تونس – توج الفيلم التونسي “الذراري الحمر” للمخرج لطفي عاشور بجائزة “التانيت الذهبي” لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة (الجائزة الكبرى) بأيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والثلاثين التي أسدل الستار على فعالياتها السبت بمسرح الأوبرا في مدينة الثقافة بتونس العاصمة.

وأعرب فريق الفيلم في كلمة بالمناسبة عن سعادتهم الغامرة بالتتويج بالتانيت الذهبي، وأشار المخرج لطفي عاشور إلى أن العمل مهدى لروح الشقيقين مبروك وخليفة السلطاني اللذين راحا ضحية الإرهابيين “حيث تم ذبحهما في جبل المغيلة 2015 و2017 “، كما أهدى التتويج بهذا العمل إلى الفلسطينيين الذين يعانون من وطأة الاحتلال الصهيوني منذ سنوات.

ولم يكن اختيار لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد بعيدا عن اختيار جمهور المهرجان الذي منح جائزته أيضا لفيلم “الذراري الحمر” وذلك مناصفة مع الفيلم السوري “سلمى” للمخرج جود سعيد.

ونال “الذراري الحمر” كذلك “جائزة الفقيد خميس الخياطي لسينما المقاومة” من قبل النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، تقديرا لالتزامه الفني بقضايا المقاومة والحرية.

ويعيد الفيلم الروائي الطويل تجسيد القصة الواقعية لمبروك السلطاني الذي راح ضحية عملية إرهابية هزت الرأي العام الوطني التونسي والعالمي، حيث قام إرهابيون بذبح هذا الراعي “الطفل” أمام أنظار ابن عمه وتوثيق لحظات ما قبل الذبح لبث الرعب والخوف في قلوب التونسيين.

واختار لطفي عاشور أن يركز في هذا العمل على معاناة الطفل الذي كان شاهدا على عملية الذبح وأجبر على نقل رأس ابن عمه الذي قطعه الإرهابيون، وقد نجح الممثل الذي أدى دور الطفل في نقل مشاعر الخوف والرعب وتأثير ما بعد الصدمة من خلال تعابير وجهه ونظراته وحركات جسده التي راوحت بين الوقوف “المتجمد” والحركة السريعة غير الثابتة والركض والقفز والسقوط وإعادة الوقوف سريعا.

وحاز الفيلم على العديد من الجوائز الدولية آخرها جائزة اليسر الذهبية لأفضل فيلم طويل وجائزة أفضل مخرج ضمن مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم الفرنكوفوني الدولي بنامور، وقدم في عرضه العالمي الأول في يوليو/تموز في مهرجان لوكارنو. كما تحصل بطل العمل الطفل علي الهلالي على تنويه في مهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط ببروكسيل.

ويهدي فيلم “الذراري الحمر” بهذه الجائزة السينما التونسية التانيت الذهبي العاشر منذ إحداث هذه التظاهرة السينمائية العريقة سنة 1966 على يدي الراحل الطاهر شريعة.

وحصدت السينما التونسية إلى جانب التانيت الذهبي خلال المسابقة الدولية لهذه الدورة أربع جوائز أخرى هي جائزة التانيت البرونزي في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة التي آلت لفيلم “عالحافة” لسحر العشي، وجائزة التانيت البرونزي في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة التي منحت لفيلم “ماتيلا” للمخرج عبدالله يحيى، بالإضافة إلى جائزة التانيت الذهبي في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة التي تحصل عليها فيلم “الأيام الأخيرة مع اليان” لمهدي الحجري، وكذلك جائزة أفضل مونتاج التي كانت من نصيب الفيلم الروائي الطويل “عايشة” لمهدي برصاوي.

وعادت جائزة التانيت الفضي بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة لهذه الدورة إلى الفيلم الفلسطيني “إلى عالم مجهول” للمخرج مهدي فليفل، فيما ذهبت جائزة التانيت البرونزي للفيلم السنغالي “دمبا” من إخراج ممادو ديا.

ومنحت جائزة أفضل ممثلة للنجمة السورية سولاف فواخرجي عن دورها في فيلم “سلمى”، فيما فاز الجزائري سامي لشعة بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “الاختفاء”. أما جائزة أفضل سيناريو فكانت من نصيب النيجيري بودي أسيانبي عن سيناريو فيلم “الرجل مات”.

وحصل المصري هاني عادل على جائزة أفضل موسيقى عن فيلم “أرزة”، كما حصل المصري مصطفى الكاشف على جائزة التصوير عن فيلم “القرية المجاورة للجنة”. ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للفيلم المصري “البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو” من إخراج خالد منصور.

وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، فاز بجائزة التانيت الذهبي الفيلم السوداني “بعد ذلك لن يحدث شيء” للمخرج إبراهيم عمر، فيما حصل الفيلم المصري “أحلى من الأرض” للمخرج شريف البندراي على جائزة التانيت الفضي، ونال الفيلم التونسي “عالحافة” للمخرجة سحر العشي جائزة التانيت البرونزي.

أما التانيت الذهبي لمسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فكان من نصيب الفيلم الفلسطيني “عمل فدائي” لكمال جعفري، والتانيت الفضي لفيلم “تانغو س س ا: نهوض في الليل” لنلسون ماكنغو من جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتانيت البرونزي ذهب لفيلم “ماتيلا” للمخرج التونسي عبدالله يحيى، وحصل الفيلم السنغالي “ندار ساغا والو” لعصمان ويليام مباياي على تنويه خاص.

وحصد الفيلم التونسي “الأيام الأخيرة مع اليان” لمهدي الحجري التانيت الذهبي ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة، فيما ذهبت جائزة التانيت الفضي للفيلم اليمني “فريحة” لبدر يوسف، ونال الفيلم الكيني “رحلة باهاتي في التربية الجنسية” لسايتاباوو كاياراي على جائزة التانيت البرونزي.

وفي المسابقة الوطنية للأفلام التونسية، توج فيلم “قنطرة” للمخرج وليد مطار بجائزة أفضل فيلم روائي طويل، ونال فيلم “لون الفسفاط” للمخرج رضا التليلي جائزة أفضل فيلم وثائقي، وذهبت جائزة أفضل فيلم قصير إلى “ثنية عيشة” للمخرجة سالمة الهبي. وتوج الفيلم التونسي “اللعنة” للمخرجة بثينة علولو بجائزة قرطاج للسينما الواعدة.

وضمت لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الروائية بالإضافة إلى المخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد (رئيسا)، الممثلة الرواندية إليان أميهير والمخرجة التونسية سلمى بكار والمنتج بيدرو بيمنتا من الموزمبيق والصحفي السنغالي بابا ديوب والناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس والمنتجة المصرية ماريان خوري.

أما لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية والتي ترأستها المنتجة التونسية درة بوشوشة، فضمت المخرجة أسماء المدير من المغرب وأمل رمسيس من مصر ومحمد سعيد أوما من جزر القمر وعمر صال من السنغال.

وتم خلال حفل ختام أيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والثلاثين تخصيص فقرة تكريمية لاسم الممثل التونسي الراحل فتحي الهداوي، وكذلك اسم الناقد السينمائي الراحل خميس الخياطي، كما تم تكريم الممثل والمخرج التونسي ظافر العابدين.

وأكد ظافر العابدين في كلمة بالمناسبة على أهمية أيام قرطاج السينمائية ودورها في تيسير دخوله إلى عالم السينما، وفي دعم مسيرته.

وأعلنت أيام قرطاج السينمائية، الجمعة، عن قائمة الفائزين بالجوائز الموازية في احتفالية أقيمت بالمركز الإعلامي الدولي بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي.

ومنحت لجنة التحكيم التي تضم أنس كمون من تونس، وإيلي مستورو من بلجيكا، وأحمد بوغابة من المغرب، جائزة الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية لفيلم “ماء العين” للمخرجة مريم جعبر.

وأسندت لجنة جائزة لينا بن مهني، المكونة من الهاشمي بن فرج وعادل عزوني وفيروز بن سلامة، الجائزة لفيلم “ارتداد” للمخرج إينتاغريست الأنصاري. ويعد هذا الفيلم تكريما للسينما التي تعبر عن قضايا حقوق الإنسان وتسعى لإحداث تغيير اجتماعي.

وبدورها، منحت لجنة التحكيم التي تتألف من الناصر الصردي الحبيب بالهادي وسمية بوعلاقي، جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل لفيلم “لون الفسفاط” للمخرج رضا التليلي. ويتناول الفيلم قضايا العمال وحقوقهم بأسلوب صادق ومعبر مما جعله يحظى بتقدير كبير من النقاد والجمهور.

وسجلت هذه الدورة منذ افتتاحها الذي خيمت على أجوائه مسحة من الحزن لتزامنه مع تشييع جثمان فتحي الهداوي نجم المسرح والدراما والسينما في تونس في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري وإلى غاية الحادي والعشرين من الشهر نفسه، عرض 217 فيلما في مختلف الأقسام، واستقطبت عروضها على مدار أسبوع أكثر من 270 ألف متفرج.