طرابلس – تشهد مدينة العجيلات غرب العاصمة الليبية توترا أمنيا متزايدا، مع احتدام الاشتباكات منذ مساء السبت بين مجموعات مسلحة أُستخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة، ما يشير الى هشاشة الوضع الأمني وعجز حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة عن كبح انفلات السلاح في ظل تواصل الانقسام السياسي وغياب حل توافقي ينهي الأزمة.

وتعد العجيلات من أبرز المناطق في غرب ليبيا التي تعيش انفلاتا أمنيا منذ سنوات بسبب خضوعها لسيطرة مليشيات مسلحة تتنافس على النفوذ والمصالح وهي جماعات متهمة بالتورط في أنشطة اجرامية من بينها ترتيب عمليات الهجرة السرية باتجاه أوروبا.

وحسب وسائل اعلام محلية، تركزت الاشتباكات بين عناصر تضم “الكتيبة 103 مشاة” المعروفة بـ”كتيبة السلعة” بقيادة عثمان اللهب، ومجموعة أخرى تتبع حاتم الفهري، في منطقة بوابة رأس يوسف ومنطقة الجديدة وجنان اعطيه، ما أسفر عن سقوط قتلى من الجانبين وإصابة آخرين.

وتداولت صفحات ليبية على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تفيد تصاعد وتيرة الاشتباكات، وسط مناشدات من السكان المحليين لوقف القتال والتدخل العاجل لاجلاء العالقين، في حين لم تصدر أي جهة حكومية بيانا يوضح سبب هذه المواجهات المسلحة.

وفي ظل التوترات الأمنية، طالب الهلال الأحمر الليبي المواطنين بالابتعاد عن نوافذ وأبواب منازلهم وتجنب الخروج، قبل أن يعلن الجهاز عن تمكنه من إجلاء عدد من الأسر العالقة داخل مناطق الاشتباكات، كما خصص أرقاما للتواصل في حالة حدوث أي طارئ، فيما أعلنت سلطات التربية والتعليم بمنطقة الجديدة تعليق الدراسة إلى حين إشعار آخر، وفق وكالة الانباء الليبية.وليست هذه المرة الأولى التي تندلع فيها اشتباكات مسلحة في الغرب الليبي، ففي منتصف ديسمبر/كانون الاول الماضي وقعت مواجهات عنيفة في مدينة الزاوية والتي أدت إلى سقوط قتيل وعشرة مصابين على الأقل، بالإضافة إلى حرائق في خزانات مصفاة الزاوية لتكرير النفط.

وكانت سلطات طرابلس، قد أطلقت بداية الشهر الجاري عملية أمنية عسكرية في مدينة الزاوية لاستهداف أوكار الجريمة فيها وطرد المليشيات المسيطرة عليها، وشنت أثناءها عدة ضربات على مواقع تلك المليشيات بواسطة الطيران المسيّر. 

ودعت المنطقة العسكرية بالساحل الغربي التابعة للمجلس الرئاسي، المواطنين في المدينة إلى “الابتعاد عن الأماكن والأوكار المشبوهة”، مضيفة “جيشكم في الساحل الغربي يمتلك جميع الإمكانات والوسائل اللازمة للتعامل مع هذه الأوكار، ولن نتوقف حتى يجرى اجتثاث منابع  الفوضى والجريمة المنظمة”، وفق موقع بوابة الوسط.

وكان الدبيبة قد وعد في وقت سابق بحل الإشكالات التي تشهدها من حين إلى آخر مناطق ليبية في غرب البلاد، واقترح دمج الميليشيات المسلحة في القوات النظامية في استنساخ لتجربة الحشد الشعبي العراقي الذي ضمته الحكومة لقوات الأمن والجيش، لكن يبقى استنزاف هذه التجربة محفوفا بالمخاطر على اعتبار أن ولاء تلك الميليشيات هو لقادتها ومصالحها أكثر من ولائها للوطن.

وتشهد ليبيا انتشار ظاهرة المليشيات المسلحة منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011، وانقسمت في 2014 بين فصائل شرقية وغربية متحاربة. وتوقفت أعمال القتال الرئيسية منذ وقف إطلاق النار في عام 2020 لكن لا يوجد مؤشر على حل سياسي دائم، رغم محاولات الأمم المتحدة من خلال بعثتها للدعم في ليبيا، حل أزمة هذه المليشيات ونزع سلاحها واخراجها من المدن، خاصة من خلال الاتفاق السياسي واتفاق وقف إطلاق النار واجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5.