أنقرة – قال مسؤول في وزارة الدفاع التركية اليوم الأربعاء إن عمليات القوات المسلحة التركية ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا مستمرة بما في ذلك أمس الثلاثاء، وذلك عقب اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة ويقودها الأكراد والحكومة الجديدة في دمشق.
ويأتي هذا القرار رغم ترحيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالاتفاق حيث قال الثلاثاء، إن التنفيذ الكامل للاتفاق الموقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وفرهاد عبدي شاهين “مظلوم عبدي” قائد “قسد”، سيخدم الأمن والسلام في سوريا.
ويظهر من إصرار السلطات التركية على مواصلة العمليات العسكرية عدم ثقتهم في نجاح الاتفاق وامكانيات تطبيقه على الأرض. وتعتبر أنقرة قسد امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي أعلن زعيمه المسجون عبدالله أوجلان حله ووقف القتال ضمن ترتيبات للسلام مع تركيا.
ولا يزال الجيش التركي الذي اتهم بتقديم الدعم لقوات الشرع للسيطرة على دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي يحتفظ بنقاط ومواقع عديدة في شمال سوريا. وقد كانت تلك المواقع منطلقا لشن العديد من العمليات العسكرية ضد القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.
كما تواصل القوات التركية دعم مجموعات مسلحة سورية اتهمت بارتكاب تجاوزات وجرائم حرب سواء في المناطق الكردية أو خلال دعمها لقوات الامن العام في القتال في منطقة الساحل لموقف تمرد علوي.
ويعتقد أن السلطات التركية تسعى لجعل سوريا حديقة خلفية للحفاظ على مصالحها وكذلك منع تشكيل دولة كردية على حدودها.
وجاء الإعلان عن الاتفاق بين قسد ودمشق المؤلف من ثمانية بنود ويُفترض أن تعمل لجان مشتركة على إتمام تطبيقه قبل نهاية العام، في وقت تشكل فيه أعمال العنف التي أوقعت أكثر من ألف قتيل مدني، غالبيتهم الساحقة علويون، في الساحل السوري، اختبارا مبكرا للشرع الساعي الى ترسيخ سلطته على كامل التراب السوري.
ونشرت الرئاسة السورية بيانا وقّعه الطرفان الاثنين وجاء فيه أنه تم الاتفاق على “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
ونص كذلك على “دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الاسد وكافة التهديدات التي تهدد امنها ووحدتها”.
ويؤكد الاتفاق كذلك على أن “المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية” التي “تضمن حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية”. ويشدد كذلك على “ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وكافة مؤسسات الدولة”، إضافة الى “رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري”.
وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أميركيا على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز. وشكّلت قوات سوريا الديمقراطية، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019.
قبل عام 2011، عانى الأكراد طيلة عقود من سياسة تهميش اتبعتها الحكومات المتلاحقة، لكن نفوذهم تصاعد بعد انسحاب قوات النظام من مناطق تواجدهم بدءاً من 2012 مع اتساع رقعة النزاع.
وبعدما عانوا خلال حكم عائلة الأسد من تهميش وقمع طوال عقود، حُرموا خلالها من التحدث بلغتهم وإحياء أعيادهم وتم سحب الجنسية من عدد كبير منهم، بنى الأكراد خلال سنوات النزاع إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية.
وشملت الإدارة الذاتية بداية مناطق ذات غالبية كردية قرب الحدود مع تركيا، لكنها توسّعت تدريجيا لتشمل مناطق ذات غالبية عربية مع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وعمادها المقاتلون الأكراد، بدعم أميركي، على مساحات شاسعة كانت تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية.
ويشكل المكون العربي أكثر من ستين في المئة من سكان مناطق الإدارة الذاتية، وفق الباحث في الشأن السوري فابريس بالانش.