الصالح نيوز :
الأخبار الزائفة خطر يهدد السلم المجتمعي في تونس
الأخبار الزائفة خطر يهدد السلم المجتمعي في تونس
الصالح نيوز :
الأخبار الزائفة خطر يهدد السلم المجتمعي في تونس
الأخبار الزائفة خطر يهدد السلم المجتمعي في تونس
أظهرت دراسة أنجزها فريق من الباحثين من معهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس أن تقنيات وأساليب وتكتيكات التضليل المعلوماتي يمكن تصنيفها وفق عدة أشكال أبرزها بناء شبكات منظمة للترويج للمضامين ذاتها في صفحات ومجموعات، وإدارة الصفحات من الخارج لتجاوز الآليات القانونية، وتمويل صفحات من أطراف أخرى لصالح سياسيين أو أحزاب، وتغيير طبيعة الصفحات في السياقات الانتخابية على وجه الخصوص، وخلق حسابات من الخارج والترويج لها كصفحات تدار من الداخل، وتقليد الخدمات الإخبارية والمؤسسات الإعلامية، بالإضافة إلى استخدام تقنيات الإثارة والمشاعر.
وجاءت هذه الدراسة في إطار مشروع “لابتراك” حول “التضليل المعلوماتي السياسي: المقاربات النظرية والفاعلون والتكتيكات في السياق التونسي”.
وأشار الصحفي صابر العياري مدقق للأخبار الزائفة بمنصة “تونس تتحرى” في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إلى أن الأخبار الزائفة تستغل أحيانا لتوجيه الرأي العام وتضليله، خاصة خلال الفترات الانتخابية والأزمات كما حصل عند انتشار فيروس كورونا، وما تم ترويجه آنذاك حول الأدوية والتلاقيح وفقدان المواد الأساسية.
وأكد على أن “الأخبار الزائفة والمضللة هي خطر يهدد السلم المجتمعي، ويتسبب في الانقسامات والخلافات بين الفئات والمناطق، ويخترق كافة المجالات دون استثناء”، غير مستبعد لوجود ما أسماه بـ”الغرف المظلمة” التي تتم فيها صياغة مثل هذه الأخبار لبلوغ غايات وأهداف معينة.
وتكشف العديد من الدراسات على غرار تلك التي يصدرها معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” الأميركي، أن الأخبار الكاذبة والزائفة تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي بسرعة أكبر من الأخبار الحقيقة وبفارق كبير، نتيجة إعادة نشرها باستمرار من قبل الأشخاص، وهو ما يتجلى على سبيل المثال في تعامل تونس مع ملف الهجرة غير النظامية، الذي استوجب من وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج إصدار بيان خلال الشهر الجاري لنفي “المزاعم المغرضة والأخبار الزائفة والمضللة التي تم تداولها، والتي لا تعكس حقيقة الموقف التونسي وحقيقة التعامل مع الملف”.
ولفت العياري إلى أن هذا النوع من الأخبار موجود أكثر في مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبارها لا تخضع للمراقبة والمتابعة والتدقيق ومفتوحة للجميع وسهلة الاستعمال، وهو ما يساهم في ارتفاع عدد الأخبار الزائفة وانتشارها على أوسع نطاق، خلافا لوسائل الإعلام التي تحكمها منهجية وأخلاقيات المهنة.
وشاطرت أروى الكعلي، أستاذة في مادة التحقق من الأخبار بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار وباحثة في علوم الاتصال، العياري رأيه، حيث لاحظت أن العالم يعيش اليوم على وقع “الاضطراب المعلوماتي” وتواجهه العديد من المحتويات والمعلومات والإدعاءات التي يمكن أن تكون صحيحة كما يمكن أن تكون خاطئة ومضللة ومنشورة في الفضاء العام خاصة الفضاء الرقمي، دون أن يكون لها أي أساس من الصحة.
وأكدت في هذا الجانب، وجود معلومات ومحتويات في الفضاء الرقمي تشمل كافة المجالات، بهدف التضليل وتصديق سردية أو وجهة نظر معينة أو اتباع جهة بعينها أو اقتناء منتج ما، مبينة أن هذه الظاهرة مركبة إلى حد ما، وتتداخل فيها عناصر متعددة كسهولة إنتاج هذه الأخبار وانخفاض كلفة نشرها.
وأشارت إلى أن غالبية المحتوى الذي ينشره التونسيون في الفضاءات الرقمية يعتمد على التزييف والتضليل المنخفض الكلفة، خلافا لمحتويات التضليل العميقة “ديب فايك” التي تستعمل فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي، معتبرة أن إنشاء صفحات بطريقة غير مكلفة تجعل الخطر أكبر لأن نشاطات التضليل ستصبح منظمة.
وذكر أستاذ القانون العام أيمن الزغدودي لـ”وات” بأن القانون التونسي جرم الأخبار الزائفة في تشريعين اثنين، الأول هو المرسوم 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، وتحديدا في فصله 54 الذي جرم نشرها وأقر عقوبة تتمثل في خطية مالية، باعتبار أن جريمة نشر الأخبار الزائفة تؤكد وجود سوء نية في نشرها بما من شأنه أن يضر بالأمن العام.
ويتمثل النص الثاني في المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال الذي جرم في الفصل 24 منه نشر الأخبار الزائفة والإشاعات والأخبار والبيانات الكاذبة التي من شأنها أن تحدث ضرارا بالمؤسسات والأشخاص، ووضع عقوبة لها أشد من المرسوم 115، تتراوح بين 5 و10 سنوات سجنا وخطية مالية من 50 ألف دينار إلى 100 ألف دينار، وفق الزغدودي.
