الرباط – تعاني الدراما الأمازيغية المغربية من نقص واضح في الكتابة السيناريستية والإنتاج، اذ تظل الصورة النمطية هي السائدة في العديد من الأعمال، وهذا راجع إلى قلة التقدير للأبعاد الحديثة التي يمكن أن تعرض للأمازيغ في السياقات المعاصرة.

وأشار العديد من النقاد إلى أن هذه الدراما لا تظهر الأمازيغ في أدوار حديثة مثل رؤساء الشركات، المثقفين والفنانين أو السياسيين، وهو ما يكرس الصورة التقليدية التي تقتصر على الأدوار الشعبية أو الريفية، وهذه الملاحظة تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية معالجة هذه القضية في الكتابة الدرامية وتوسيع دائرة تمثيل الأمازيغ في مجالات أكثر تنوعًا وتقدمًا، وتعتبر المخرجة المغربية فاطمة بوبكدي ممن يساهمن في إثراء الدراما الأمازيغية.

وحجزت المخرجة المغربية فاطمة بوبكدي موعد عرض لمسلسلها الجديد “بنت الذيب” في وقت الذروة خلال موسم رمضان المقبل على القناة الثامنة الأمازيغية، بينما وتولى شقيقها علي بوبكدي كتابة السيناريو لهذا العمل، الذي يأتي بديلا عن الجزء الخامس من مسلسل “بابا علي”، الذي لم يعتمد ضمن طلبات العروض الخاصة بالموسم الجديد، رغم أن المخرجة تعرف بكونها من أبرز المخرجات في مجال السينما والتلفزيون سواء بالدارجة المغربية أو الأمازيغية، عندما قدمت أعمال تجمع بين الخيال والمغامرة ومستوحاة من الحكايات الشعبية المغربية، ما أكسبها لقب “سيدة الحكي والتراث”، فهي خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، وبدأت مسيرتها الفنية من المسرح، وعملت إلى جانب فريدة بورقية كمساعدة مخرج، ثم كتبت سيناريوهات مع مخرجين بارزين مثل الراحل محمد إسماعيل وحسن بنجلون وعبد المجيد الرشيش، قبل أن تقدم فيلمها التلفزيوني الأول “باب الأمل” عام 1999.

وأختارت بوبكدي الحفاظ على قالب مسلسل “بابا علي” في عملها الجديد، الذي تعتمد فيه على ديكورات البادية وإبراز الحياة القروية الأمازيغية، لكن يواجه هذا النهج بعض الانتقادات، خاصة عندما يرى بعض  المهتمين بالدراما الأمازيغية أن التركيز المستمر على الصورة النمطية للأمازيغ كأفراد قادمين من الجبال فقط، يحد من التنوع الإبداعي، وأن استمرار الأعمال الأمازيغية في القوالب التقليدية يجعل الأمازيغ يظهرون وكأنهم يعيشون في زمن جامد، من حيث الديكورات والملابس والمواضيع.

ويعيد المسلسل الجديد  الممثلة نورة الولتيتي إلى الساحة بعد أن اعتزلت إثر تصريحاتها عن ضعف الإنتاج خلال مشاركتها في أحد أجزاء “بابا علي”، كما يشارك في البطولة كل من الحسين برداوز وعبدالله التاجر وعبد الرحمن أكزوم وعمر المنصور وحسن العليوي وغيرهم من الأسماء الأمازيغية البارزة، بينما أعرب جمهور “بابا علي” عن استيائه من رفض القناة الثامنة لعرض الجزء الخامس من المسلسل، خصوصا أنه حظي بشعبية واسعة بين الناطقين بالأمازيغية وغير الناطقين بها، وكان المخرج مصطفى أشاور قد كشف في وقت سابق عن تقديمه رؤيته الخاصة بالجزء الجديد، إلا أن القناة اكتفت بالأجزاء الأربعة السابقة.

وتدور أحداث المسلسل حول شخصية رجل بسيط يتفاعل مع محيطه العائلي والمجتمعي داخل قرية أمازيغية، مستعرضا التراث المغربي الغني، وقد تميزت الأجزاء السابقة بمناقشة قضايا دينية واجتماعية، من بينها الجدل بين فقيه متشدد وآخر معتدل حول قضايا الدين والتعايش، كما ركز على مكانة المرأة الأمازيغية، عندما ظهرت في أدوار قيادية، مستندة إلى التاريخ الأمازيغي الذي لطالما منح النساء موقعًا بارزا في المجتمع.

وتبقى فاطمة بوبكدي مخرجة متفردة في المشهد السينمائي المغربي، حينما نجحت في تقديم أعمال سينمائية وتلفزيونية بارزة، مثل “حديدان”، “رمانة وبرطال”، و”أناطو”. وبينما يستمر الجدل حول ضرورة تجديد الدراما الأمازيغية، يترقب الجمهور كيف سيقدمها “بنت الذيب” في ظل رؤيتها الفنية التي تمزج بين التراث والدراما المعاصرة.