دمشق – يواصل المخرج السوري الليث حجو تركيز عدسة كاميراته في بلدة الغسانية بريف اللاذقية، لاستكمال تصوير مشاهد “البطل” الذي تنسج حكايته “بجهود جبارة من كل الأبطال الذين ساهموا وما زالوا يعملون بحب لتلامس حكايتهم قلوب المشاهدين في رمضان على شاشة ‘إم بي سي’ ومنصة شاهد”، وفق قول حجو.

والمسلسل الذي نجح في شد المشاهدين إليه منذ الانطلاق في عرضه ببداية الموسم الرمضاني، يقدم مفهوم البطولة برؤية جديدة ومختلفة، فكاميرا حجو تتبع رحلة إنسان عادي حولته الظروف المحيطة إلى بطل، وقد اتخذ مخرج العمل من ريف اللاذقية مسرحًا للأحداث بوصفها منطقة تتمتع بطبيعة ساحرة تتناسب مع أجواء القصة الدرامية العميقة.

وأعرب حجو عن سعادته بالتصوير في الريف، قائلا في تدوينة نشرها على حسابه بإنستغرام “تمثل العودة للتصوير في أرياف بلادي خطوة نحو شريط من الذكريات مليء بأصوات من رحلوا، نضال وأديب…. من ضيعة ضايعة إلى البطل تغيّر الكثير لتبقى الذكريات ومواقع التصوير الطبيعية التي نجدها في هذه الأرياف هي إحدى الشراكات الثابتة التي تدفعنا للاستمرار”.

ويستند حجو الذي شارك في تأليف المسلسل إلى جانب رامي كوسا إلى نص مستوحى من فكرة للكاتب السوري الراحل ممدوح عدوان، والتي تعكس تحليلاً اجتماعيا وسياسيا معمقا لمفاهيم السلطة والشجاعة والتضحية.

وأوضح حجو في تدوينة أن ممدوح عدوان قدّم في الثمانينات عملا مسرحيا يحمل عنوان “زيارة الملكة”، وأنهما معا كانا في عام 2003 بصدد التحضير لتحويله إلى نص تلفزيوني ولكن توقف المشروع نتيجة رحيل الكاتب عام 2004.

وتابع أن “حكاية ‘بطل’ مشروع بدأه عدوان، نسجه بحرفية قد تكون وصلت لدرجة قراءة مستقبل شعوبنا والتنبؤ بما ينتظرها.. اليوم… نحاول أن نعيد الحكاية بكل أمانة وإخلاص لرؤية عدوان، في محاولة أخرى لصناعة دراما أقرب للواقع”، مؤكدا أن ممدوح عدوان – عبر أدبه- استطاع بكل واقعية أن يروي حكاية تصلح لكل زمان ومكان.

وفي تقديمه للبطل يقول الراحل ممدوح عدوان “وسيعرف الناس أن البطل الذي يتفاخر الجميع به هو إنسان عادي.. لماذا تريدون أن توهموا الناس أن البطل شيء من طينة غير طينتهم؟ دعوه يظهر كما هو، إنساناً عادياً. أتعرف ماذا تستفيد؟ يكتشف الناس جميعاً أنهم يستطيعون أن يكونوا أبطالاً.”

وفي المسلسل الذي عالجه دراميا لواء يازجي وكتب السيناريو والحوار الخاص به رامي كوسا الكثير من القصص الحزينة التي تجسد الواقع السوري خلال فترة الحرب، فهو يضيء على الصراع بين الأخلاق والقيم، والنفوذ والسلطة من خلال مصائر بسطاء يعيشون في الريف ويواجهون السطوة، والاستغلال، والعوز، وخيارات الحياة المحدودة.

وفي عمله الأحدث “البطل” يلتقط المخرج السوري الليث حجو صراعا بين جيلين، حيث يقدم عملا فنيا قائما على شبكة من العلاقات الاجتماعية التي يحركها بحث “البطل” عن العدالة والخدمات الأساسية لأهل قريته، فيلامس حجو بذلك الواقع السوري من دون مبالغات أو تكلف.

ويوغل رامي كوسا في نسج شخصية “يوسف عيد الصالح” (جسدها الفنان بسام كوسا) التي تجمع بين القوة والهشاشة الإنسانية، وقد كتب رامي في تقديمه لهذه الشخصية عبر حسابه على إنستغرام “فيه كتير من أبي، الحنية والاستقامة والمبادئ والنزاهة والشدة يلي مو دايما صح.. أستاذنا، ونجمنا، وواجهتنا الحلوة، النجم بسام كوسا”.

