باريس – قدم مجلس الشيوخ الفرنسي الأربعاء اقتراحا لمراجعة اتفاق التعاون في مجال الهجرة المبرم بين فرنسا والجزائر عام 1968، فيما يبدو أن فرنسا تتجه إلى إلغاء الامتيازات التي يتمتع بها المهاجرون الجزائريون، في أحدث حلقة من حلقات التوتر بين البلدين، لا سيما بعد أن قابلت السلطات الجزائرية كافة الدعوات للتهدئة من قبل باريس بالتصعيد، بينما أثارت هذه الخطوة جدلا في فرنسا، لا سيما في ظل حالة الانقسام بشأن هذا الملف.

وبين دعوات الضغط على الجزائر ومواجهة تصعيدها بالتصعيد ودعوات حل الأزمة بالحوار ومناقشة الملفات الخلافية، يبقى ملف العلاقات المتذبذبة في صلب النقاش السياسي كحتمية فرضتها حالات التشابك والتداخل في المصالح واعتبارات فرضها التاريخ الاستعماري.

وتأتي هذه المبادرة بعد أن طالبت العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية الفرنسية بضرورة وضع لما وصفوه بـ”الاستفزازات” الجزائرية، فيما ذهب البعض إلى حد مطالبة باريس بالضغط على الجزائر ومعاقبتها، لا سيما بعد أن روج إعلامها الموالي للسلطة لفكرة أن فرنسا هي التي تسعى إلى ترميم علاقاتها مع الجزائر وليس العكس.

ودعا تقرير “الشيوخ الفرنسي” إلى “فتح جولة مفاوضات جديدة مع الجزائر لإعادة التوازن إلى اتفاق 27 ديسمبر/كانون الأول 1968، الذي يمنح الجزائريين امتيازات خاصة في التنقل والإقامة والعمل بفرنسا” موصيا بدراسة تداعيات فشل المفاوضات، بما في ذلك إمكانية إنهاء الاتفاق، وفق موقع “أخبار شمال أفريقيا”.

وأيدت الأغلبية في المجلس الفرنسي المقترح، ما يعكس التوافق مع توجهات وزير الداخلية برونو روتايو الذي وصف في تصريح سابق الاتفاق بـ”البالي”، مشددا على ضرورة التفاوض بشأنه على أسس جديدة.

وأشار التقرير إلى أن “الاتفاق هو نظام يخدم الجانب الجزائري في ما يتعلق بتنقل الأشخاص، ولم يعد ما يبرره اليوم، خاصة أنه في المقابل لا يرافقه أي تعاون في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، لذا تقترح اللجنة إعادة التفاوض للوصول إلى إجراءات متوازنة للطرفين، وإن استحال ذلك وجب نقضه”.

بدوره ندّد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالمقترح، قائلا في مقابلة مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية إن العلاقات بين البلدين تمر بـ”مناخ ضار”.

وتفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين إثر اعتقال السلطات الجزائرية الكاتب بوعلام صنصال في نوفمبر/تشرين الثاني، رافضة كافة الدعوات للإفراج عنه رغم مرضه وتقدمه في العمر، فيما يواجه اتهامات تشمل المساس بوحدة وأمن الجزائر وهي تهم ترقى إلى مستوى الخيانة أو الخيانة العظمى، وفق محاميه، على خلفية إدلائه بتصريحات تضمنت معلومات تاريخية عن مسؤولية فرنسا عن اقتطاع جزء من الصحراء الشرقية المغربية لصالح الجزائر خلال فترة الاستعمار.

وتصاعد التوتر بين البلدين إثر توقيف السلطات الفرنسيين عددا من المؤثرين الجزائريين، بعد نشرهم فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت تحريضا على نشطاء حملة مانيش راضي المنددة بتدهور الأوضاع في الجزائر.

وينظر إلى الجزائر على أنها لا تزال تحت وقع صدمة الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على صحرائه، فيما يرى مراقبون أنها تسعى عبثا إلى الضغط على باريس لمراجعة موقفها، وهو ما يعتبر مستحيلا خاصة وأن الرئيس إيمانويل ماكرون شدد في أكثر من مناسبة على أن “مستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”، متعهدا بدعم الرباط في المحافل الدولة من أجل حسم الملف.