بكين – وجدت دراسة صينية عن أن امتلاك عضلات قوية يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، بغضّ النظر عن الاستعداد الوراثي للإصابة بالمرض.

أجرى باحثون من كلية الصحة العامة بكلية الطب في جامعة هونغ كونغ (HKUMed) دراسة وبائية واسعة النطاق لاستكشاف الفوائد الصحية المحتملة لقوة العضلات العالية في الوقاية من داء السكري من النوع 2 (T2D) عبر مستويات مختلفة من الخطر الوراثي.

وأظهرت الدراسة أن القوة العضلية العالية مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بداء السكري من النوع 2 بأكثر من 40 بالمئة بغض النظر عن الاستعداد الوراثي لهذا المرض.

وتبرز الدراسة أهمية الحفاظ على أو تحسين قوة العضلات كإستراتيجية رئيسية للوقاية من داء السكري من النوع 2. وقد نُشرت النتائج في مجلة BMC Medicine.

يُعد داء السكري من النوع 2 واحدًا من أكثر الاضطرابات الأيضية المزمنة شيوعًا، ويرتبط بزيادة خطر حدوث مضاعفات متعددة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم وتضييق الأوعية الدموية. ويتميز بارتفاع مستويات السكر في الدم (فرط سكر الدم) نتيجة مقاومة الأنسولين وضعف إفراز الأنسولين.

تشير الأدلة إلى أن حوالي 10 بالمئة سكان العالم يعانون من داء السكري من النوع 2، مما يجعل الوقاية منه قضية صحية عامة عالمية ذات أهمية كبيرة. ويمكن أن ينجم داء السكري من النوع 2 عن تفاعل بين الصفات الوراثية غير المعدلة وعوامل نمط الحياة المعدلة. وتعتبر القوة العضلية جانبًا مهمًا من اللياقة العضلية، وقد وُجد أنها مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأيضية المختلفة بما في ذلك داء السكري من النوع 2.

ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان تحسين القوة العضلية يجب أن يُعتبر إستراتيجية للوقاية من داء السكري من النوع 2 لدى الأفراد ذوي مستويات الخطر الوراثي المختلفة، وخاصةً أولئك الذين لديهم استعداد وراثي عالٍ لهذا المرض.

واستُخدمت بيانات من 141,848 فردًا من البريطانيين البيض الخاليين من داء السكري من النوع 2 في البداية من قاعدة بيانات UK Biobank، وهي دراسة متابعة مستقبلية تشمل أكثر من 500 الف بالغ بريطاني وتحتوي على معلومات وراثية وفينوتيبية موسعة. تم تقييم القوة العضلية من خلال قياس قوة القبضة، وتم تقدير الخطر الوراثي لداء السكري من النوع 2 بناءً على 138 متغيرًا وراثيًا معروفًا.

تمت متابعة المشاركين لأكثر من سبع سنوات، وخلال فترة المتابعة تم تحديد 4,743 حالة جديدة من داء السكري من النوع 2. وأشارت النتائج إلى أن الأفراد الذين يمتلكون قوة عضلية عالية لديهم خطر نسبي أقل بنسبة 44 بالمئة لتطوير داء السكري من النوع 2 مقارنةً بمن لديهم قوة عضلية منخفضة، حتى بعد الأخذ في الاعتبار الخطر الوراثي والعوامل الأخرى.

علاوة على ذلك، لوحظ تفاعل بين القوة العضلية والاستعداد الوراثي لداء السكري من النوع 2، مما يشير إلى أن القوة العضلية قد تلعب دورًا في تعديل تأثير الخطر الوراثي على ظهور داء السكري من النوع 2.

وكشفت النتائج أيضًا أن الأفراد ذوي الخطر الوراثي العالي لداء السكري من النوع 2 الذين يمتلكون قوة عضلية عالية قد يكون لديهم خطر مطلق أقل للإصابة بالمرض مقارنةً بأولئك الذين لديهم خطر وراثي منخفض أو متوسط لكنهم يمتلكون قوة عضلية منخفضة.

تكشف هذه الدراسة عن أول ارتباطات مستقبلية بين القوة العضلية والاستعداد الوراثي لداء السكري من النوع 2 وخطر الإصابة بالمرض.

وأكد الدكتور وانغ منغياو من كلية الصحة العامة في HKUMed، أول مؤلف للدراسة، على أن النتائج تؤكد الدور الحيوي للحفاظ على أو تعزيز القوة العضلية كإستراتيجية رئيسية للوقاية من داء السكري من النوع 2 لدى البالغين في منتصف العمر وكبار السن، بغض النظر عن مستويات الخطر الوراثي لديهم، بما في ذلك أولئك المعرضين لخطر وراثي مرتفع.

وأشار الأستاذ ريان أو يانغ، أستاذ مساعد من كلية الصحة العامة في HKUMed، إلى أن الدراسة تسلط الضوء على أهمية الدراسات القائمة على قواعد البيانات البيولوجية (Biobank) في فحص التفاعل بين العوامل البيئية والوراثية وتأثيرها على خطر الإصابة بداء السكري من النوع 2، وأكد على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث باستخدام دراسات Biobank مخصصة للأعراق الأخرى لمعرفة ما إذا كانت النتائج قابلة للتعميم على شعوب أخرى مثل شعوب شرق آسيا.

وأضاف الأستاذ يونغ وون كيم، المؤلف المراسل للدراسة، أن الدراسة تدعم الإرشادات الصحية الحالية التي توصي بأن يمارس البالغون نشاطات تقوية العضلات لمدة يومين على الأقل في الأسبوع كإجراء وقائي ضد الأمراض.