تونس – تقدم عدد من أعضاء المجالس المحلية والجهوية بمبادرة تشريعية إلى الغرفتين النيابيتين بالبرلمان التونسي تقضي بتأجيل الانتخابات البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية متكونة من أعضاء مجالس محلية وكفاءات إدارية، في ظل تواصل الغموض الذي يحيط بمصير الاستحقاق مع عدم تحديد موعد واضح له بعد الفشل في اجرائه السنة الماضية.

ويرى المبادرون أن أعضاء المجالس “هم الأقرب للمواطن ويمكنهم تسيير الشؤون المحلية بكفاءة وتحقيق أهداف التنمية”، مطالبين بتأجيل الانتخابات المقررة إلى موعد لاحق، مع إصدار قانون يمكن من تركيز نيابات خصوصية مختلطة تدعم تحقيق أهداف التنمية وتسيير الشؤون المحلية بكفاءة.

وقال مقترحو هذه المبادرة التشريعية في وثيقة شرحوا فيها أسباب الاقتراح إن “مهمة الكتاب العامين للبلديات لتسيير شؤونها حددت مؤقتًا لكن هذا التسيير يفتقر أحيانًا إلى العمق التشاركي اللازم لتحقيق التنمية المحلية”، فضلًا عن “الأعباء المالية والاقتصادية بتخصيص ميزانية للانتخابات البلدية لسنة 2025، في حين أن الوضع الاقتصادي الراهن لا يحتمل أعباء إضافية”.

ولفتوا إلى أن مسألة “الخبرة العملية المكتسبة للمجالس المحلية التي تؤهلها لتسيير البلديات بكفاءة، بعد سنة تقريبا من العمل المتواصل، مما يعزز الثقة الشعبية ويحقق تمثيلا متوازنا مقارنة بالانتخابات البلدية التي قد تؤدي إلى إقصاء بعض العمادات”.

وتضغط أوساط سياسية في تونس من أجل إصدار قانون ينظم هذه الانتخابات، فيما ينادي البعض بتوضيح العلاقة بين المجالس البلدية والمحلية من أجل تفادي الخلط بينها.

وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر قال إن “الانتخابات البلدية موجودة ولا مفر منها، والمجالس البلدية منصوص عليها في الدستور الجديد الذي تم إقراره في العام 2022″، مضيفا أن “إجراءها مسألة مرتبطة بصدور قانون لتنظيم عمل هذه المجالس بشكل أكثر دقة ووضوحا”.

ويثير المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يمثل الغرفة الثانية للبرلمان التونسي جدلا بين التونسيين، لا سيما في غياب قانون ينظم دوره وصلاحياته، بينما يرى مراقبون أن الأهم في المجلس هو أنه أحد أعمدة إنشاء ما يُعرف بـ”النظام القاعدي” في تونس القائم على تعزيز دور المواطن وتمكينه من السلطة.

ويتكون المجلس من 77 نائبا يمثلون أقاليم تونس الخمسة، تم اختيارهم بانتخابات غير مباشرة من بين أعضاء المجالس المحلية، أُجريت على دورتين في 23 ديسمبر/كانون الأول 2023 و4 فبراير/شباط 2024 تلاها اختيار أعضاء المجالس الجهوية والأقاليم.
ويعتبر الخطوة الأخيرة في تعزيز مؤسسات النظام السياسي الجديد، الذي شرع في إرسائه الرئيس التونسي قيس سعيد منذ اتخاذه الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 والتي شملت حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى تونسية معارضة تلك الإجراءات “تكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.