دافوس – وجهت إيران رسالة مصالحة إلى زعماء الغرب اليوم الأربعاء في دافوس حيث نفى مسؤول إيراني كبير رغبة بلاده في حيازة أسلحة نووية وعرض إجراء محادثات عن فرص ممكنة بعد أيام من عودة خصمها اللدود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

لكن تصريحات نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف تزامنت مع تحذير الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن طهران تحث الخطى بشدة في تخصيب اليورانيوم قريبا من درجة صنع الأسلحة.

ودعا رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الدبلوماسية بين إيران وترامب الذي انسحب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي الذي كان يفرض قيودا صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية.

وحين سُئل في دافوس عن أهمية الحوار بين طهران وترامب في الوقت الراهن، أجاب غروسي “لا غنى عنه على الإطلاق”. وأضاف في اجتماع مع الصحفيين “من دون الحوار بينهما لن يكون هناك أي تقدم”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يتعين على إيران اتخاذ خطوة أولى نحو تحسين العلاقات مع دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة بتوضيح أنها لا تسعى لتطوير أسلحة نووية.

وتستهدف تصريحات ظريف فيما يبدو تهدئة هذه المخاوف، وسط بواعث للقلق من أن الشرق الأوسط يتجه نحو مزيد من الحروب مع عودة رئيس أميركي وصف طهران في فترة ولايته السابقة بأنها على أول الأشرار في سياسته الخارجية.

ورفض ظريف فكرة سعي طهران للحصول على أسلحة نووية، وعبر عن دعمه لإجراء محادثات لتحسين العلاقات بين إيران ومنتقديها في الغرب.

وقال في حلقة نقاشية “هناك دائما أمل في أن يختار الناس العقلانية. يحدوني الأمل في هذه المرة أن تكون ولاية ‘ترامب2’ أكثر جدية وأكثر تركيزا وأكثر واقعية”، مضيفا أن الجمهورية الإسلامية لا تشكل تهديدا أمنيا للعالم.

ومضى يقول “الوقت الحالي، بالنسبة لنا، هو الوقت المناسب للمضي قدما. كنا ننظر إلى محيطنا باعتباره تهديدا، بسبب تاريخنا. والآن… لا أحد يعتقد أن إيران مكان سهل لتنفيذ ما تدفعه إليه أهواؤه. لذا، يمكننا المضي قدما، انطلاقا من الفرص، وليس على أساس التهديدات. لذا، دعونا نتحدث عن ذلك”.

وقال مسؤولون إيرانيون وعرب وغربيون لرويترز أواخر العام الماضي إن القلق الرئيسي لدى إيران يتمثل في احتمال قيام ترامب بدفع إسرائيل لضرب المواقع النووية الإيرانية وإعادة فرض “سياسة الضغط الأقصى” بمزيد من العقوبات على نفطها.

وأوضح ترامب في كلمة أثناء حملته الانتخابية في أكتوبر/تشرين الأول عدم رغبته في خوض حرب مع إيران، لكنه قال إن إسرائيل يجب أن “تضرب البرنامج النووي الإيراني أولا ثم تهتم بالباقي لاحقا”، ردا على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

وفي عام 2018، تراجع الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى عن الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في عام 2015، وأعاد فرض العقوبات الأميركية القاسية كجزء من سياسة “الضغط الأقصى” على إيران. وردت طهران بانتهاك الاتفاق بعدة طرق، بما في ذلك تسريع تخصيب اليورانيوم.

وقال غروسي الشهر الماضي إن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها ستسرع “بشكل كبير” وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة لتقترب بذلك من الدرجة اللازمة لصنع أسلحة نووية وهي 90 بالمئة تقريبا.

ووصفت قوى غربية هذه الخطوة بأنها تصعيد خطير وقالت إنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى وإن أي دولة فعلت ذلك أنتجت أسلحة نووية. وتقول إيران إن برنامجها سلمي بالكامل ولها الحق في تخصيب اليورانيوم إلى أي مستوى تريده.

وقال غروسي في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي اليوم “في السابق كانت تنتج ما يقارب سبعة كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 بالمئة شهريا، والآن أصبحت تنتج أكثر من 30 كيلوغراما أو أكثر من ذلك. لذا، أعتقد أن هذا مؤشر واضح على التسارع. إنهم يتحركون بسرعة”.

ووفقا لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن نحو 42 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب إلى هذا المستوى يكفي مبدئيا، إذا تم تخصيبه إلى درجة نقاء أعلى، لصنع قنبلة نووية واحدة. وقال غروسي إن إيران لديها حاليا نحو 200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 بالمئة.

وتابع أنه على الرغم من أن تركيب أجهزة الطرد المركزي الإضافية وتشغيلها سيستغرق بعض الوقت، فإن التسارع بدأ في الظهور، مضيفا “سنبدأ في رؤية زيادات مطردة من الآن”.

وأثار غروسي أيضا إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد، قائلا “يمكن للمرء أن يستنتج من التصريحات الأولى للرئيس ترامب وآخرين في الإدارة الجديدة أن هناك ميلا، إذا جاز التعبير، إلى إجراء حوار وربما الانتقال إلى شكل من أشكال الاتفاق”.