وحول أي النصين يتم تطبيقه على الأخبار الزائفة، بين الزغدودي أن هذا الجدل يجيب عليه قرار محكمة التعقيب الصادر مؤخرا في علاقة بقضية المحامية سنية الدهماني، والذي أقرت من خلاله تطبيق المرسوم 115 على الصحافيين ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة، مما يحيل إلى الفهم بأن المرسوم 54 ينطبق على كل ما ينشر في الفضاء الافتراضي من قبل الأفراد باستثناء الصحافيين.
وكانت وزارة العدل قد أكدت في 14 يوليو/تموز 2023 أنه سيقع تتبع كل من يعمد إلى القيام بحملات مغرضة ضد مؤسسات الدولة والإطارات القضائية أو الإدارية، وبث الإشاعات وترويج الأكاذيب، أو الاعتداء على الأعراض وتشويه السمعة، وكل من يساهم في نشرها بشكل ممنهج، يضع نفسه تحت طائلة المساءلة القانونية سواء داخل تونس أو خارجها.
كما تمت أيضا في 24 أغسطس/آب 2023 إثارة تتبعات جزائية للكشف عن هوية أصحاب ومستغلي صفحات وحسابات ومجموعات إلكترونية، تعمد إلى استغلال هذه المنصات لإنتاج أخبار كاذبة ونسبة أمور غير حقيقية، بهدف التشهير وتشويه السمعة أو الإدعاء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام والسلم الاجتماعي، والمساس بمصالح الدولة التونسية والسعي إلى تشويه رموزها.
وفي تصريحات سابقة، كان الباحث في الميديا الدكتور الصادق الحمامي أكد أنه يتعين على الصحافة المهنية استعادة وظيفة التحري إذا ما أرادت أن تنافس الميديا الاجتماعية، وأن الإعلام التونسي مطالب بإنقاذ الرأي العام من الأخبار الزائفة ودفعه إلى الشك في الأخبار المنشورة وعقلنة سلوكيات تقصي الأخبار.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أكد على هذا الدور أيضا خلال لقائه برؤساء مؤسسات الإعلام العمومي يوم 11 فبراير/شباط الجاري، في ظل تواتر الإشاعات الزائفة والصفحات المأجورة في الداخل والخارج التي لا هم لها سوى نشر الأكاذيب.
وأوضحت الكعلي أنه يمكن لأي كان أن يساهم في نشر أخبار مضللة دون أن تكون له النية في ذلك، وذلك من خلال نشر صورة أو صورة مصاحبة بتعليق غير صحيح أو اقتطاع معلومات من مقاطع مصورة، مضيفة أن عملية تكرار هذه المعلومات يجعلها تترسخ وتحولها من مغلوطة إلى محتويات يتشاركها الجميع دون معرفة أنها غير صحيحة.
وأشارت إلى أن الذي يبحر على منصات التواصل الاجتماعي وفي الفضاء الرقمي ليس لديه دائما الآليات التي تسمح له بالتحري في المعلومة أو حتى التشكيك فيها، ليأتي دور وسائل الإعلام في هذا الجانب ويؤكد أن أحدث الدراسات أثبتت أن شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر مصدرا للأخبار بالنسبة إلى المستخدمين، لكنها لا تخضع لعدة معايير كالتي تخضع لها وسائل الإعلام في علاقة بالرقابة والمتابعة والتعديل.
وأبرزت الدور المهم لمنصات التحقق من الأخبار الزائفة التي تدفع القارئ تدريجيا وعلى المدى الطويل إلى التفكير والتشكيك في المحتوى وتبني مهارات نقدية تجعله يتثبت من المعلومة، وذلك بالإضافة إلى دور هذه المنصات في التحقق من المعلومات وتصريحات السياسيين وما تنتجه وسائل الإعلام، منوهة بفكرة إنشاء خلايا رصد للتقصي من الأخبار بالمؤسسات الإعلامية التي تحظى بجمهور عريض.
ولاحظت أن التقصي من المعلومات ليس علاجا لظاهرة التضليل والأخبار الزائفة، باعتبارها مركبة وتتضمن جوانب قد تتجاوز منصات التدقيق، على غرار وجود تمويلات لدعم أخبار مضللة، وهو ما يؤكد وجود ممارسات منظمة أحيانا تطال الجمهور، مشددة في هذا الجانب، على دور الدولة في توفير المعلومات والتصريحات الرسمية، ودور التشريعات في التصدي لهذه الظاهرة وكذلك دور وسائل الإعلام وغيرها في توعية الجمهور.
كما أكدت على ضرورة إرساء مقاربة شاملة للتعامل مع الظاهرة، باعتبار أن التحقق جزء من المقاربة وليس كلها، وأن منصات التدقيق من الأخبار الزائفة يجب أن ترتكز في عملها على الشفافية والحياد، كما تواجه تحديات أبرزها تواصل التمويلات المالية.
واعتبر العياري أن وسائل الإعلام التقليدية يمكن أن تساهم بدورها في نشر أخبار زائفة عند اكتفائها بمصدر وحيد، مبينا أن تعدد المصادر وتطابقها وانفتاح المصادر الرسمية على الإعلام وتوجيه المعلومة الدقيقة إلى المواطن، من شأنه أن يحد من نشر الأخبار المضللة وتفنيدها حال صدورها.
ودعا الجمهور إلى التعامل مع الأخبار بموضوعية والتحقق منها من خلال منصات التدقيق ومواقع موضوعة للتثبت من الصور والفيديوهات، والرجوع إلى المصادر الأساسية ووسائل الإعلام الموثوقة.
الصالح نيوز :
الأخبار الزائفة خطر يهدد السلم المجتمعي في تونس
الصالح نيوز :
الأخبار الزائفة خطر يهدد السلم المجتمعي في تونس
#الأخبار #الزائفة #خطر #يهدد #السلم #المجتمعي #في #تونس
