصنيفها على أنها طبيعية.

 وأضاف أن الحسابات أظهرت أنه حتى إذا لم يقم الأطباء بمراجعة هذه الصور، فإن معدل الكشف عن سرطان الثدي العام سيكون أعلى ومعدل الاستدعاء أقل مقارنة بعدم استخدام الأداة. وقال إن ذلك يعني عددًا أقل من الإيجابيات الكاذبة للنساء وتقليل عبء العمل على الأطباء.

قال البروفيسور ستيفن دافي، أستاذ فخري لفحص السرطان في جامعة كوين ماري بلندن، الذي لم يشارك في الدراسة، إن النتائج موثوقة ومثيرة للإعجاب.

وأضاف: “هنا في المملكة المتحدة، هناك اهتمام خاص بمعرفة ما إذا كان استخدام الذكاء الاصطناعي مع طبيب أشعة واحد يمكن أن يحل بأمان محل القراءة من قبل طبيبين. وكلما تم البحث في هذا الأمر بشكل حاسم كان ذلك أفضل”.

قالت الدكتورة كريستينا لانغ، من جامعة لوند، إن الدراسة تضيف إلى الأدلة المتزايدة على الفوائد المحتملة لإدماج الذكاء الاصطناعي في فحوصات تصوير الثدي بالأشعة السينية.

 لكنها أضافت أن الزيادة الكبيرة في الكشف عن سرطانات في مراحلها الأولية تثير القلق، حيث يُحتمل أن تكون هذه السرطانات بطيئة النمو وقد تسهم في عبء التشخيص الزائد.

وأضافت: “المتابعة طويلة الأمد ضرورية لفهم التأثيرات السريرية بالكامل لإدماج الذكاء الاصطناعي في فحوصات تصوير الثدي. النتائج مشجعة، لكن من الضروري ضمان تنفيذ طريقة قادرة على الكشف عن السرطانات ذات الصلة السريرية في مرحلة مبكرة حيث يمكن أن يؤدي الكشف المبكر إلى تحسين النتائج للمرضى.”

صرحت الدكتورة كاثرين هاليداي، رئيسة الكلية الملكية لأطباء الأشعة، بأن الإحصاء الأخير أظهر وجود نقص بنسبة 29% في عدد أطباء الأشعة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية.

وأضافت: “أي أدوات يمكنها تحسين الدقة والإنتاجية مرحب بها. لكن في الوقت نفسه، المخاطر المحتملة كبيرة أيضًا. من الضروري أن يتم إدخال الذكاء الاصطناعي إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية بحذر وتحت إشراف خبراء”.