ويطل بسام كوسا خلال الموسم الرمضاني الحالي بشخصية جديدة ومختلفة، حيث نزع عنه ثوب الشخصيات الشريرة والمعقدة التي قدمها في عدة أعمال رمضانية سابقة من بينها “تاج” و”مال القبان”.

وشد أداء فريق العمل المميز المشاهدين، حيث أشاد الكثير من رواد المواقع الاجتماعية بعدد من الشخصيات في سلسلة من التغريدات من بينها قول مغردة “تغريدة حب وامتنان لسوريا لأنها أنجبت أعظم وأفضل ممثل عربي بسام كوسا، وكتبت مغردة أخرى “كل ما نقول أداء محمود نصر بحلقة انهاردة عالي وعظيم جدا نلاقي الحلقة اللي بعدها بيفاجئنا والأداء بيكون أعلى وأفخم وأقوى.. محمود نصر جوكر بمعنى الكلمة”، وأضافت مغردة أخرى “يا الله شو بتمثلي الدور بطريقة بتجنن! جد أدائك كوميدي بطريقة رهيبة، كل لقطة بتضحكني أكتر من اللي قبلها. مش بس اسطوريةة، كمان جمالك بزيد المشاهد حلاوة! إنتِ فنانة بكل معنى الكلمة، وبتمثلي الشخصية بإحساس ومرح بيخلي الواحد ينبسط وهو بيتفرج، إحنا دائماً بندعمك وبنحبك نور علي”.

وكتبت مغردة “مسلسل البطل مشغول بمهارة. البطولة لبسام كوسا ومحمود نصر مع ريم علي، أمام فرادة كاميرا المخرج الليث حجو. أوجاع السوريين في نصّ رامي كوسا؛ والآهات الإنسانية، حين تُهجَر المنازل وتتعذَّر الحياة الكريمة. نرى الحرب في الخلفية، لكنها أيضاً في المقعد الأمامي. متوحّشة حتى على هيئة انقطاع كهرباء وغياب تدفئة وإهمال حكومي بذريعة اندلاعها”.

وتابعت “انطلاقته تُبشِّر بعمل حقيقي، شخصياته حيّة. شلل ‘يوسف’ (كوسا) يقلب السياق. وصوته وهو يروي الأحداث مثل قصيدة جريحة يبلغ بالمستوى مرتبة عليا. نرى شرارات غضب بعد اختناق، وصرخة بعد الصمت الخائف”.

ومن جهته، قال الليث حجو في تدوينة نشرها عبر حساباته على المواقع الاجتماعية “تصميم الشخصيات ‘الكاركترات’ ليس مجرد طبقة ألوان توضع على الوجوه فحسب، وإنما هي طبقات ومستويات من اللمسات السحرية التي تتوغل داخل كل ممثل محترف لتنتج مستوى آخر من الإحساس والإبداع.. ردينا ثابت سويداني الشريكة الدائمة والعلامة الفارقة في تصميم كل الشخصيات”.

ويجمع المسلسل الذي ينتمي للأعمال الدرامية الطويلة إلى جانب بسام كوسا، محمود نصر ونور علي، نخبة من النجوم بينهم خالد شباط (مروان)، نانسي خوري (سلافة)، وسام رضا (مجد)، هيما إسماعيل (رانيا)، جرجس جبارة (أبو عدنان)، جيانا عيد (سمرا – أم فرج)، حسين عباس (راجح)، جمال العلي (زهير)، رسل الحسين (راما)، همام أيمن رضا (عدنان)، جلال شموط (عماد)، علاء قاسم (هشام)، وصباح سالم (أم نجيب).

وتدور أحداث العمل الذي أنتجته شركة “بنتالينز” حول قصة رجل في منتصف العمر يدعى “يوسف عيد الصالح” (جسده الفنان بسام كوسا) بعد أن يضحي بنفسه لإنقاذ مراهق من براثن نيران مميتة، يصبح بطلًا يتغنى به أهل القرية، لكنه سرعان ما يجد نفسه وسط معركة نفوذ ضد بلطجي ماكر.

وتستمر كاميرا حجو بالدوران بريف اللاذقية بالتزامن مع عرض العمل، ويعود سبب عدم الانتهاء بعد من التصوير للانقطاع الذي عاشه الفريق في ظل الأحداث التي مرت بها سوريا وسقوط النظام السابق، ورغم العودة للتصوير في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن التصوير مستمر لـ”البطل” يلهم المشاهدين كيف تكون البطولة!